تُعتبَر قطر أحد أكبر المنافسين في السوق العالمي للغاز الطبيعي المسال، لتمتعها بموقع استراتيجي بين آسيا وأوروبا، ومواصلتها توسعة مشاريع الغاز، وانخفاض تكلفة إنتاجه، وإنشائها البنية التحتية واللوجستية في أكبر حقل للغاز المسال في العالم.
كما تمتلك قطر أكبر أسطول لنقل الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، والذي يضم 69 سفينة وتدير 4 سفن لنقل غاز البترول المسال ووحدة عائمة لتخزين وإعادة الغاز المسال لحالته الطبيعية، ما يتيح لها القدرة على المنافسة لاقتناص فرص التصدير للقارة العجوز التي انخفضت مخزوناتها إلى مستويات قياسية.
يشير الكاتب المتخصص في شؤون الطاقة، طارق الشيخ، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال شهدت صعودا لافتا خلال السنوات القليلة الماضية، بعكس قطر التي ما زالت تنتج بمعدلاتها المعتادة وبنظرة مستقبلية للتوسعة وزيادة إنتاجها من الغاز المسال خلال السنوات القليلة المقبلة. كما ارتفعت تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية خلال العام الماضي، بهامش معدل سنوي يقدر بـ1.5% وتجاوز362.8 مليون طن، حسب الشيخ.
وزادت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال بمعدل سنوي بلغ 1% فقط الى نحو 77.7 مليون طن، وارتفعت صادرات أستراليا قرابة 0.5% وبمعدل سنوي 77.3 مليون طن، والصادرات الروسية بنسبة 1%.
ووفق الشيخ، فإن النسب المذكورة تعطي مؤشرا واضحا لاتجاهات السوق العالمية التي يتواصل فيها الطلب على الغاز الطبيعي المسال، مع دخول المزيد من الدول التي تدشن المنشآت الخاصة باستقبال الغاز المسال، ذلك مع المرونة التي يقدمها دخول المزيد من الناقلات الحديثة للغاز المسال، وخاصة من جانب روسيا التي لا تزال تفضل الخطوط التقليدية لأنابيب الغاز لصادراتها إلى السوق الأوروبية.
وأضاف أنه من المرجح استمرار هذه المعدلات في صعود وهبوط خلال السنوات القليلة المقبلة، حينما يعود الإنتاج القطري من الغاز المسال بقوة لريادة أكبر للسوق العالمية التي يزداد الطلب فيها على الغاز الطبيعي المسال مع بدء مرحلة الإنتاج الكبير في ضوء التوسعة الجارية في مرافق الإنتاج، والتي يؤمل لها أن ترفع طاقتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن سنويا إلى حدود 110 ملايين ابتداءً من العام 2024.
ارتفعت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال في شهر مايو/ أيار الماضي بنسبة 13% على أساس شهري وصولا إلى 7.1 ملايين طن
وكان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد خلال مشاركته في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي في يونيو/ حزيران الماضي، أن قطر ستزيد إنتاجها من الغاز بنسبة 40% بحلول عام 2026، لافتا إلى أن بلاده تلعب دوراً كبيراً في توزيع الغاز في أنحاء العالم وتستثمر فيه استثمارات ضخمة.
ويشير المحلل الاقتصادي، محمد حمدان، إلى وجود ثلاثة عوامل ستؤدي إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال في العالم، وهي بوادر الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كورونا، بفعل تزايد تلقي اللقاحات وتوجه عدد من الدول لرفع القيود، ومؤشرات انخفاض المخزونات الأوروبية بحلول الخريف المقبل، وارتفاع أسعار الغاز إذ سجلت في مستهل أغسطس/ آب الجاري مستوى بلغ قرابة 15.6 دولاراً للمليون وحدة بريطانية بزيادة 1.15 دولار خلال أسبوع، وهذا أعلى معدل للأسعار منذ عام 2014.
ويؤكد حمدان لـ"العربي الجديد" أن قطر تعد من كبار المنتجين للاستفادة من هذه العوامل، وهو ما يتوقع أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد القطري من حيث زيادة قيمة صادرات الغاز، وزيادة وتيرة الفائض في ميزان المدفوعات، وتراكم فوائض الموازنة خلال العام الجاري، إذ تحولت موازنة قطر لتحقق فائضا بدلاً من العجز في الربع الأول من العام الجاري بواقع 200 مليون ريال (نحو 55 مليار دولار)، ويرجح أن يتعاظم هذا الفائض إلى مستويات كبرى بنهاية العام نظراً للأسعار المتنامية للطاقة.
قطر بدأت في إبرام صفقات كبرى طويلة الأجل مع كبار المستهلكين مثل الصين وتايوان وكوريا الجنوبية وباكستان وغيرها من الدول
ولفت إلى أن "شركة "قطر للبترول" تبنت استراتيجية توسعية جديدة في الإنتاج والتسويق تتماشى مع زيادة الطلب المتوقعة، إذ تسعى لرفع إنتاجها من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن بحلول 2027، كما أنها بدأت في إبرام صفقات كبرى طويلة الأجل مع كبار المستهلكين مثل الصين لتزويدها بـ 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال على مدى 10 سنوات، وتايوان لمدة 15 عاما تورّد بموجبها زهاء 1.25 مليون طن سنويا، وكوريا الجنوبية مدة 20 عاما، وباكستان لـ 10 أعوام بواقع 3 ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال وغيرها من الدول".
وتوقع المحلل الاقتصادي، أن تكون الارتدادات قوية على الاقتصاد القطري من حيث ضمان التدفقات الأجنبية الواردة، مما يزيد حصيلة الدولة من النقد الأجنبي.
وحسب بيانات رسمية، ارتفعت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال في شهر مايو/ أيار الماضي بنسبة 13% على أساس شهري وصولا إلى 7.1 ملايين طن، وبلغت حصتها 22%، من السوق العالمية ما يبقيها على رأس قائمة أكبر المصدرين للغاز الطبيعي المسال في العالم.