الأزمات تسرق العيد من دول الحروب: لا لحوم على موائد سورية وليبيا واليمن
أحمد الخميسي
محمد راجح
يقتنص الناس في الدول الواقعة تحت جور الحروب الفرح، يسعون إلى الاحتفال بعيد الفطر، إلا أن الأزمات تطل برأسها لتذكرهم بمأساتهم. في سورية كما اليمن وليبيا، تقسو المشكلات على الأسر وتسلب الماكولات الشهية عن موائدها، اللحوم والحلويات أبرزها.
ربما الإجابة عن سؤال "ممّ يمكن أن يأكل السوريون أو يلبسوا خلال عيد الفطر"، جاءت على لسان مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، جويس مسويا، التي أكدت أخيراً أنه وبعد تقييم الاحتياجات الإنسانية في سورية، وجد أن 14.6 مليون سوري سيعتمدون على المساعدة هذا العام، بزيادة 9 في المائة عن عام 2021، و32 في المائة عن عام 2020.
لكن العامل بشركة كهرباء دمشق، خضر محمد (اسم مستعار) يوصّف أكثر خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" مأساة الوضع السوري بقوله: "أكثر من 95 في المائة من السوريين جياع بكل معنى الكلمة، ولا يمكن تصوير المأساة المعيشية بالكلام، فالدخل الشهري لا يساوي سعر بنطال كما أن سعر كيلو الحلوى الدمشقية، يزيد عن الراتب الشهري للموظف".
ويضيف: "إذن لا تسألونا ماذا سنأكل وماذا سنلبس خلال العيد". ويؤكد محمد خلال اتصال هاتفي، أن "صفعة" المنحة لمرة واحدة، نكأت جراح السوريين المنتظرين زيادة الأجور، بعد أن زادت النفقات الشهرية عن مليوني ليرة ولم يزل متوسط الراتب أقل من 100 ألف ليرة، لكن الخيبة قبل العيد تكللت بإصدار رئيس النظام قرار صرف المنحة الزهيدة لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 75 ألف ليرة سورية (نحو 19 دولاراً) للعاملين في الدولة من المدنيين والعسكريين وأصحاب المعاشات التقاعدية.
ونال قطاع الحلويات بسورية، أكثر من غيره نصيبه من ارتفاع الأسعار، نظراً لصعود كلفة المكونات (سكر، زيت ودقيق)، ومنع استيراد المكسرات، ما حوّل الحلويات إلى حلم صعب المنال خلال عيد الفطر.
ويأتي ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وأجور العمال، ليزيد من أسعار الحلويات التي لا يقل سعر الكيلو "الشعبي" منها عن 35 ألف ليرة سورية، بحسب ما تقول السيدة سهام عباس من منطقة قدسيا لـ"العربي الجديد" متهكمة بأن سعر كيلو العوامة والمشبّك "عجين وقطر السكر" وصل إلى 8 آلاف ليرة سورية.
وتبيّن السيدة السورية أن صناعة الحلويات المنزلية "باتت مستحيلة" كون سعر كيلو السكر "أصبح 3 آلاف ليرة وكيلو الزيت 13 ألف ليرة وسعر كيلو الطحين 2500 ليرة، هذا إن افترضنا توافر الغاز أو الكهرباء لصناعة الحلويات بالمنزل".
ويراوح سعر الحذاء بالأسواق السورية، بحسب جوخدار بين 50 و100 ألف ليرة، بحسب الجلد والجودة، ولا يقل سعر القميص النسائي أو "التي شيرت"" عن 35 ألف ليرة، معتبراً أن ألبسة العيد للأسرة بحاجة إلى قرض مصرفي.
ويعتبر السوريون اللحوم اليوم، من الكماليات الغذائية والمحرمة على موائد أعيادهم، بعد تسجيل سعر كيلو الفروج 17 ألف ليرة وتعدي سعر كيلو هبرة الخروف 35 ألف ليرة سورية، في حين لا يقل سعر كيلو اللحم الأحمر "نصفه دهنة" عن 25 ألف ليرة سورية.
وفي ليبيا، تشهد الأسواق تهافتاً من قبل المواطنين لشراء ملابس العيد وذلك بعد صرف منحة الأبناء لمدة ثلاثة أشهر مقدماً. يأتي عيد الفطر هذا العام وسط العديد من الأزمات المعيشية على رأسها ارتفاع المستوى العام للأسعار مع نقص السيولة في المصارف التجارية.
ويقول سعيد الشماس إن المواطن غير قادر على توفير كلفة موائد الإفطار لشهر رمضان نظير ارتفاع الأسعار، بحيث تقتصر الموائد على الأكلات الشعبية منها "المبكبكة" دون لحم "فالمواطن لا قدرة مالية له على شراء كيلو لحم بـ50 ديناراً".
ويضيف: "مرتبي لا يتعدى 450 ديناراً او ما يعادل 100 دولار، وأنا موظف في بلدية جنزور ولدي خمسة أطفال وسعر البدلة الواحدة للطفال بقيمة 200 دينار. فكيف يستطيع المواطن مواجهة أعباء المعيشة؟".
واعتادت منظمات المجتمع المدني على مساعدة الأسر المحتاجة في موسم الأعياد، إلا أن زيادة عدد الفقراء إلى 55 في المائة من عدد السكان بحسب دراسات غير رسمية، لم تمكن الجمعيات من مساعدة كل الأسر المحتاجة.
وتقول الأرملة مسعودة الزناتي لـ "العربي الجديد" إنه لديها سبعة أبناء ولم تتحصل على مساعدات مالية ولا توجد لديها مقدرة لشراء ملابس العيد". وتضيف: "هذا العيد بطعم الغلاء ومساعينا توفير الحد الأدنى للاستمرار".
كذا، تشهد الأسواق في اليمن تصاعداً تدريجياً في الحركة التجارية مع اقتراب حلول عيد الفطر، بالتوازي مع ارتفاع قياسي في الأسعار التي تجعل مستلزمات وملابس العيد في متناول الفئات الميسورة حصراً.
ويلاحَظ ازدحام شديد في مختلف المدن اليمنية المكتظة بالمتسوقين مع اختلافات الغايات والأهداف ما بين متفرج يحاول استكشاف وضعية الأسواق، ومن يشتري مختلف الاحتياجات من ملبوسات ومكسرات وحلويات.
ثابت منصور من هؤلاء المتسوقين مع أسرته القادم من محافظة الجوف (شمال شرقي العاصمة صنعاء) والذي يقول لـ"العربي الجديد"، إنه يضع قائمة بالاحتياجات التي سيتم شراؤها من ملابس وحلويات ومشروبات ومكسرات ومختلف المستلزمات وتحديد الميزانية المخصصة لهذه المتطلبات والتي أصبحت وفق قوله، تزيد من عام إلى آخر رغم تقنين الشراء وتقليص الكثير من المستلزمات والاكتفاء بالاحتياجات الضرورية منها.
من ناحية أخرى يشكو مواطنون في مدن مثل تعز وعدن وحضرموت والمهرة ومأرب من ارتفاع الأسعار لمختلف أنواع الملابس ومستلزمات العيد. المواطن عامر الخالدي من سكان مدينة مأرب يشرح لـ"العربي الجديد"، أن تكلفة كسوة أسرة مكونة من خمسة أفراد تستلزم ميزانية قدرها 200 ألف ريال نتيجة لارتفاع الأسعار وفارق صرف العملة المحلية.
هذا المبلغ غير متاح للمواطن عدنان ناصر من سكان مدينة عدن الذي يشير لـ"العربي الجديد"، إلى أن الخيارات ضاقت كثيراً على اليمنيين والذين يضطر البعض منهم إلى التوجه إلى الأسواق الشعبية والملابس المستعملة نزولاً عند إلحاح أطفالهم.