إقبال روسي على العقارات التركية رغم تهاوي الليرة

19 ديسمبر 2021
عقارات إسطنبول حظيت بأعلى إقبال من المشترين الأجانب (فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من التوتر السياسي المتكرر بين موسكو وأنقرة، فإنّ تركيا ما زالت وجهة رائدة للسياحة ومشتريات الروس العقارية بحثاً عن تأمين مدخراتهم من تآكل قيمتها وموطن قدم في بلد ذي مناخ دافئ بعيداً عن برد روسيا وصقيعها والأسعار المبالغ فيها للعقارات.

وتشير تقديرات الوكلاء العقاريين، إلى أنّ الروس اشتروا عقارات تركية بقيمة تفوق نصف مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي 2021، وسط تساؤلات ما إذا كان التهاوي الأخير لليرة التركية سيحفز الأجانب على الاستثمار في العقارات التركية للاستفادة من هامش فارق أسعار الصرف ومدى استمرار ذلك.

ملاذ آمن لمدخرات الروس

وأرجعت المسؤولة في قسم الاستثمارات الدولية بشركة "سافيلز" للاستشارات العقارية في موسكو، ناتاليا بيتيوكوفا، إقبال الروس على شراء العقارات التركية إلى سعيهم لتملك منزل في ظروف مناخية معتدلة على ساحل البحر، وإيجاد ملاذ آمن لاستثماراتهم ومدخراتهم.

وقالت بيتيوكوفا لـ"العربي الجديد" على هامش معرض Turkey Property Expo 2021 للعقارات التركية الذي أقيم في موسكو في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري: "منذ نحو 20 عاماً، ما زالت تركيا هي الوجهة الرائدة للسياحة الخارجية الروسية والاستثمارات العقارية بالمنتجعات مثل ألانيا وأنطاليا... يعيش الروس في بلدهم بعيداً عن البحر وسط غياب الشمس لنحو ستة أشهر سنوياً، فدافعهم الرئيسي هو تملك بيت أو شقة بحوار البحر أو قضاء سن التقاعد في ظروف مناخية أفضل من بلدهم".

  4.4 ملايين سائح روسي زاروا تركيا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي

وأضافت أنّ "أسعار الشقق في تركيا تبدأ من 50 ألف دولار، وهي بذلك لا تزيد عن سعر شقة مكونة من غرفتين في مدينة إقليمية روسية، كما أنّ السوق التركية تزخر أيضاً بالعقارات الفاخرة البالغة قيمتها مئات الآلاف وتصل إلى مليون دولار".

وأشارت إلى أنّ "أغلب مشتري العقارات التركية الفاخرة من أصحاب الشركات أو لهم مصادر دخل إضافية، كما أنّ هناك عدداً متزايداً من المشترين المنحدرين من المناطق الباردة في سيبيريا والأقاليم الجنوبية ذات أغلبية مسلمة وأبناء الشعوب التركية مثل التتار، وعموماً فإنّ الروس هم الجنسية الثالثة الأكثر شراء للعقارات التركية بعد الإيرانيين والعراقيين".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وعلى مدى السنوات الأخيرة، مرت العلاقات الروسية التركية بمجموعة من الأزمات، وجاءت أبرزها بعد واقعة إسقاط قاذفة "سوخوي-24" الروسية من قبل سلاح الجو التركي على الحدود السورية التركية في نهاية عام 2015.

إلّا أنّ بيتيوكوفا قللت من تأثير مثل هذه الأزمات على الاستثمارات العقارية الروسية في تركيا، قائلة: "للأسف، هناك خلافات بين روسيا وتركيا، ولا تقبل موسكو الموقف التركي الرافض الاعتراف بانضمام شبه جزيرة القرم إلى روسيا، لكن هناك علاقات مستقرة طويلة الأجل لا تخلو من مراحل الصعود والهبوط، وعلى المواطنين الروس ألّا يقلقوا على مشترياتهم العقارية... أجرت شركتنا تحليلاً للسوق، ولا نرى مخاطر واضحة متعلقة بشراء العقارات التركية".

إقبال على شراء العقارات رغم تهاوي الليرة

من جهتها، تشير المديرة الإقليمية لمجموعة "هاشم" التركية في روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة، أمينة علييفا، إلى إقبال الروس من مناطق ذات أغلبية مسلمة على شراء عقارات تركيا، إذ يجدون بيئة تناسب معتقداتهم، مقللة في الوقت نفسه من احتمال أن يؤدي تهاوي الليرة التركية إلى تراجع أسعار العقارات التركية، حتى بما تعادله بالعملات الأجنبية على المدى الطويل.

  الليرة التركية خسرت أكثر من 40% من قيمتها منذ سبتمبر/أيلول الماضي

وتقول علييفا لـ"العربي الجديد": "تضم حقيبتنا عدداً كبيراً من المشاريع بدءاً من الشقق تحت الإنشاء وصولاً إلى فيلات في أفخر مناطق منتجع بودروم، وتبدأ الأسعار من 80 ألف دولار بمشاريع الاستثمار في إسطنبول ومن 140 ألفاً للمشتريات بهدف الإقامة للعائلات، وتبدأ من 250 ألف دولار للراغبين في الحصول على الجنسية التركية، وينحدر كثيرون من هؤلاء من الجمهوريات ذات أغلبية مسلمة مثل تتارستان وداغستان والشيشان وغيرها، كونهم يرون في تركيا بيئة أنسب للعيش فيها".

وحول تقديرها لتأثير تهاوي الليرة على سوق العقارات التركية، تضيف: "تظهر أسعار العقارات ديناميكية متأخرة مقارنة مع البورصات وأسعار الصرف تمتد لنحو شهرين أو ثلاثة يمكن خلالها للمشترين الأجانب الاستفادة من انخفاض أسعار العقارات التركية بما تعادله بالعملات الأجنبية، وهو الوقت الأنسب للمستثمرين، حيث أن الأسعار سترتفع حتماً بحلول فبراير/شباط أو مارس/آذار 2022، بصرف النظر عن سعر صرف الليرة".

وتظهر أرقام معهد الإحصاء التركي والتي أوردتها وكالة "رويترز" في منتصف الشهر الجاري، أنّ مشتريات الأجانب للعقارات التركية ارتفعت بنسبة 50% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسط تهاوي سعر صرف الليرة وخسارة العملة التركية أكثر من 40% من قيمتها منذ سبتمبر/أيلول الماضي، بالتزامن مع إصرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على خفض أسعار الفائدة.

وكشفت الإحصاءات أنّ عقارات إسطنبول ومنتجع أنطاليا والعاصمة أنقرة حظيت بأعلى إقبال من المشترين الأجانب الذين أبرموا نحو 7400 صفقة في الشهر الماضي، فيما يعد مستوى قياسيا منذ بدء إصدار مثل هذه الإحصاءات في عام 2013.

الروس يقبلون على السياحة في تركيا

ومنذ سنوات طويلة، تبقى تركيا هي الوجهة الرائدة للسياحة الخارجية الروسية، مما زاد من إقبال الروس على اختيارها وجهة لاستثماراتهم العقارية للعيش فيها لفترات أطول من مدة الرحلة السياحية التقليدية التي لا تزيد عن أسبوعين.

وتشير الأرقام الرسمية التركية إلى أنّ نحو 4.4 ملايين سائح روسي زاروا تركيا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مما يعزز الترجيحات باستمرار إقبال الروس على شراء العقارات التركية بعد اطلاعهم على مزايا العيش على ساحل البحر.

المساهمون