حياكة شباك الصيد... مهنة للرجال بسواعد النساء في بلدة لبنانية

08 مارس 2023
تعمل النساء على إصلاح الشباك وترميمها وإعطائها لأزواجهن للذهاب إلى الصيد (Getty)
+ الخط -

في بلدة ببنين بمحافظة عكار شمال لبنان، تُعتبر حياكة الشباك المستخدمة بصيد الأسماك، من المهن العريقة التي يتوارثها أبناء البلدة الساحلية التي تعاني الفقر والحرمان.

حياكة شباك الصيد، حرفة تمزج بين الخبرة والإتقان، في مهنة قالت عنها النساء إنها متعبة.

فقطاع الصيد البحري المعروف باقتصاره على الرجال منذ عشرات السنوات، أصبح في ببنين يستهوي النساء لمساعدة أزواجهن في مصروف المنزل.

ورغم أن مهنة الصيد البحري حكر على الرجال، إلا أن الإرادة القوية للنساء في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان أجبرتهن على العمل فيها لتأمين قوت يومهن ولعائلتهن.

إبرة ترميم في يد والشباك في يد أخرى، تعمل هؤلاء النسوة في منازلهن على إصلاح الشباك وترميمها وإعطائها لأزواجهن للذهاب إلى الصيد.

ومع تطور أساليب وأدوات الصيد الحديثة، لم يحطّ ذلك من عزيمة النساء وإرادتهن وفرض مهارتهن التي تُعتبر الأجمل، مقارنة بما تقدمه الآلات، رغم الجهد والتركيز والصبر والتحمل التي تتطلبه المهنة.

نعمل لنساعد أزواجنا

قالت جمانة عبد اللطيف (54 عاما)، إنه من المعروف أن حرفة إصلاح وحياكة شباك الصيد ليست مخصصة للنساء لأنها متعبة إلى حد كبير.

وأضافت: "جراء العمل على مدى ثلاثين عاما في المهنة التي تعلمناها من أجدادنا، فإنها تحتاج لجهد وتركيز كبيرين.. بسببها أصبحنا نعاني من وجع بالعيون والظهر".

وأضافت جمانة وهي أم لخمسة أولاد: "كبرنا في العمر ولكننا مضطرون للعمل في هذه المهنة، لإعالة عائلتنا في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة".

وتابعت: "أساعد زوجي الذي يعمل في صيد السمك، وخاصة أن المهنة لا تأتي بمردود يكفي لشراء الاحتياجات اليومية بسبب الغلاء الفاحش.. أعمل على إصلاح الشباك لزملاء زوجي أيضا لأحصل على مال إضافي".

مهنة العذاب وظروفنا صعبة

من جهتها، قالت بارعة إبراهيم: "نحن مجبرون على العمل في خياطة الشباك، بسبب وضعنا وظروفنا الصعبة، وخاصة أن زوجي مريض.. نعمل طوال النهار لنحصل على قليل من المال".

ولفتت إبراهيم (50 عاما) إلى أنها تعلمت المهنة من عائلتها، حيث كانت تساعد أباها هي وصغيرة "لنؤمن قوت يومنا ونستر أولادنا رغم أن العمل بهذه المهنة عذاب".

أما مروى أحمد علي (60 عاما)، فقالت لـ"الأناضول": "نخيط الشباك من أجل أن نستمر في العيش وسط هذه الظروف الصعبة.. أعمل في هذه المهنة منذ 20 عاما".

بدوره، رأى الصياد زاهر كسارة (50 عاما) أن هؤلاء النسوة يعملن على مساعدة أزواجهن وخاصة في هذا الوقت العصيب الذي يمر به لبنان.

وأوضح ان بلدة ببنين مشهورة بعدة أمور، "أبرزها صيد الأسماك وخاصة حياكة شباك الصيد، وهذه موجودة منذ عشرات السنوات في هذه البلدة وتتناقلها الأجيال".

وناشد كسارة "الجمعيات الخيرية والجهات المعنية، الوقوف إلى جانب هؤلاء النساء وتأمين آلات لهن لحياكة الشباك بدل العمل بأيديهن".

وأفاد بأنه خلال الظروف الحالية والغلاء الفاحش "هن بحاجة إلى مساعدة وخاصة أن هذه المصلحة تطورت مع الزمن.. ولكن نساء ببنين ليست لديهن القدرة المادية على تطوير مهنتهن".

ومنذ صيف العام 2019 يشهد لبنان انهيارا اقتصاديا خسرت خلاله الليرة قرابة 95 بالمائة من قيمتها أمام الدولار، فيما بدأ منذ مطلع الشهر الماضي، اعتماد سعر صرف رسمي جديد يبلغ 15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد مقارنة مع 1507 ليرات سابقا.

وتعد الأزمة الاقتصادية المتمادية الأسوأ في تاريخ لبنان، وتترافق مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان.

(الأناضول)

المساهمون