تزامن تفشي فيروس كورونا في العراق، مع أزمة مالية خانقة غير مسبوقة في البلاد، بفعل تراجع أسعار النفط وتعثر الحكومات المتتالية على البلاد منذ عام 2003 في معالجة مشاكل الفساد والترهل الإداري الذي استنزف البلاد بشكل انتهى باتساع رقعة الفقر والبطالة لمستويات قياسية.
وانعكس ذلك بشكل واضح على القطاع الصحي الذي سرعان ما انهارت أغلب مستشفياته بفعل نقص الأوكسجين والأدوية وقلة المستلزمات الخاصة بعناية المرضى، ما دفع دولا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودولة قطر إلى تقديم مساعدات طبية عاجلة للعراق لمساعدته في القطاع الصحي.
وفي حديث مع "العربي الجديد" قال الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، إن "المخصصات المالية لوزارة الصحة من الموازنة العامة للعام الحالي لم تُقر لغاية اللحظة ولا يعرف حجمها، لكن سيُعلن عنها لحظة إقرارها".
وأضاف أنه بالرغم من تأخر مخصصات الصحة المالية في موازنة 2021، إلا أن الوزارة متواصلة مع كل الدول وكل الجهات المعنية بتصنيع وتطوير اللقاحات منذ أشهر"، لافتاً الانتباه إلى أنه "تم إقرار لقاحي أسترازينيكا البريطاني واللقاح الصيني ضد فيروس كورونا، للاستخدام بشكل طارئ داخل العراق".
وأشار إلى إن العراق ما زال ملتزماً مع التحالف الدولي للقاحات بتوفير 8 ملايين جرعة أولية تكفي ما نسبته 20% من الشعب العراقي تقريباً، لكنها لم تصل العراق لغاية اللحظة".
وكان البدر قد أعلن في وقت سابق عن تأمين وزارة المالية 3 ملايين دولار كدفعة أولى لغرض دفعها مسبقاً لشركة فايزر وكذلك تأمين المبلغ المتبقي من الكلفة الإجمالية لقيمة اللقاح والبالغ مقدارها 15 مليون دولار.
وبالرغم من التفاؤل الكبير الذي أبداه البدر إلا إن تحذيرات المسؤولين في وزارة الصحة والمختصين كشفت حجم المخاوف من تدهور الوضع الصحي في العراق، وحدوث عجز كبير في الخدمات.
وقال مدير صحة الكرخ، جاسب لطيف الحجامي، في تصريح صحافي له إنه "بعد ارتفاع سعر صرف الدولار بات من الضروري جداً أن تتم زيادة المخصصات المالية اللازمة لوزارة الصحة لمواجهة المتطلبات المتزايدة لإدامة عمل مؤسساتها المختلفة".
ومن جهته قال الطبيب الأخصائي في إمراض القلب، علاء الأوسي، في حديث مع "العربي الجديد" إن "المخصصات المالية تذهب معظمها إلى مواجهة فيروس كورونا والأمراض الأخرى التي انتشرت مؤخراً في العراق كالفشل الكلوي والسرطان".
وأوضح أن "العراق الذي يقترب عدد سكانه من 40 مليون نسمة وبموازنات انفجارية تزيد على 170 تريليون دينار (الدولار = 1448 دينار) لا يمتلك سوى ما بين 400 و450 سرير للعناية المركزة، في وقتاً تحتاج فيه المستشفيات لأكثر من 5000 سرير في ظل انتشار جائحة وكورونا وانتشار الإمراض والأوبئة الأخرى".
وبدوره انتقد النائب السابق في البرلمان العراقي حامد المطلك، الحكومة العراقية قائلا إن "المبالغ التي تخصص لوزارة الصحة لو أنفقت بالشكل الصحيح لكانت المستشفيات العراقية وما يُقدم فيها من خدمات من أفضل مستشفيات المنطقة لكنها مع شديد الأسف تذهب إلى جيوب الفاسدين بطرق مختلفة".
وأشار إلى أنه "من الطبيعي أن يتأثر العراق مثل مختلف دول العالم إذا ما حصلت أزمة اقتصادية أو صحية كالتي نعيشها اليوم، لكن ما يُزيد الوضع سوء في العراق هو العجز الكبير في موازنة الصحة في مواجهة وباء كورونا، فضلا عن استشراء الفساد في مختلف مفاصل الدولة من بينها وزارة الصحة، ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي وانعدام الخدمات المقدمة للمواطنين".