الاحتفال بعيد الفطر بملابس مستعملة في تونس والجزائر
إيمان الحامدي
حمزة كحال
يسيطر الغلاء على أسواق العيد في الجزائر وتونس. ارتفاع الأسعار لم يترك للأسر مهرباً سوى نحو أسواق الملابس المستعملة، وسط تراجع شديد في القدرة الشرائية، وارتفاع متواصل في معدلات التضخم.
وتقول عائلات تونسية التقتها "العربي الجديد"، إنها تحتاج إلى راتب إضافي هذا الشهر من أجل تلبية مصاريف العيد في ظل غلاء فاحش صعد بأسعار الملابس والحلويات إلى مستويات قياسية لم تعد للعائلات قدرة على مجاراتها. وقيّمت منظمة إرشاد المستهلك (مدنية) متوسط كلفة ملابس العيد لطفل واحد هذا العام بنحو 250 ديناراً بينما يقدر متوسط دخل التونسيين بنحو 300 دولار شهرياً، فيما هبطت العملة المحلية لتسجل 3 دنانير أمام الدولار.
وتعيش أسواق تونس على وقع موجات غلاء متلاحقة طاولت كل المنتجات المصنعة والخدمات والغذاء وسط إقرار من التجار بارتفاع الأسعار التي أثرت على الحركة التجارية في واحد من أهم مواسم الاستهلاك في البلاد.
إذ يمثل عيد الفطر موسم الكسب الأهم بالنسبة للتجار، غير أن الغلاء كبح الرغبة في الشراء هذا العام. ويؤكد جمال بن ساسي، رئيس غرفة تجار الملابس في تونس، تسجيل عزوف كبير عن اقتناء الملابس الجديدة هذا العام رغم اقتراب موعد العيد، مؤكداً أن الحركة كانت تدب في الأسواق منذ الأسبوع الأول من شهر الصيام، غير أن وتيرة الشراء لا تزال متباطئة جدا هذا العام.
ويشير بن ساسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، مفسرا ذلك بصعود كلفة المواد المصنعة محلياً وتأثر الملابس المستوردة بزيادة كلفة الشحن وتراجع قيمة الدينار مقابل اليورو والدولار .
فيما أكدت الأسر التي استصرحتها "العربي الجديد"، أنها تبحث عن الحلول البديلة في أسواق الملابس المستعملة أو الملابس الموردة عبر التهريب التي تكون أقل سعرا من نظيراتها المعروضة في المولات والمحلات المنظمة. وفي الجزائر، بدأت العائلات مع اقتراب عيد الفطر في تغيير البوصلة الإنفاقية نحو كسوة العيد ولوازم الحلويات، التي تكلف أصحاب الدخل المتوسط خاصة موازنة أخرى تثقل كاهل جيوبهم المنهكة بمصاريف شهر رمضان.
ومما يزيد من مخاوف الجزائريين هو ارتفاع الأسعار هذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، من جراء تراجع سعر الدينار. في شارع "حسيبة بن بوعلي"، أكبر شوارع العاصمة الجزائرية، يبدأ توافد العائلات إلى محلات بيع ألبسة الأطفال بعد الإفطار، ويتواصل حتى منتصف الليل، علها تظفر هذا العام بثياب العيد بسعر مقبول.
يقول محمود هبري، الذي يعمل منذ 10 أعوام في محل لبيع الملابس، إن "مبيعات ثياب الأطفال أنعشت السوق في الأيام الأخيرة من رمضان، علما أن الركود كان هو السمة الغالبة على النشاط التجاري منذ شهور".
ويضيف التاجر الجزائري في حديث مع "العربي الجديد"، أن "التجار تجهزوا منذ مدة طويلة لهذه اللحظة التي يتطلعون إليها كثيرا، حيث شرعوا في توفير السلع التي تستجيب للطلب، سواء عبر الملابس المقلدة المستوردة من الصين أو عن طريق تركيا، ولو بكميات ضئيلة مقارنة بالسنوات الماضية بسبب تشديد القيود على استيراد الملابس".
وأمام تفشي الغلاء قبيل عيد الفطر، انتشرت أسواق الملابس المستعملة رغم حظرها قانونياً، لكن الأوضاع الاقتصادية جعلت الكثير من الجزائريين يقبلون على هذه الأسواق، وسط سكوت السلطات على نشاطها، على اعتبار أنها ملاذ الفقراء ومتوسطي الدخل في تأمين كسوة العيد. وحسب التاجر سفيان تونسي، فإن أسعار "الشيفون" (الملابس المستعملة باللهجة الجزائرية)، تعتبر منخفضة بحوالي 40 في المائة عن الملابس الجديدة.
ويضيف تونسي متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أنه "يمكن أن تشتري كسوة العيد لطفل بما بين 2000 (15 دولاراً)، و3000 دينار (24 دولاراً)، وأحيانا أقل، وبالتالي تجد العائلات ما تريده في سوق الملابس المستعملة التي أصبحت ملاذ الكثير من الجزائريين، وأحيانا حتى ميسوري الحال يفضلون شراء ملابس مستعملة".
وفي المقابل، عرفت أسعار المكسرات ومستلزمات الحلويات هي الأخرى التهابا في الأسعار قبيل حلول عيد الفطر، إذ تبقى العائلات ذات الدخل الضعيف في مأزق مع المناسبات التي تكثر فيها المشتريات.