دول الخليج الأكثر إنفاقاً عربياً على القطاع الصحي في زمن كورونا

29 يناير 2021
زيادة ميزانيات الصحة أسهمت في استيراد كميات كبيرة من اللقاح (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -

سبّبت جائحة كورونا العديد من الأزمات المالية الطاحنة في دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي أدى إلى تراجع الإنفاق الحكومي على العديد من المجالات، من بينها البنى التحتية والخدمات والتعليم، فيما جاءت الصحة في مقدمة أولويات الحكومات الخليجية.

ويتفاوت حجم الإنفاق الحكومي بين الدول الخليجية على الرعاية الصحية وحملات التطعيم لمواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا وزيادة عدد حالات الإصابة، إذ جاءت دول الخليج في مقدمة الدول العربية الأكثر إنفاقاً على القطاع الصحي.

السعودية: موازنة ضخمة للصحة

بينما شهدت السعودية معدلات مرتفعة من تفشي فيروس كورونا في بداية الأزمة، نجحت جهود المملكة لاحقاً في احتواء الفيروس، حيث تراجع عدد حالات الإصابة بصورة غير مسبوقة خلال الأسابيع الماضية.

وحسب البيانات الرسمية، احتل الإنفاق على الصحة والتنمية الاجتماعية المرتبة الأولى في مختلف القطاعات بموازنة 2020 بتخصيص مبلغ 197 مليار ريال، أي ما يقرب من 52 مليار دولار.

ويقول رئيس وحدة البحوث في مركز الخليج العربي للدراسات الاقتصادية، في الرياض، عبد العزيز الخالدي، إن السعودية نجحت بعد أشهر من إجراءات مواجهة كورونا في خفض عدد الإصابات.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكد الخالدي خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن أزمة كورونا كبدت الاقتصادي السعودي خسائر فادحة نتيجة تراجع أسعار النفط وانهيارها، والإجراءات الاحترازية التي فرضتها المملكة لمواجهة تفشي الفيروس.

ودعا الحكومة السعودية إلى زيادة الإنفاق على قطاع الرعاية وتوسيع حملات التطعيم في المملكة، مشيراً إلى أنه من دون تطعيم أكبر عدد من المواطنين والمقيمين لن تستطيع المملكة استئناف الأنشطة التجارية كافة والوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي خلال العام الجاري.

وصل عدد المسجلين في حملات التطعيم في المملكة إلى أكثر من مليوني شخص، في الشهر الأول من بدء توزيع اللقاحات، في وقت تتسلم فيه وزارة الصحة السعودية 100 ألف جرعة من لقاح فايزر بيونتيك أسبوعياً.

الكويت: زيادة 11%

خصصت الكويت 4.2 مليارات لقطاع الرعاية في عام 2020 بزيادة تقدَّر بـ 11% عن العام السابق، حيث سارعت الكويت منذ بداية أزمة جائحة كورونا إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية وتوفير المعدات والخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين.

وكانت الكويت في وقت سابق قد شهدت معدلات عالية من الإصابة بالفيروس، غير أن منحنى الإصابات عاد إلى التراجع خلال الشهرين الماضيين.

بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، محمد الهاجري، لـ"العربي الجديد" إن الكويت من بين الدول الخليجية التي سارعت في الحصول على لقاح كورونا، حيث تعاقدت مع شركة فايزر في وقت مبكر.

وذكر الهاجري أن الاقتصاد الكويتي يعاني من أزمات متلاحقة على خلفية جائحة كورونا، مشيراً إلى أنه لن يكون هناك حل أو علاج سريع للأزمات المالية المتلاحقة، مثل تفاقم عجز الميزانية وشحّ السيولة من دون الوصول إلى أكبر عدد من التطعيمات التي ستمكن الاقتصاد من استعادة عافيته.

قطر تستورد كميات كبيرة من اللقاح

كبحت قطر من خلال استراتيجية مدروسة، معدلات تفشي فيروس كورونا خلال العام الماضي، حيث خصصت الدوحة مبالغ كبيرة في ميزانية العام المالي الجاري لإنفاقها في الرعاية الصحية وإجراءات مواجهة فيروس كورونا.

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد القطري، خالد الفالح، لـ"العربي الجديد"، إن قطر أصبحت لديها أقل معدل إصابات بفيروس كورونا، وأيضاً أقل عدد من الوفيات من خلال تركيز جهودها على حماية المواطنين والمقيمين من دون الإضرار بالاقتصاد. 

وأضاف الفالح أن قطر قررت التشدد في تطبيق الإجراءات الصحية وزيادة الإنفاق على الرعاية الصحية وجهود معالجة أزمة كورونا من دون فرض إجراءات أو إغلاق يعوق جهود التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن الدوحة كانت من أوائل الدول العربية والخليجية التي أقرّت لقاح فايزر/ بيونتيك، وبدأت بتطعيم مواطنيها.

وفي ما يتعلق بإنفاق الدوحة على الرعاية الصحية، أكد الفالح أن حجم الإنفاق الحكومي على مواجهة كورونا يُعَدّ كبيراً للغاية بنسبة إلى عدد السكان في قطر. وكانت قطر قد خصصت في الموازنة العامة للعام الماضي نحو 22.6 مليار ريال (الدولار = 3.65 ريالات) لقطاع الصحة، حيث تمثل هذه المخصصات قرابة 11% من إجمالي المصروفات العامة.

الإمارات والبحرين: مواجهة متوازنة

حاولت الإمارات منذ بداية الأزمة إيجاد معالجة متزنة لمواجهة جائحة كورونا، حيث قررت السلطات الإماراتية استئناف الأنشطة التجارية تدريجاً، لمنع المزيد من التدهور الاقتصادي، فيما شدّدت الإجراءات الاحترازية وزيادة الإنفاق الحكومي في قطاع الرعاية الصحية وإجراءات مواجهة فيروس كورونا.

 

وحسب البيانات الرسمية، قررت الحكومة الإماراتية زيادة الإنفاق على الصحة العام الجاري بنحو 8% عن الماضي، فيما تسعى السلطات الإماراتية إلى تخصيص ميزانية إضافية لأنظمة الوقاية من الأوبئة وإجراءات مكافحة كورونا.

وفي السياق، أكد الباحث الاقتصادي الإماراتي، عادل الريامي، أنه على الرغم من حجم ميزانية الرعاية الصحية التي لا تتناسب مع الأزمة الصحية الراهنة، إلا أن الإمارات خصصت مبالغ كبيرة لتوفير لقاحات كورونا للمواطنين والمقيمين.

وقال الريامي خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن الإمارات أصبحت الأولى عالمياً في توزيع جرعات لقاح كورونا، حيث استطاعت تطعيم أكثر من مليوني مواطن ومقيم.

أما بالنسبة إلى البحرين، فقد دشّنت حملات التطعيم ضد الفيروس، حيث تأمل المملكة إنهاء الأزمة في أقرب وقت واستئناف الأنشطة التجارية. وتقدر ميزانية مملكة البحرين التي خصصتها لقطاع الرعاية الصحية ما يقرب من 910 ملايين دولار، بزيادة تقدَّر بنحو 5% عن العام السابق.

من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الخليج العربي، يوسف الحسني، لـ"العربي الجديد" إن مملكة البحرين نجحت نسبياً في مواجهة الأزمة، مشيراً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت انخفاضاً ملحوظاً في أعداد المصابين.

عُمان تزيد الإنفاق على الصحة

بينما أعلنت سلطنة عمان سلسلة إجراءات تقشفية بسبب تداعيات جائحة كورونا، قررت الحكومة زيادة مخصصات قطاع الرعاية الصحية لمواجهة تفشي الفيروس، حيث خصصت ما يقرب من 1.2 مليار دولار خلال عام 2020.

ويقول الباحث الاقتصادي، عيسى الرواقي، لـ"العربي الجديد" إن التراجع الاقتصادي الذي تشهده عمان بسبب جائحة كورونا كان بسبب تراجع أسعار النفط وحالة الركود غير المسبوقة التي يشهدها القطاع السياحي في سلطنة عمان.

في الوقت نفسه، أشاد الرواقي بجهود عمان في حملات التطعيم، حيث لفت إلى أنه على الرغم من التراجع الاقتصادي والمالي في عمان، إلا أن عمان كانت من بين أوائل الدول التي حصلت على لقاح كورونا وبدأت حملة تطعيمات واسعة.