غزة تستقبل العيد بجيوب فارغة: ارتفاع أسعار ملابس العيد رغم تدهور القدرة الشرائية

28 ابريل 2022
التجّار يأملون كسر ركود الأسواق في موسم العيد (مصطفى حسونة/ الأناضول)
+ الخط -

تشهد أسواق قطاع غزة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الملابس الجاهزة، ضمن التجهيزات الجارية لاستقبال عيد الفطر، والتي يتم استيرادها عادة من عدد من الدول، وفي مقدمتها تركيا والصين، وقد تفاوتت نسب الزيادة، إذ وصلت في بعض الأصناف إلى الضِعفين.

ويُرجع التُجار أسباب غلاء الأسعار إلى الارتفاع العالمي الذي طرأ على مختلف السِلع والمُنتجات، إثر الحرب الروسية الأوكرانية، والتي ساهمت في زيادة الأسعار عالميًا، إلا أن نسب غلاء بعض الأصناف في قطاع غزة، فاقت نسب الزيادة العالمية.
ولا يتفهم أهالي قطاع غزة نسب الزيادة الكبيرة خلال تجهيزاتهم لعيد الفطر، إذ لا تتناسب تلك الأسعار مع أوضاعهم الاقتصادية الصعبة والمتردية، بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي للعام السادس عشر على التوالي، والذي أثر على مختلف نواحي الحياة.

زيادة الأعباء
تزيد المُستجدات الأخيرة، والتي تُرافِق غلاء الأسعار، من الأعباء المُلقاة على أهالي قطاع غزة، وفي مقدمتها تأخر أو عدم انتظام صرف الرواتب، علاوة على توقف صرف مخصصات وزارة التنمية الاجتماعية لأفقر الفقراء منذ أكثر من عام، والتي كانت تُصرف كلّ ثلاثة شهور.
ويعتمد أكثر من 80% من أهالي قطاع غزة على المساعدات الإنسانية، وفقاً للأمم المتحدة، بعد سنوات من الحصار والحروب المتكررة، ويتسبب حصولهم على المساعدات النقدية في تحريك عجلة الاقتصاد بشكل مؤقت، فيما يؤثر تأخرها على إقبال المواطنين، فيعاود البطء مجدداً.

وتتجه شريحة من أهالي قطاع غزة إلى الشراء من البسطات الصغيرة، إلى جانب مُلاحقة العروض عبر الصفحات التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي، إلّا أنّ زيادة الأسعار طاولت كذلك المُنتجات البسيطة، ذات الجودة المتوسطة.
وتعتمد أسواق قطاع غزة بشكل أساسي على مواسم الأعياد والمُناسبات لتصريف البضائع، وتعويض الركود الذي ضربها خلال أشهر العام، ما يدفع بعض التُجار إلى زيادة الأسعار، أو استغلال الموسم لبيع البضائع المُكدسة.

انعكاسات التوترات في الأقصى
يخضع موسم عيد الفطر الحالي لتحدٍ جديد، أثر كذلك على إقبال المواطنين، ويتمثل في التوتر السائد نتيجة المُمارسات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وما تلاه من توتر للأجواء في قطاع غزة، أدى إلى تخوف المواطنين من نشوب حرب جديدة.
وفي هذا السياق، يقول الفلسطيني محمد أبو دية، وهو صاحب محل ملابس أطفال، إن الموسم الحالي يأتي في ظروف غير عادية، تتجمع فيها التحديات على المواطنين، ويؤثر ذلك بشكل كبير على حركة البيع والشراء داخل الأسواق، والتي تتأثر تلقائيًا بفعل أي حدث يشهده القطاع المُحاصر.
ويوضح أبو دية لـ "العربي الجديد" أنّ الزيادة في الأسعار ترجع إلى مجموعة من الأسباب، في مقدمتها رفع السعر من التُجار المستوردين، والذين بدورهم يحصلون على البضائع من أسواق عدة دول، وبنسبة كبيرة من الصين وتركيا.

ويتابع: "بعض البضائع تصل من تركيا أسعارها مرتفعة على التجار، هناك أطقم للأطفال، من مصدرها تصل بأسعار تتراوح بين 30 أو 35 دولارا، بمعنى أن جملته تفوق الـ100 شيكل، فيما يضع عليه التجار نسبة ربح لا تتجاوز 10%، فيعتقد الناس أن التُجار هم من يرفعون الأسعار"، مضيفًا: "هناك بضائع ذات جودة أقل، وبأسعار زهيدة، إلّا أنّ أسعارها زادت كذلك عن السنوات الماضية بفعل الزيادة العالمية، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام، والشحن والنقل".
وعلى الرغم من تأخر بدء موسم عيد الفطر، والذي كان يبدأ مع منتصف شهر رمضان، فقد باتت المحال التجارية والأسواق تشهد حالة اعتيادية لحركة المواطنين، وعرض البضائع المتنوعة، فإنّ الطارئ على الأسواق، هو الحركة الشرائية، والتي تأثرت نتيجة موجة الغلاء، وما رافقها من تحديات إضافية، ساهمت في إضعاف القدرة الشرائية لزوار السوق، فتجد أيدي نسبة كبيرة من الزبائن خالية من الأكياس، سوى من بعض الحاجيات الأساسية.

وسائل ترويجية
تُخصص المحال التجارية شبانا لجذب الزبائن من طرقات الأسواق، من خلال المُناداة الدائمة على البضائع الموجودة، فيما يشغّل البعض الآخر تكبيرات العيد عبر مكبرات الصوت، للإيذان ببدء الموسم السنوي، لكنّ الحاجز الذي خلقه الوضع المادي، وارتفاع الأسعار، يحول بين نسبة من المواطنين وبين تلك المعروضات.
من ناحيته، يوضح مدير عام السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني بقطاع غزة، أسامة نوفل، أن ارتفاع أسعار الملابس جاء نتيجة زيادة أسعار النقل، إذ أن معظم الملابس تستورد من الصين، وكانت تكلفة نقل كلّ حاوية 3 آلاف دولار، بينما وصل سعر نقل الحاوية الواحدة في الوقت الحالي إلى 18 ألف دولار، فيما ترفض الصين عودة الحاويات بسبب الانتشار الكبير لفيروس كورونا.

ويضيف نوفل لـ "العربي الجديد" أن ارتفاع أسعار الطاقة، أثر كذلك على الأسعار، بسبب تأثيره على التكلفة الإنتاجية للمصانع، إلى جانب بدء فرض جمارك عالية من الجانب الإسرائيلي على البضائع التي تصل إلى ميناء أسدود. ويقول: "في السابق كان بعض التجار يتعامل بالفواتير غير السليمة، للتخفيف من نسبة الضريبة، إلا أن الجانب الإسرائيلي بات غير مقتنع بتلك الفواتير، على اعتبار أن التجار يدفعون مبلغ 18 ألف دولار في الحاوية الواحدة، ما يعنى أنها تحتوي على بضائع مرتفعة الثمن، فقام بفرض تعلية جمركية، زادت من نسبة ارتفاع الأسعار". ويؤكد أنّ التكاليف العالية جداً ترهق المستوردين، ومن ثم يتم تحميلها على المستهلكين، من خلال زيادة الأسعار، مبينًا أنه لا نسبة محددة للزيادة، وذلك لتفاوت أسعار وأصناف البضائع، فيما المُحدد الرئيسي هو الارتفاع الملحوظ في أسعار الملابس خلال موسم عيد الفطر.
ويبين نوفل أنّ ارتفاع أسعار الملابس لا يتناسب مع أوضاع المواطنين في غزة، ومع دخلهم المحدود، وقد جاء ذلك ليؤثر سلباً على قدرة المستهلك تجاه الإيفاء بمستلزماته أمام العائلة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ وزارة الاقتصاد لا تستطيع فرض أسعار على الملابس، لكنّها تراقب الأسعار قدر المستطاع، علاوة على المساهمة في تشجيع المنتج المحلي للملابس، عبر فرض "كوتا" على المنتجات المستوردة.

المساهمون