أدى العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي إلى خلق حالة من الشلل العام في القطاعات التجارية والصناعية والزراعية بفعل الإغلاق شبه العام، والذي يُلحق خسائر يومية فادحة بمُختلف المصالح الاقتصادية.
وإلى جانب الخسائر المباشرة، والناجمة عن قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية للبنية التحتية، والمنشآت الاقتصادية، والأبراج والعمارات السكنية التي تضُم الشركات، والمكاتب الاقتصادية، والمحال التجارية، فإن حالة الإغلاق تتسبب بخسائر إضافية، تتعلق بتوقف العجلة الاقتصادية، والصناعية، والتجارية اليومية نتيجة مُجريات الأحداث.
ويتسبب إغلاق البحر في وجه 4500 صياد فلسطيني، بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بخسائر يومية تصل إلى نصف مليون شيكل (نحو 130 ألف دولار)، إلى جانب 5 ملايين شيكل (نحو 1300 ألف دولار)، خسائر يومية إثر منع وصول قرابة 19 ألف عامل من غزة لأعمالهم بسبب تدمير حاجز بيت حانون "إيرز".
وتُلحِق حالة الإغلاق العام للمعابر، وتعطل عمليات الزراعة على طول الحدود الشرقية، والصيد على طول الشريط الساحلي، وإغلاق المنشآت التجارية والصناعية، وبعض الأسواق والمحال التجارية، خسائر مُباشرة كبيرة في المصالح الاقتصادية، علاوة على الخسائر التي يُمنى بها عُمال المزارعين، والصيادون، وعُمال المياومة.
ويقول الخبير الاقتصادي أسامة نوفل إن الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة مُرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي، إذ يدخُل إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم نحو 70% من الاحتياجات اللازمة، والوقود، والسلع والمواد الخام، التي يمنع الاحتلال دخولها في ظل حالة الإغلاق المشدد، ما يؤثر سلبا على العملية الإنتاجية.
ويلفت نوفل لـ "العربي الجديد" إلى أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى شلل النشاط الاقتصادي، وعدم قدرة أصحاب الأعمال على الوصول إلى أعمالهم، كذلك عدم قدرة المزارعين على الوصول إلى أراضيهم، وتوقف مهنة الصيد، علاوة على توقف التجار عن تسويق بضائعهم، وتوقف دخول المُساعدات الإنسانية الخاصة بالأسر الفقيرة.
ويُبين نوفل أن تلك الحالة تُلحق خسائر كبيرة في النشاط الاقتصادي، ولا يتوقف تأثيرها على القدرات الإنتاجية فقط، وإنما القدرات الاستهلاكية، في ظل عدم قدرة الناس على تسيير حياتهم اليومية، أو العُمال على الوصول إلى أماكن عملهم.
ويوضح أن الناتج العام للاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة يُقدر بثلاثة مليارات دولار أميركي، بواقع 25 مليون دولار يومياً، وهي خسائر يومية مُباشرة نتيجة عدم القدرة على مواصلة العملية الإنتاجية.
ويضيف الخبير الاقتصادي: "تلحق بغزة خسائر غير مباشرة، وهي خسائر مضاعفة وفقا لنظرية تكلفة الفرصة البديلة، الناتجة عن عدم وصول العُمال إلى أعمالهم، وتوقف المشاريع التي كان من المفروض إنشاؤها".
أما في ما يخصّ الخسائر المُتعلقة بقطاع الصيد والزراعة، فيُبين نوفل أن غزة تُصدر سنويا منتجات زراعة (تشمل الأسماك) تُقدر بـ 85 مليون دولار (قرابة 236 ألف دولار يوميًا)، إلى جانب صادرات الملابس وتُقدر بـ 22 مليون دولار سنويا (21 ألف دولار يوميا)، وصادرات الخردة وتُقدر بـ 27 مليون دولار سنويا (75 ألف دولار يوميا)، وهي بمُجملها تتوقف عن التصدير بفعل إغلاق المعبر.
ويلفت نوفل إلى الخسائر الاقتصادية الناتجة عن خسائر الإنتاج، وعدم قدرة العُمال على الوصول إلى عملهم، وعدم قدرة التجار والمصانع على مُباشرة عملهم، تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الفلسطيني، إلى جانب الخسائر غير المُباشرة، والتي تحمل آثاراً اقتصادية مُضاعفة.
في الإطار، يلفِت الخبير الاقتصادي عُمر شعبان إلى أن الإغلاق على قطاع غزة بسبب العدوان، أو لأسباب أخرى، كالأعياد، أو الأحداث، يُعمق المأساة الإنسانية، والكارثة الاقتصادية التي تعيشها غزة مُنذ بداية الحصار، حيث يعتمد الاقتصاد في غزة بشكل شبه كامل على التوريد، والاستيراد من جانب الاحتلال الإسرائيلي.
ويُبين في حديث مع "العربي الجديد" أن توقف عمل العمال يضعف القدرة الشرائية، خاصة وأن العُمال باتوا أحد أهم مصادر الدخل، إلى جانب توقف التصدير للعديد من القطاعات الأساسية، ومنها قطاع النسيج، والذي يُعتبر أحد أهم القطاعات التصديرية، ويعمل فيه نحو 20 ألف شخص، ويعتمد بشكل شبه كامل على التصدير، بإيرادات أجرة العُمال وأرباح المصانع تُقدر بنحو 2 مليون دولار يومياً.
ويُشير شعبان إلى أن حالة الشلل تطاول كذلك قطاع الإنشاءات، بفعل نقص المواد الخام نتيجة إغلاق المعابر، إلى جانب عدم القدرة على الحركة بفعل الأحداث الدائرة، علاوة على تأثر العمل الخاص، وعمل المؤسسات الأهلية، والخدمات الإنسانية، والعديد من المجالات الصغيرة، كالسائقين، والباعة المتجولين، ويضيف: "على المدى الطويل تُساهِم تلك الخسائر بزيادة نسبة الفقر والبطالة".
وتسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، منذ السبت، والذي استهدف الأبراج والعمارات التجارية والخدماتية والمدنية إلى جانب البيوت السكنية، في إلحاق أذى بالغ وخسائر في البنية التحتية، إلى جانب تدمير مئات المباني والمنشآت المدنية.
وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، خلال مؤتمر صحافي تم تنظيمه أول من أمس الأحد، في المركز الإعلامي بمستشفى الشفاء، إن العدوان الإسرائيلي والذي تركز على الأهداف المدنية والبنية التحتية طاول العشرات من الأعيان الخاصة بالبلديات والهيئات المحلية والقطاعات الخدماتية المختلفة، إلى جانب استهداف المنشآت الصحية، وسيارات الإسعاف، والطواقم الطبية خلال عملها في إجلاء الجرحى والشهداء.
ولفت معروف إلى أنّ القصف الإسرائيلي استهدف كذلك شبكات الكهرباء، وخدمات البلديات، والبنية التحتية، إلى جانب الجريمة المركبة، بفصل خطوط الكهرباء المُغذية لقطاع غزة، من جانب الاحتلال.