تماسك الاتحاد الأوروبي في خطر بسبب سياسات ترامب: مخاوف من حرب تجارية

10 نوفمبر 2024
مبنى المفوضية الأوروبية في بروكسل (تيري موناس/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التأثيرات الاقتصادية: سياسات "أميركا أولاً" لترامب تهدد بفرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية، مما قد يسبب خسائر اقتصادية للاتحاد الأوروبي تصل إلى 260 مليار يورو ويزيد التوترات الاقتصادية بين الدول الأعضاء.

- التحديات الألمانية ومخاطر الطاقة: ألمانيا، المعتمدة على الصادرات للولايات المتحدة، قد تواجه ركودًا اقتصاديًا بسبب التعريفات الجمركية. سياسات الطاقة لترامب، المفضلة للوقود الأحفوري، تعيق التحول الأخضر في أوروبا.

- التقلبات المالية والسياسية: سياسات ترامب قد تسبب تقلبات في الأسواق المالية الأوروبية وتعزز الشعبوية اليمينية، مما يهدد الوحدة الأوروبية ويدفع بعض الدول للبحث عن اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة.
يرجح خبراء أن تؤدي سياسات "أميركا أولاً" التي ينتهجها ترامب إلى خلق ضغوط اقتصادية كبيرة على أوروبا. وقد تؤدي تهديداته بفرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية إلى تعطيل العلاقات التجارية التي تعتبر حيوية للعديد من اقتصادات الاتحاد الأوروبي. وعلى سبيل المثال، إذا فُرضت تعريفات جمركية بمعدلات تصل إلى 20%، فإن ذلك من شأنه أن يزيد التكاليف بشكل كبير على المصدرين الأوروبيين ويمكن أن يؤدي إلى إجراءات انتقامية من الاتحاد الأوروبي. كما من الممكن أن تؤدي مثل هذه الحروب التجارية إلى تفاقم عدم الاستقرار الاقتصادي داخل الدول الأعضاء وتوتر العلاقات بينها. ويقدر محللون من بنك "إيه بي إن أمرو" الهولندي في دراسة في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أن مثل هذه التعريفات الجمركية يمكن أن تقلل من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنحو 1.5%، وهو ما يترجم خسارةً اقتصاديةً تبلغ حوالي 260 مليار يورو استنادًا إلى أرقام الناتج المحلي الإجمالي المتوقعة لعام 2024. وقد تؤدي هذه الضغوط الاقتصادية إلى تفاقم التوترات القائمة داخل الاتحاد الأوروبي.

ألمانيا أكثر الخاسرين من سياسات ترامب

ربما ستكون ألمانيا، باعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا والمصدِّر الرئيسي للولايات المتحدة، معرضة للخطر بشكل خاص. ويمكن أن يؤدي الانخفاض الكبير في الصادرات الألمانية بسبب التعريفات الجمركية إلى ركود اقتصادي قد يعزز الاستياء من عضوية الاتحاد الأوروبي بين مواطنيها، خاصة إذا أدركوا أن بروكسل غير قادرة أو غير راغبة في حماية مصالحهم. 
من جانبه، أعرب محللو مصرف "دويتشه بنك" في دراسة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن مخاوفهم من أن سياسات ترامب التجارية الحمائية قد تؤدي إلى زيادة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية. وأشاروا إلى أن التعريفة الجمركية التي روج لها ترامب في حملته الانتخابية بنسبة تراوح بين 10% و20% على الواردات من المرجح أن تثير إجراءات انتقامية من الاتحاد الأوروبي، ما قد يشعل حربًا تجارية. وقد يؤدي هذا الوضع إلى تعطيل سلاسل التوريد والتأثير سلبًا على المصدرين الأوروبيين، خاصة في قطاعات مثل السيارات والزراعة.

مخاطر الطاقة

في الشأن نفسه، سلط مصرف باركليز البريطاني، في تحليل في نوفمبر الجاري، الضوء على أن نهج ترامب في سياسة الطاقة، والذي يفضل استخراج الوقود الأحفوري على مبادرات الطاقة المتجددة، يمكن أن يقوض جهود التحول الأخضر في الاتحاد الأوروبي. وحذروا من أنه إذا انسحب ترامب من اتفاقيات المناخ الدولية مرة أخرى، فإن ذلك سيخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية ويعيق الاستثمارات في التقنيات النظيفة داخل أوروبا.

ارتفاع التضخم

وأشار تقرير التوقعات الاقتصادية لشهر أكتوبر 2024 الصادر عن مصرف HSBC البريطاني، إلى أن التعريفات الجمركية المقترحة من قبل ترامب يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. وتوقع البنك أن تكاليف الاستيراد المرتفعة سوف تنتقل إلى المستهلكين، ما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع في جميع المجالات. وقد يؤدي هذا الاتجاه التضخمي إلى تعقيد السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي، الذي يبحر بالفعل في انتعاش اقتصادي دقيق.
 تقلبات أسواق المال
سلط محللو UBS السويسري، في تقرير في نوفمبر الجاري، الضوء على احتمالية تقلبات سوق الأسهم الأوروبية الناتجة عن سياسات ترامب التجارية. وأشاروا إلى أن جولة جديدة من التعريفات يمكن أن تؤدي إلى انكماش في أسعار الأسهم للشركات متعددة الجنسية العاملة في أوروبا وخارجها. وشدد البنك على أنه يجب على المستثمرين الاستعداد لتقلبات السوق المتزايدة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وموقف ترامب التجاري العدواني. ويتخوف محللون من أن التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم المعلقة من فترة ولايته السابقة يمكن أن تطفو على السطح مرة أخرى، ما يعقد المفاوضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقد يمتد هذا التوتر أيضًا إلى مجالات أخرى مثل التعاون الدفاعي وتبادل التكنولوجيا.
في هذا الصدد، قدم بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي تحليلاً في نوفمبر الجاري، يشير إلى أن فوز ترامب قد يؤدي إلى زيادة التقلبات في أسواق الصرف الأجنبي، ما يؤثر بشكل خاص على اليورو مقابل الدولار. وحذر البنك من أن عدم اليقين المحيط بالعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ظل إدارة ترامب قد يدفع المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر أمانًا، ما يؤثر على تقييمات العملات بشكل كبير.

المسار السياسي

على الصعيد السياسي، أدى صعود الشعبوية اليمينية في مختلف أنحاء أوروبا بالفعل إلى خلق انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تحدى زعماء، مثل فيكتور أوربان في المجر وماتيو سالفيني في إيطاليا، قواعد ومبادئ الاتحاد الأوروبي، ودعوا إلى السيادة الوطنية على العمل الأوروبي الجماعي. ويقول خبراءإنه إذا تبنى ترامب موقفاً تصادمياً تجاه أوروبا، فقد يؤدي ذلك إلى تشجيع هؤلاء القادة بشكل أكبر، ما قد يؤدي إلى زيادة التشرذم داخل الاتحاد الأوروبي. ومكمن الخوف هو أن تكتسب المشاعر القومية المزيد من الثِقَل، ما قد يدفع بعض الدول الأعضاء إلى إعادة النظر في التزاماتها تجاه سياسات الاتحاد الأوروبي ووحدته.
علاوة على ذلك، قد يؤدي نهج ترامب القائم على الصفقات في التعامل مع العلاقات الدولية إلى تصور أن دول الاتحاد الأوروبي لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على الدعم الاستثماري والدفاعي. وقد يدفع عدم اليقين هذا بعض الدول إلى البحث عن اتفاقيات ثنائية مع واشنطن بدلاً من الالتزام الصارم بأطر الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تقويض عمليات صنع القرار الجماعي.
المساهمون