استمع إلى الملخص
- تأثرت قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والسياحة بشكل كبير، حيث أغلقت 46 ألف شركة وتكبد قطاع السياحة خسائر بلغت 5.25 مليارات دولار، مع تحويل التمويل بعيداً عن مشاريع البنية الأساسية المدنية.
- تواجه إسرائيل تحديات مالية كبيرة مع ارتفاع تكاليف الحرب وتزايد العجز في الموازنة، مع مخاوف من هجرة العقول العاملة في قطاع التكنولوجيا، مما يزيد من تضرر الاقتصاد.
لم يتوقع غالبية الإسرائيليين أن الحرب على قطاع غزة ستطول كثيراً، وأنهم سيعودون إلى أعمالهم ووظائفهم وتدور عجلة الاقتصاد إلى ما كانت عليه قبل اندلاع القتال، لكن الحرب طالت ولا يلوح في الأفق نهاية لها لتدخل، اليوم الاثنين، عامها الثاني وتتسع الجبهات لتشمل حرباً واسعة ضد حزب الله اللبناني ونذر حرب مباشرة مع إيران وحلفائها من الجماعات المسلحة في المنطقة، ما يجر الاقتصاد الإسرائيلي إلى استنزاف طويل الأمد قد يمتد لسنوات طويلة، حتى لو توقف القتال قريباً.
وتظهر علامات الضعف على جسد الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يتعمق عجز الموازنة وسط عجز حكومي عن السيطرة عليه في ظل اتساع فاتورة الإنفاق على الحرب، ويتبدل النمو إلى انكماش، وتغلق عشرات آلاف الشركات أبوابها وتنهار السياحة، ويصل الاستنزاف إلى جيوب المواطنين ومدخراتهم في ظل ارتفاع أعباء المعيشة وتوجه السلطات نحو فرض المزيد من الضرائب لتعويض جزء من الإنفاق على جبهات القتال وتقليص العجز، الذي كان أحد محركات مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية "موديز" و"ستاندرد آند بورز" و"فيتش" إلى خفض تصنيف إسرائيل.
واستمرت الحرب لفترة أطول كثيراً مما توقعه أي شخص تقريباً. ففي الأسابيع الأولى بعد وقوع عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وشن جيش الاحتلال عدواناً مدمراً على القطاع، قال ثلاثة أرباع الإسرائيليين في استطلاع للرأي إن الحرب لن تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر. ولم يعتقد سوى 1.6% أنّها ستستمر لأكثر من عام، وفق تقرير لمجلة ذا إيكونوميست البريطانية.
عجز مالي متفاقم وانكماش اقتصادي
وتظهر البيانات الرسمية أن الاقتصاد الإسرائيلي تلقى ضربة واضحة، إذ تباطأ النمو الاقتصادي إلى 0.7% سنوياً في الربع الثاني من العام الجاري. ووفقاً لمعهد أهارون للسياسة الاقتصادية في جامعة رايخمان في هرتسيليا، فإن الحرب الشاملة مع حزب الله من شأنها أن تؤدي إلى انكماش اقتصادي بنسبة 3.1% هذا العام وعجز في الموازنة بنسبة 9.2% من الناتج المحلي. لكنّ تقريراً لشبكة "سي أن أن" الأميركية يرى أن من الممكن أن يسبّب القتال ضد حزب الله ارتفاع عجز الموازنة الإسرائيلية إلى 15% وانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 10% هذا العام.
الاستنزاف إلى جيوب الإسرائيليين ومدخراتهم في ظل ارتفاع أعباء المعيشة وتوجه السلطات نحو فرض المزيد من الضرائب لتعويض جزء من الإنفاق على جبهات القتال
ويواصل عجز الموازنة الصعود منذ إبريل/نيسان الماضي، عندما بدأ يرتفع إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، ليزيد إلى 7.6% في يونيو/حزيران، و8.1% في يوليو/تموز، ثم إلى 8.3% في أغسطس/آب، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية، وذلك مقارنة بهدف يبلغ 6.6% لعام 2024 بأكمله. وفي أغسطس وحده بلغت قيمة العجز 12.1 مليار شيكل (3.24 مليارات دولار).
وتبدو حكومة الاحتلال عاجزة عن تقدير نفقات الحرب. وقبل ثلاثة أشهر، قدّر الجيش الإسرائيلي تكلفة الحرب بـ 129 مليار شيكل (حوالي 35 مليار دولار)، لكن جرى تحديث هذه التكلفة في الأيام الأخيرة. والآن تقديرات الجيش تصل إلى ما بين 140 و150 مليار شيكل (37.9 و40.6 مليار دولار)، علماً أنها لا تشمل شنّ الحرب على لبنان، أو مواجهة مباشرة مع إيران، وفق صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية التي أشارت في تقرير لها، قبل أيام، إلى أن هذه التقديرات جرى تقديمها قبل يوم واحد فقط من اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله (27 سبتمبر/أيلول الماضي)، لذلك في حالة حدوث المزيد من التدهور الأمني، فمن المتوقع أن تكون الأرقام أعلى.
ووفق تقرير لبنك إسرائيل (المركزي) في مايو/أيار، سترتفع تكاليف الحرب إلى حوالي 250 مليار شيكل (66 مليار دولار) بحلول نهاية عام 2025. وهذا يعادل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل. ومن المتوقع أن تؤثر الفجوة المتزايدة بين التقديرات والواقع الفعلي بشكل مباشر في ميزانية إسرائيل لعام 2025، وتلقي بظلال من الشك على قدرة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على الحفاظ على عجز مستهدف بنسبة 4% العام المقبل.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أمس، أنه بات في حكم المؤكد أن إسرائيل ستضطر إلى تجاوز إطار الميزانية العامة للمرة الثالثة خلال العام الجاري، بسبب ارتفاع نفقات الحرب مع حزب الله وفي ظل نذر التصعيد مع إيران. وأشارت الصحيفة إلى أن التقديرات السائدة في وزارة المالية الإسرائيلية ترجح أن تبلغ الكلفة الإضافية للحرب ضد حزب الله وإيران ما بين 10 و20 مليار شيكل حتى نهاية العام الجاري.
وأَضافت أن هذه التقديرات لا تأخذ بعين الاعتبار التراجع المتوقع لعوائد الدولة من الضرائب بسبب الشلل الذي سيصيب الكثير من المرافق الاقتصادية والانتاجية، فضلاً عن الغموض الذي يكتنف موعد حصول إسرائيل على 5 مليارات دولار وعدت الولايات المتحدة بتقديمها مساعَدةً حتى نهاية العام ولم تفعل حتى الآن.
العجز في الموازنة قد يصل حتى نهاية العام إلى حوالي 9.4% من إجمال الناتج المحلي الإجمالي
ولفتت إلى أنه في حال عدم تلقي دولة الاحتلال المساعدات المالية الأميركية الموعودة حتى نهاية العام الجاري فإن كلفة الحرب الإضافية قد تقفز لتراوح بين 30 و40 مليار شيكل (بين 8.7 و11.6 مليار دولار)، مما يعني أن العجز في الموازنة قد يصل حتى نهاية العام إلى حوالي 9.4% من إجمال الناتج المحلي الإجمالي.
غياب اليقين بشأن انتهاء الحرب
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في وزارة المالية قوله، إن ما يفاقم الأمور تعقيداً حقيقة "أن أحداً ليس بوسعه معرفة مدى استمرار الحرب". وأشارت "هآرتس" إلى أنّ حكومة بنيامين نتنياهو صممت مشروع الميزانية الحالي من دون أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية اندلاع حرب شاملة مع حزب الله وانضمام إيران إليها.
وقالت الصحيفة إن تعاظم حجم النفقات على منظومات الدفاع الجوي في أعقاب تكثيف حزب الله من إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي والهجوم الصاروخي الإيراني الأخير (الثلاثاء الماضي)، سيفاقم من أعباء الحرب الاقتصادية، مشيرة إلى أن تكثيف سلاح الجو في دولة الاحتلال لعملياته سيزيد أيضاً من حجم النفقات المالية.
ولفتت إلى أن الحكومة ستزيد نفقاتها بسبب اضطرارها إلى استدعاء جنود وضباط الاحتياط على نطاق واسع، مع كل ما يتطلبه الأمر من تقديم تعويضات مالية لهم ولعوائلهم. ووفق بيانات وزارة المالية، منحت مؤسسة التأمين الوطني ضباط الاحتلال وجنوده حوالي 20 مليار شيكل (5.8 مليارات دولار) منذ بداية اندلاع الحرب، في حين بلغت كلفة استيعاب قوات الاحتلال في العملية البرية ضد حزب الله من مليار إلى ملياري شيكل (290 إلى 580 مليون دولار). ونظراً إلى أن جنود الاحتياط يمثلون في الأوضاع الطبيعية عصب المرافق الاقتصادية، يعني اتساع الحرب تعطيل هذه المرافق مع كل التداعيات السلبية التي يمكن أن تنجم عن ذلك.
ووفق "هآرتس" يعدُّ تجاوز حكومة نتنياهو إطار الميزانية، أحدَ الأسباب الذي دفع وكالة "ستاندرد آند بوزز" إلى تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل الأسبوع الماضي. وللمرة الثانية هذه السنة، خفضت الوكالة تصنيفها الائتماني لإسرائيل إلى "A" من "+A"، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية، بفعل الزيادة الكبيرة في المخاطر الجيوسياسية والأمنية. وتأتي هذه الخطوة بعدما قامت وكالة "موديز" الشهر الماضي بتخفيض التصنيف إلى "Baa1" من "A2"، والإبقاء على نظرتها السلبية حيال التصنيف. وتوقعت الوكالة عدم تحقيق الناتج المحلي لإسرائيل هذا العام أي نمو.
وبينما تقلق حكومة الاحتلال كثيراً من تداعيات انفلات عجز الموازنة، فإن أكبر المخاوف التي تواجه الإسرائيليين أنفسهم هو التأثير الذي يشهده قطاعات حيوية على رأسها التكنولوجيا الفائقة، وهو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي في البلاد. كذلك الحال في ما يخص قطاع السياحة. وهذان القطاعان ضروريان للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في إسرائيل، واستمرار الصراع أو تصعيده قد يؤدي إلى نكسات أشد وطأة. وزيادة الإنفاق العسكري قد تؤدي إلى تحويل التمويل بعيداً عن مشاريع البنية الأساسية المدنية، الأمر الذي يزيد من تقييد النمو الاقتصادي في الأمد البعيد.
وفي الأمد القريب، يرجح محللون أن تواجه إسرائيل ضغوطاً تضخمية وتباطؤاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي. وأفادت شركة المعلومات التجارية الإسرائيلية "كوفاس بي دي آي" (Coface Bdi) بأن نحو 46 ألف شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب وحتى يوليو/تموز الماضي، وأن 75% منها شركات صغيرة، بما يشير إلى ضائقة كبيرة في القطاع الخاص. والحرب الطويلة تجر حكومة الاحتلال نحو خفض الخدمات العامة، أو رفع الضرائب، أو زيادة الدين العام.
السياحة تخسر 5.25 مليارات دولار
وتظهر البيانات الرسمية أن قطاع السياحة تكبد خسارة بلغت 19.5 مليار شيكل (5.25 مليارات دولار) خلال سنة من العدوان على غزة وتداعياته في المنطقة، وفق ما ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أخيراً.
وقبل اندلاع الحرب، كانت إسرائيل تتمتع بعدة سنوات من السياحة المزدهرة على الرغم من الانخفاض الطفيف في الأعداد بسبب الاضطرابات السياسية الداخلية التي سبقت بداية الحرب، ولا سيما في أعقاب أزمة إصلاح النظام القضائي، لكن مع اندلاع الحرب تعرضت السياحة لضربة موجعة.
وفقاً لأحدث البيانات التي نشرها مكتب الإحصاء المركزي حول الصناعة، تمّ بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من العام الجاري 2024 تسجيل 1.2 مليون ليلة سياحية فقط من جانب وافدين من الخارج، مقارنة بـ 5.8 ملايين ليلة في الفترة نفسها من العام الماضي، بانهيار كبير بلغت نسبته 80%.
وفي تقرير حديث لجمعية الفنادق الإسرائيلية، قدرت الجمعية أن حوالي 10% من الفنادق في إسرائيل على وشك الانهيار المالي وسط انخفاض حاد في معدلات الإشغال منذ بدء الحرب. ويغطي التقرير الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران الماضيين ويسلط الضوء على الضائقة المالية الشديدة التي يواجهها قطاع السياحة والضيافة في إسرائيل، التي تمثل 450 فندقاً وتوظف حوالي 42 ألف عامل.
وكان الانخفاض في معدل الإشغال كبيراً ولا سيما في المناطق التي يزورها السياح الأجانب عادة، مثل القدس المحتلة والناصرة وتل أبيب. ووفقاً لوزارة السياحة، زار إسرائيل حوالي 500 ألف سائح أجنبي فقط بين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران، مقارنة بحوالي مليونين في الفترة نفسها من العام الماضي.
نحو 46 ألف شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب وحتى يوليو/تموز الماضي
وبدأت معدلات انهيار السياحة في الربع الأخير من العام الماضي، الذي كان يراهن عليه الإسرائيليون لتسجيل توافد قياسي. فقد واجهت صناعة السياحة انخفاضاً كبيراً في عدد الزوار والإيرادات منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ووفقاً لبيانات مكتب الإحصاء المركزي، هوى عدد السياح من حوالي 300 ألف في سبتمبر/أيلول إلى حوالي 89 ألفاً في أكتوبر/ تشرين الأول، ثم انخفض إلى حوالي 38 ألفاً في نوفمبر/ تشرين الثاني. وفي الربع الأخير من العام الماضي، هوت إيرادات السياحة إلى 464 مليون دولار مقابل 1.4 مليار دولار في الربع الثالث، بحسب مكتب الإحصاء المركزي.
وضغط النازحون بصورة سلبية أكبر على القطاع، إذ قدّرت وزارة السياحة كلفة إسكان النازحين بنحو 5.45 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) وتم تحويلها إلى الفنادق القريبة، مشيرة إلى أنه تم دفع 3.18 مليارات شيكل (859 مليون دولار) إضافية مباشرة باعتبارها مِنحاً معيشية للنازحين الذين اختاروا العيش في أماكن بخلاف الفنادق. وبلغت كلفة نزوح 100 ألف شخص من السكان من مناطق الحرب المباشرة 8.648 مليارات شيكل (2.34 مليار دولار) بما في ذلك 5.46 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) نفقات الفنادق. وترجح التوقعات أن ينتهي عام 2024 بدخول نحو مليون سائح فقط إلى إسرائيل أي ثلث السياح الذين دخلوا دولة الاحتلال السنة الماضية، وأقل من ربع الداخلين عام 2019.
الإسرائيليون يحولون مدخراتهم إلى الخارج
وحذر خبير الاقتصاد السياسي الإسرائيلي، شير هيفر، في مقابلة مع وكالة الأناضول، نشرت، أمس، من أن "الأزمة الاقتصادية سوف تزداد سوءاً"، موضحاً أن المسار الحالي قد "يجر الاقتصاد المتضرر من الحرب إلى الركود ويعرض الأمن القومي للبلاد للخطر". وأضاف: "الأسعار مرتفعة، ومستوى المعيشة ينخفض.. هناك تضخم وانخفاض في قيمة العملة الإسرائيلية".
وأضاف: "لقد جفت الاستثمارات الأجنبية، وانسحب أكثر من 85 ألف شخص من القوى العاملة، وهناك ربع مليون شخص نزحوا داخلياً وفقدوا وظائفهم ومنازلهم.. وعدد الأشخاص الذين يغادرون غير مسبوق حقاً في تاريخ إسرائيل". وقال: "ترى الناس يشترون تذكرة ذهاب فقط لمعرفة ما سيحدث. عندما ترى الكثير من الناس يفعلون هذا فقط لحماية أسرهم، فإن النتيجة هي أن أولئك الذين يبقون يشعرون بأن الدولة في عملية انهيار". وأشار إلى أن هناك عمليات سحب للمدخرات لإخراجها من البلاد، وردت الحكومة بالتهديد بأخذ "أموال التقاعد واستثمارها في الاقتصاد".
في الجهة المقابلة ومع اتساع رقعة الحرب، يقول وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إنه على الرغم من الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي، يتمتع بالقدرة على الصمود. وقال سموتريتش في 28 سبتمبر/أيلول، بعد يوم من اغتيال الأمين العام لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت بغارات جوية إسرائيلية، "إن الاقتصاد الإسرائيلي يتحمل عبء أطول حرب وأغلاها في تاريخ البلاد.. لكنه اقتصاد قوي ويجذب الاستثمارات حتى اليوم".
لكنَّ خبراء اقتصاد ومسؤولين سابقين يؤكدون أنه مع امتداد الصراع إلى منطقة أوسع، سوف تتفاقم التكاليف الاقتصادية. وقالت كارنيت فلوج، محافظ البنك المركزي الإسرائيلي السابق، لشبكة "سي أن أن" الأميركية: "إذا تحولت التصعيدات الأخيرة إلى حرب أطول وأكثر كثافة، فإن هذا من شأنه أن يفرض ضريبة أثقل على النشاط الاقتصادي والنمو (في إسرائيل)".
وفي الوقت الذي تتوقع فيه شركة BMI، وهي شركة أبحاث السوق التابعة لشركة Fitch Solutions أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة تصل إلى 5% هذا العام، تشير إلى ان اقتصاد إسرائيل سينكمش أكثر من ذلك، استناداً إلى تقديرات صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.
وحتى في سيناريو أكثر اعتدالاً، يرى الباحثون أيضاً أن الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي للفرد، الذي تجاوز في السنوات الأخيرة نظيره في المملكة المتحدة، سوف يتراجع هذا العام، مع نمو عدد سكان إسرائيل بسرعة أكبر من نمو الاقتصاد وانخفاض مستويات المعيشة.
قبل اندلاع الحرب على غزة، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد إسرائيل بنسبة 3.4% في 2024. أما الآن، فتراوح توقعات خبراء الاقتصاد بين 1% و1.9%. ومن المتوقع أيضاً أن يكون النمو في العام المقبل أضعف من التوقعات السابقة.
لا يقين في عودة النازحين إلى الشمال
يبدو أن هذه التكاليف سترتفع أكثر مع تفاقم القتال مع إيران وقوى المقاومة المساندة لفلسطين، بما في ذلك حزب الله في لبنان، مما يضيف إلى فاتورة الحرب ويؤخر عودة الإسرائيليين إلى منازلهم في شمال فلسطين المحتلة.
وحتى حال حدوث انسحاب من غزة وهدوء على الحدود مع لبنان، فإن ما جرى خلال عام الحرب من شأنه أن يترك اقتصاد إسرائيل في وضع أضعف مما كان عليه قبل ذلك. فحرب عام 1973، المعروفة باسم الحرب العربية الإسرائيلية، التي شنتها مصر وسورية ضد جيش الاحتلال في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق مصر) ومرتفعات الجولان جنوب غربي سورية، أدت إلى فترة طويلة من الركود الاقتصادي في إسرائيل، ويرجع ذلك جزئياً إلى زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير.
تتوقع شركة BMI لأبحاث السوق التابعة لشركة Fitch Solutions أن ينكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة تصل إلى 5% هذا العام، لكنها تشير إلى أن اقتصاد إسرائيل سينكمش أكثر من ذلك
وعلى نحو مماثل، فإن الزيادات الضريبية المحتملة وتخفيضات الإنفاق غير الدفاعي والتي طرح بعضها سموتريتش بالفعل لتمويل ما يتوقع كثيرون أن يصبح جيشاً موسعاً بشكل دائم، من الممكن أن تلحق الضرر بالنمو الاقتصادي. وحذرت فلوج من أن مثل هذه التدابير، إلى جانب ضعف الشعور بالأمن، من الممكن أن تحفز أيضاً هجرة الإسرائيليين المتعلمين تعليماً عالياً، بخاصة رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا.
ويمثل قطاع التكنولوجيا نحو 20% من الناتج الاقتصادي الإسرائيلي. ورحيل دافعي الضرائب من ذوي الدخول المرتفعة على نطاق واسع من شأنه أن يزيد من تضرر مالية إسرائيل، التي تضررت بشدة من الحرب. وقد أرجأت الحكومة نشر موازنة العام المقبل في ظل صراعها مع المطالب المتزايدة بالحد من انفلات الإنفاق.