أصدرت شركة "وتد للمحروقات" التابعة لحكومة الإنقاذ في الشمال السوري اليوم الأحد، نشرة لأسعار المحروقات بالدولار الأميركي، بدلاً من الليرة التركية، وادّعت مصادر مقربة منها أن هذه الخطوة تأتي بهدف وضع حد لتأثير تقلبات الليرة التركية، لكن الإجراء الأخير فتح باباً لتلاعب التجار بحسب خبراء، بسبب محدودية انتشار الدولار في الشمال السوري.
وبحسب النشرة فقد تم تحديد سعر ليتر البنزين المستورد من الصنف الأول بـ(0.860) دولار أميركي، والمازوت المستورد من الصنف الأول بـ(0.812)، والمازوت المكرر من الصنف الأول بـ(0.504)، والمازوت من النوع المحسّن (0.641)، فيما بلغ سعر أسطوانة الغاز 12 دولاراً.
وبحسب مصادر من داخل محافظة إدلب، فإن حكومة الإنقاذ التي تعتبر الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام، عمّمت النشرات على محطات الوقود، وألزمت التجار بإشهار الأسعار بالدولار، وحذّرت المخالفين من العقوبة.
وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد" أن جميع قطع الدولار المتوفرة في السوق هي من فئة الـ100 والـ50 والـ20، ونادراً ما يتداول السكان فئات أقل، ما سيفتح باباً جديداً لأصحاب محطات الوقود، الذين تتبع معظمها لشركة وتد لاستغلال السكان، وإلزامهم بكميات محددة وعدم إرجاع الفئات الصغيرة، أو إرجاعها بالليرة التركية.
وأكّد مصدر من مدينة سرمدا لـ"العربي الجديد" أنّه أراد شراء عدة ليترات من البنزين من إحدى المحطات، ودفع بالدولار لكن صاحب المحطة عامله بسعر صرف الدولار الأميركي على الليرة التركية، وأعاد له ما تبقى بالليرة، ولم يلتزم بتسعيرة شركة وتد.
ويقول الباحث الاقتصادي يوسف السليم لـ"العربي الجديد" إن هذه الخطوة ستفسح المجال أمام التجار لجني مزيد من الأرباح من خلال التلاعب بفرق العملات، كما ستوفر سعراً ثابتاً لحكومة الإنقاذ مهما تقلّبت الليرة التركية، والضحية منها هو المواطن الذي سيضطر في كثير من الأحيان لتأمين دولار أميركي، أو سيتحكم به صاحب المحطة بسعر الصرف.
ويؤكّد أن تسعير المحروقات بالليرة يحتاج إلى استراتيجية شاملة للمنطقة، تطلقها سلطة الأمر الواقع لتحديد جميع المواد الاستهلاكية بهذه العملة، وقصرها على المحروقات فقط خطوة غير موفقة، وتنمّ عن عدم اكتراث هذه السلطات بمصلحة السكان.
واعتادت وتد أن ترفع سعر المحروقات مع كل تقلبات الليرة التركية التي اعتمدت منذ منتصف 2020 عملة رئيسية في الشمال السوري، لكن جميع الزيادات لم تكن منطقية ومتوافقة مع تقلّبات الليرة.
وأسّس الشركة رجال أعمال تابعون للهيئة عام 2018 حتى باتت تسيطر بشكل فعلي على كل المحروقات داخل محافظة إدلب، وكانت عندما علت الأصوات ضدها في وقت سابق أوجدت شركتين منافستين وهميتين تحت اسم "كاف" والشهباء" وهما تابعتان لوتد لكن الهدف من إيجادهما كان التغطية على العمليات التي تقوم بها الشركة من احتكار للسوق.
ولا توجد أرقام واضحة لحجم أموال الشركة لكن الواضح أنها أهم مصدر تمويل لهيئة تحرير الشام، وبحسب فاتورة تمّ تسريبها في يونيو / حزيران 2020 فإن صافي الأرباح الشهري بلغ مليوناً و83 ألف دولار، بالإضافة لنحو 352 مليون ليرة سورية.