يتصاعد قلق مسؤولي القطاع السياحي في العديد من البلدان العربية، خاصة الأردن وتونس، اللذين كانا يأملان في جذب أعداد أكبر من السائحين بعد التعافي من تداعيات جائحة كورونا، لكن تهاوي الليرة التركية الذي جعل السياحة في تركيا أقل كلفة وجذباً يهدد تلك الآمال.
وتشكل السياحة الخارجية أحد أهم الموارد المالية للأردن، ما يزيد من قلق المسؤولين وكذلك العاملين في وكالات السياحة والسفر والفندقة من تداعيات عزوف السائحين عن البلد الذي يشهد كلفا مرتفعة في الإقامة والعيش، مقابل توجههم نحو تركيا الأقل كلفة كثيراً.
وتتعاظم المخاوف مع إلغاء حجوزات كثيرة أغلبها من أوروبا، خلال الأسابيع الأخيرة، تصل نسبتها إلى 90%، وفق مسؤولين في القطاع السياحي، بفعل المخاوف من تزايد الإصابات بمتحور "أوميكرون" من فيروس كورونا.
إلغاء حجوزات في الأردن
ويقول رئيس جمعية السياحة الوافدة محمد سميح لـ"العربي الجديد" إن انخفاض سعر الليرة التركية سيؤثر سلباً على السياحة في الأردن، بسبب تحول كثير من المجموعات السياحية إلى تركيا ، فضلا عن تراجع السياحة الداخلية.
ويفضل أردنيون منذ سنوات الذهاب إلى تركيا لأغراض سياحية وتعليمية، بسبب انخفاض الكلف قياسا مع الأردن ومنهم من اشترى مسكناً دائماً للإقامة فيه بعضا من أشهر السنة.
وتنفست السياحة الأردنية الصعداء قبل ظهور متحور "أوميكرون" وتهاوي الليرة التركية في الأشهر الأخيرة من 2021. إذ سجل الدخل السياحي في الأشهر الـ11 الأولى من العام الماضي 2.4 مليار دولار، بزيادة نسبتها 78.5% عن العام السابق، الذي هوت فيه السياحة بنسبة تجاوزت 75% عن 2019 بسبب الجائحة وتداعياتها.
وفي تونس لا تقل المخاوف من تحول السائحين نحو تركيا عن الأردن، فضلا عن زيادة توافد التونسيين أنفسهم إلى المقاصد التركية، إذ تمثل تركيا واحدة من الوجهات السياحية المفضلة لدى التونسيين.
وفقدت الليرة التركية نحو 44% من قيمتها في مقابل الدولار العام الماضي، رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أخيراً للحد من انهيار العملة، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي عن إجراءات لحماية الودائع بالليرة من تقلبات القيمة لتقليص اكتناز الدولار، بعدما هبطت العملة إلى أدنى مستوى لها عند 18.36 مقابل الدولار منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
واستعادت الليرة نحو 50% من خسائرها في أعقاب هذه الإجراءات، ليصل الدولار إلى أقل من 11 ليرة، لكن سرعان ما عاودت الهبوط، لتصل أخيراً إلى 13.87 للدولار الواحد.
ديناميكية جديدة في الحركة السياحية
ويرجح وليد بزقرو، صاحب إحدى وكالات الأسفار التونسية، أن يخلق تهاوي الليرة ديناميكية جديدة في الحركة السياحية في اتجاه تركيا بسبب تراجع كلف الإقامة وأسعار السلع هناك، متوقعا ارتفاع طلب السياح التونسيين على الوجهة التركية.
وبخلاف سفر التونسيين إلى تركيا، أضحت تونس تفتقد جذب السائحين من الخارج، لا سيما دول الجوار على رأسها الجزائر.
وتمثل السوق الجزائرية واحدة من أهم الأسواق السياحية لتونس، إذ توافد إليها عام 2019 نحو 2.5 مليون سائح شكلوا 25% تقريبا من إجمالي عدد السياح الوافدين، علما أن تونس من الوجهات السياحية الثلاث المفضلة لدى الجزائريين القادرين على السفر إليها برا، بما يخفض تكاليف سياحة الأسر قياسا بأعباء الرحلات الجوية.
لكن الحدود البرية مغلقة منذ 16 مارس/ آذار 2020 بسبب كورونا، فيما كانت تفتح معابر برية محددة في مواعيد محددة لإجلاء الطلبة والرعايا الجزائريين أو التونسيين العالقين، مع تطبيق التدابير الصحية الضرورية.
وسجلت عائدات القطاع السياحي التونسي عام 2021 ارتفاعا محدودا بلغت نسبته 7.7% مقارنة بعام تفشي الجائحة في العام السابق عليه. وأظهرت بيانات صادرة أخيراً عن البنك المركزي، وصول إيرادات القطاع منذ مطلع العام الماضي وحتى 20 ديسمبر/ كانون الأول حوالي 724 مليون دولار، وارتفع عدد الوافدين 14.5% إلى نحو 2.1 مليون سائح مقابل 1.84 مليون في 2020.