أميركا تدرس حظر صادراتها النفطية: تجربة 40 عاماً بدأت بالصراع العربي الإسرائيلي

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
24 نوفمبر 2021
+ الخط -

الولايات المتحدة الأميركية أعلنتها حرباً نفطية. الرئيس الأميركي جو بايدن أمر، أمس الثلاثاء، باستخدام 50 مليون برميل من مخزون الولايات المتحدة النفطي الاستراتيجي، في مسعى منسّق مع دول أخرى للتخفيف من ارتفاع أسعار الوقود ومواجهة منظمة "أوبك" التي تتحكم بحجم الإنتاج الدولي والإمدادات، وبالتالي الأسعار.

معركة المخزون الاستراتيجي لها تقنياتها، والجبهة تضم أكبر الدول استيراداً للنفط في العالم، أي الصين والهند واليابان وبريطانيا وكوريا الجنوبية، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، في مواجهة الدول المنتجة. وتقوم الخطة على التالي: استخدام المتوافر من النفط محلياً لخفض الاستيراد، وخفض الاستيراد يقلل الطلب على النفط من الدول المنتجة، وتراجع الطلب مقابل غزارة المعروض يوصل إلى تراجع الأسعار. 

وتعد احتياطات النفط الأميركية، الموضوعة داخل مخازن تحت الأرض في تكساس ولويزيانا، أكبر إمدادات نفطية في العالم مخصصة للطوارئ. وسيبدأ الإفراج عنها من منتصف ديسمبر/ كانون الأول حتى نهايته.

إلا أن الأمر لا يتوقف هنا. توجد ورقة أخرى قد تلعبها الإدارة الأميركية لخفض الأسعار محلياً وتحصين نفسها من التذبذبات السعرية الدولية: حظر تصدير النفط الأميركي.

عملياً، قال بايدن الثلاثاء إن واشنطن على استعداد لخطوات إضافية لإعادة الاستقرار للأسواق. ويوم الإثنين، حثّ الديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي الرئيس بايدن على إعادة فرض حظر على صادرات النفط، مؤقتًا على الأقل.

أخبر الديمقراطيون بايدن، في رسالة قادها الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا رو خانا، أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لضمان "طاقة معقولة وموثوقة للعائلات الأميركية".

الرسالة، التي وقعها ثمانية أعضاء ديمقراطيين آخرين في مجلس النواب، تدعو بايدن إلى "استخدام كل الأدوات الموجودة تحت تصرفنا لخفض أسعار البنزين على المدى القصير". وكتب أحد عشر عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ رسالة مماثلة إلى بايدن في وقت سابق من هذا الشهر، مستشهدين بقيود "أوبك" على الإمدادات والصادرات الأميركية.

في رسالتهم إلى بايدن، جادل الديمقراطيون بأن فرض حظر على صادرات النفط يمكن أن يعزز الإمدادات المحلية ويزيد من انخفاض أسعار المستهلك، التي وصلت مؤخرًا إلى أعلى مستوى لها في 31 عامًا. كما أن فرض حظر مؤقت على الصادرات من شأنه أن يساعد في تعزيز العرض المحلي ويساعد على خفض الأسعار دون أن يكون له أي تأثير كبير على سوق النفط العالمية.

ما هو الحظر النفطي؟

في أوائل السبعينيات كانت الولايات المتحدة قوة نفطية عظمى. أنتجت حقولها، وفق مجلة "فوربس"، أكثر من 9 ملايين برميل من النفط يومياً، وهو ما كان يمثل أكثر من 15% من السوق العالمية. ومع ذلك، كان استهلاك الطاقة في ذلك الوقت يتطلب منها استيراد النفط من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) ودول أخرى.

في عام 1973، فرض الأعضاء العرب في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حظرًا على صادرات النفط إلى الولايات المتحدة وإلى الدول الأخرى التي دعمت إسرائيل خلال الصراع العربي الإسرائيلي عام 1973. كما خفضت "أوبك" إنتاج النفط، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة.

في وقت الحظر العربي، شجعت السياسات الأميركية استيراد النفط على إنتاج النفط المحلي. وفقاً لتقرير صادر عن معهد آسبن عام 1973، استوردت الولايات المتحدة ما معدله 3.2 ملايين برميل من النفط الخام و3 ملايين برميل من النفط يومياً.

ونتيجة التحرك العربي، تضاعف سعر برميل النفط أربع مرات من 3 دولارات إلى 12 دولاراً، مما خلق أزمة طاقة واسعة. وتضررت العائلات الأميركية بشدة، حيث تعاملت مع طوابير طويلة لشراء الغاز، وركود الاقتصاد. وتم رفع الحظر المفروض على منظمة "أوبك" في مارس/ آذار من عام 1974، لكن القرارات التي اتخذت في أعقاب الأزمة كانت حاسمة أميركياً.

واستجابة للحظر وارتفاع أسعار البنزين المحلية، أقرّ الكونغرس قانون عام 1975 لسياسة الطاقة والحفاظ عليها، وكان الحظر يهدف إلى تقليل أو القضاء على اعتماد الولايات المتحدة على النفط الخام المستورد من الخليج والحماية من أزمة نفطية أخرى. ووقع الرئيس جيرالد فورد على القانون الذي يحظر معظم صادرات النفط الأميركية.

رفع الحظر الأميركي

في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015، صوّت الكونغرس على وضع حد للمشكلة عن طريق رفع حظر التصدير الذي مضى عليه 40 عاماً كجزء من مشروع قانون الميزانية الشامل.

وأيّد الجمهوريون الاقتراح الذي تدعمه صناعة النفط. أيده أيضا الديمقراطيون المترددون لأنهم في المقابل تمكنوا من التفاوض على خمس سنوات إضافية من الإعفاءات الضريبية لطاقة الرياح والطاقة الشمسية. وأظهرت الصفقة روح التسوية التي غالباً ما تكون غائبة في الكابيتول هيل.

قبل ذلك التاريخ، قام قانون الوقود البديل لعام 1988 بتعديل بعض القيود المفروضة على الصادرات، وفقاً لتقرير شركة كروفت للنفط والغاز الأميركية. وكان الهدف من مشروع القانون هذا هو المساعدة في إقناع شركات النفط والغاز بإيجاد أنواع وقود بديلة.

ويحدد القانون أن الوقود البديل هو أي شيء غير مشتق من البترول، ما يعني الغاز الطبيعي والإيثانول والميثانول وغاز البترول المسال والهيدروجين والكهرباء. 

وزاد إنتاج الخام المحلي بشكل كبير في السنوات التي ساد فيها الحظر الأميركي من 5.3 ملايين برميل في اليوم في عام 2009 إلى 8.7 ملايين برميل في 2014.

وقد تزامن ذلك مع زيادة هائلة في إنتاج الغاز الطبيعي نتيجة للتقدم في التكسير الهيدروليكي، أو "التكسير". وأصبحت الولايات المتحدة تعد مرة أخرى أكبر منتج للنفط والغاز الطبيعي في العالم. 

وتوقعت دراسة أجراها معهد آسبن الأميركي عام 2014 أن رفع الحظر سيخلق زيادة بنسبة 1% في الناتج المحلي الإجمالي، و630 ألف وظيفة أميركية جديدة بحلول عام 2019، فيما ستشهد العائلات الأميركية زيادة في دخل أسرتها، وستنخفض تكاليف الوقود.

علاوة على ذلك، توقع مكتب الميزانية في الكونغرس 1.4 مليار دولار من الإيرادات الجديدة، والتي يمكن إنفاقها على تحسينات البنية التحتية اللازمة والتعليم ودعم الميزانية.

وجادل معارضو الحظر بأن إلغاء الحظر سيزيد من نمو الوظائف وإنتاج الطاقة المحلي. فيما قال مؤيدو الحظر إن إلغاءه قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين المحلي ويؤثر سلباً على الوظائف في مصافي التكرير الأميركية.

خيارات إدارة بايدن

يقول موقع "انترناشونال بيزنز تايمز" الأميركي إن الرئيس جو بايدن يواجه ضغوطاً متزايدة من حزبه الديمقراطي لعكس قرار إدارة أوباما لعام 2015 برفع الحظر على صادرات الخام الأميركية لخفض أسعار البنزين التي بلغت أعلى مستوياتها في سبع سنوات.

ومع ذلك، فإن إعادة فرض حظر على تصدير النفط الخام في الولايات المتحدة ستؤدي في الواقع إلى زيادة أسعار البنزين بدلاً من خفضها، وفقاً لتحليل نشرته يوم الثلاثاء شركة أبحاث الطاقة IHS Markit. 

وقال جيم بوركهارد، نائب رئيس IHS Markit ورئيس أسواق النفط الخام: "إن فرض حظر أميركي على تصدير النفط الخام سيجعل الوضع أسوأ، بالنسبة للولايات المتحدة والعالم، في وقت تتعرض فيه سلاسل التوريد العالمية بالفعل لضغوط استثنائية".

وأضاف بوركهارد: "مثل هذا الحظر من شأنه أن يعطّل سلاسل إمداد النفط العالمية، ويتعارض مع عقود من السياسة الأميركية التي تشجع التدفق الحر للنفط والغاز، ويؤدي إلى إعادة تخصيص غير فعالة ومكلفة لإنتاج النفط الخام المحلي، ويعطل الإمدادات للحلفاء، ويثبط الإنتاج المحلي، الأمر الذي من شأنه أن يضع ضغطاً تصاعدياً على أسعار البنزين في الولايات المتحدة. كما أنه سيرسل إشارة مخيفة للحلفاء والشركاء حول مصداقية الولايات المتحدة ".

ويأتي تقرير IHS Markit في الوقت الذي يدعو فيه بعض الديمقراطيين إدارة بايدن إلى إنهاء صادرات النفط والغاز الطبيعي بسبب مخاوف عامة بشأن ارتفاع أسعار البنزين، والتي هي في أعلى مستوياتها منذ عام 2014. وقد طلبت إدارة بايدن في وقت سابق من أوبك زيادة إنتاج النفط الأجنبي لتخفيف الخام وأسعار البنزين. 

إلا أن 11 عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ، من بينهم السناتور إليزابيث وارين من ولاية ماساتشوستس، ومؤلف "جرين نيو ديل"، إيد ماركي، حثوا بايدن في خطاب الأسبوع الماضي على التحرك بسرعة لمعالجة أسعار البنزين.

وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن أسعار البنزين المرتفعة تشكل "عبئاً لا داعي له" على العائلات والشركات الصغيرة، وحثوا بايدن على تحرير النفط من الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد، والنظر في حظر صادرات الخام الأميركية. 

وكتب أعضاء مجلس الشيوخ الأحد عشر في الخطاب: "بينما تعمل الولايات المتحدة على تعزيز تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة على المدى الطويل، يجب أن نضمن أن الأميركيين قادرون على تحمل تكاليف ملء سياراتهم في المضخة في غضون ذلك".

وتضغط المجموعات البيئية أيضاً على إدارة بايدن لإعادة فرض حظر على تصدير النفط الخام، ولكن لسبب مختلف. يوم الإثنين، أرسلت 45 مجموعة بيئية محلية ووطنية رسالة إلى مايكل ريغان، مدير وكالة حماية البيئة، مفادها المطالبة بإعادة فرض حظر التصدير لمنع التلوث والكوارث الطبيعية المتعلقة بالمناخ، مثل الأعاصير.

وقالت كيلي شيهان، كبيرة مديري حملات الطاقة في "سييرا كلوب": "إن دعم التوسع في صادرات النفط والغاز لا يتماشى تماماً مع الهدف المعلن لإدارة بايدن المتمثل في إعطاء الأولوية للعدالة البيئية". 

ذات صلة

الصورة
الممرضة الأميركية جنيفر كونينغز تضرب عن الطعام أمام البيت الأبيض تضامناً مع غزة، واشنطن 6 يونيو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

تواصل الممرضة الأميركية جنيفر كونينغز إضرابها عن الطعام من أجل غزة، حيث تقف لبضع ساعات يومياً أمام البيت الأبيض وهي تحمل صور أطفال فلسطينيين يعانون من المجاعة.
الصورة
الرصيف البحري الذي أقامه الجيش الأميركي على ساحل غزة (Getty)

مجتمع

قال مسؤول أممي لرويترز، أمس الاثنين، إن الأمم المتحدة لم تتسلّم أي مساعدات من الرصيف البحري الذي أقامته الولايات المتحدة في غزة خلال اليومين الماضيين
الصورة
بن غفير لا يتواني عن التنكيل بالأسرى الفلسطينيين (Getty)

سياسة

تتفاوت ردود الفعل الإسرائيلية على تهديد بايدن عدم إرسال شحنات قنابل وقذائف إلى إسرائيل إذا وسّعت عمليتها في رفح، بين من يلوم حكومة نتنياهو ومن يتحدى واشنطن
الصورة
أعلام فلسطين في اعتصام طلاب جامعة كولومبيا (ستيفاني كيث/Getty)

مجتمع

تقود مجموعة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين" احتجاجات طلاب الجامعات الأميركية بالتعاون مع مجموعة "الصوت اليهودي من أجل السلام".
المساهمون