قال وكيل وزارة الزراعة في قطاع غزة، المهندس إبراهيم القدرة، إن إجمالي الإنتاج الزراعي يومياً يبلغ قرابة 1400 طن، تُستهلَك غالبيتها في السوق المحلية، وتُصدَّر كميات محدودة إلى الضفة أو الأراضي المحتلة عام 1948.
وأضاف القدرة، في حوار خاص مع "العربي الجديد"، أنّ القطاع حقق في 15 سلعة اكتفاءً ذاتياً، بما يمكنه من تغطية السوق المحلي من هذه الأصناف الأساسية، مع إمكانية التصدير إلى الخارج حال رفع الاحتلال الإسرائيلي قيوده. وأشار القدرة إلى أنّ إجمالي الخسائر التي تكبدها القطاع الزراعي بفعل الحروب الثلاث التي شُنَّت على القطاع في الفترة من 2009 وحتى 2014 بلغت ملياراً و300 مليون دولار .
وفي ما يأتي نص المقابلة:
كيف تنظرون إلى الواقع الزراعي في قطاع غزة؟
القطاع الزراعي يؤدي الدور المطلوب منه بشكل جيد ويحقق اكتفاءً ذاتياً، ورغم الكثير من الصعوبات والمعوقات، فإنّ المواطن الفلسطيني يحصل بنسبة تصل إلى 100% على المحاصيل الأساسية، والتي يُسوَّق جزء منها إلى الضفة الغربية أو خارج فلسطين. وبشكل عام، نحن راضون عن أداء القطاع الزراعي، وحالة الرضى تدفعنا إلى العمل أكثر من أجل تطوير هذا القطاع.
ما تقييمكم لقطاع الثروة الحيوانية في غزة؟
بالنسبة إلى قطاع الأبقار والأغنام والماعز، تواجه غزة مشكلة حقيقية، فلا نستطيع تلبية احتياجات السوق المحلي من الحليب ومشتقاته، حيث ما ينتَج يلبي احتياجات ما نسبته 30% إلى 35%، وهذا يعود لأسباب، منها الاحتلال والحصار الذي يمنع استيراد سلالات جيدة ويرفع تكلفتها على المربي، إلى جانب أن قطاع غزة لا ينتج أعلافاً خضراء، بل يعتمد على الأعلاف المستوردة، ويمنعنا الاحتلال من الاستيراد المباشر ويجبرنا على الاستيراد من خلاله، وهو ما يرفع التكلفة نتيجة الضرائب وتكاليف النقل الباهظة ويقلل هامش الربح لدى المربي.
أما في ما يتعلق بصناعة الدواجن، فهو أهم قطاع لدينا، حيث حققنا اكتفاءً ذاتياً بنسبة 100%، ولدينا القُدرة على أن يكون هناك تصدير إن سمح الاحتلال لنا بذلك، إذ ننتج سنوياً أكثر من 200 مليون بيضة من بيض المائدة.
ماذا عن حجم الخسائر الناجمة عن جائحة كورونا على الصعيد الزراعي والحيواني؟
بلغ إجمالي الأضرار أكثر من 8.3 ملايين دولار أميركي، منها 2.4 مليون دولار للقطاع النباتي و430 ألف دولار في القطاع الحيواني. أما في قطاع صيد الأسماك، فبلغت الخسائر 2.3 مليون دولار، بالإضافة إلى خسائر التصدير والتسويق 3.1 ملايين دولار، وهي جميعها منذ آذار/ مارس وحتى بداية العام الجاري.
هل أثرت الجائحة كثيراً بمختلف القطاعات، أم تركزت في بعض القطاعات المحسوبة على القطاع الزراعي؟
الجائحة أثرت بمختلف القطاعات، سواء النباتي أو الحيواني، وحتى قطاع الصيد البحري، إذ تضرر نحو 3 آلاف صياد جراء منعهم من الوصول إلى البحر بفعل الإجراءات الاحترازية، إلى جانب توقف تسويق الأسماك وتصديرها، فغزة كانت تصدّر إلى الضفة أسبوعياً أكثر من 10 أطنان من الأسماك، منها جزء بحري يُصطاد من البحر، وقرابة 60% يُصدَّر من مشاريع الاستزراع السمكي.
وعلى صعيد تسويق المنتجات الزراعية، ساهمت الإجراءات في وقف حصول المزارعين على أفضل الأسعار وترويج محاصيلهم بطريقة تحقق أرباحاً لهم، وهناك ملايين الأشتال التي ماتت في مزارعها بسبب عدم توجه المزارعين للحصول عليها نتيجة صعوبة الوصول إلى الأراضي والخشية من المجهول في ظل انتشار الجائحة.
هل وصل القطاع إلى مرحلة الأمن الغذائي على الصعيد الزراعي؟
على مدار الـ 13 عاماً الأخيرة، عملنا بنحو مدروس من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الأمن الغذائي، واتبعنا سياسة إحلال الواردات، ورفعنا شعار دعم المنتج الوطني والاستثمار على فاتورة الاستيراد، وهو ما نجحنا فيه بعد هذه السنوات الطويلة.
وتمكنا من توفير الأمن الغذائي في الأصناف الأساسية في عدة محاصيل، مثل البندورة والبطاطا والخيار والبصل. أما في الشق الحيواني، فاكتفينا ذاتياً في بيض الدواجن والدجاج اللاحم، رغم المعوّقات الإسرائيلية والقيود المفروضة.
كم عدد الأصناف التي تُصدِّرون منها حالياً من هذه السلع؟
هناك 15 صنفاً نُصدِّرها إلى الضفة الغربية، وإن سمح الاحتلال لنا، يمكن تصديرها خارج فلسطين، وجميع هذه الأصناف متوافرة بنسبة 100%، ويوجد فائض في الإنتاج منها في غزة.
يومياً يُسوَّق أكثر من 350 طناً من هذه السلع: البندورة والخيار والفلفل الحار والفلفل الحلو والكوسا والباذنجان، بالإضافة إلى الفراولة، وفي بعض الأحيان يتجاوز حجم التصدير 550 طناً من إجمالي السلع المصدرة إلى الضفة، فيما يسمح لنا الاحتلال بنقل كمية صغيرة لأسواقه تراوح ما بين 400 إلى 500 طن شهرياً لأسواقه.
حجم الإنتاج الزراعي في غزة... كم يبلغ؟
يومياً ننتج 1300 طن إلى 1400 طن من مختلف أصناف الخضروات، يُسوَّق 300 طن إلى الضفة الغربية، فيما يستهلك القطاع قرابة 1100 طن من مختلف أصناف الخضروات.
في السنوات الأخيرة كان هناك تطور لافت في بعض المنتجات مثل الفراولة والحمضيات.. هل هناك تقدم في هذه الأصناف؟
خلال الموسم السابق زُرِعَ 1760 دونماً من محصول الفراولة بإجمالي 5500 طن، سُوِّق 3100 طن إلى الضفة وأسواق الداخل المحتل، فيما استُهلك الباقي محلياً، وخلال الموسم الحالي زُرِعَ 2400 دونم، ونتوقع تصدير قرابة 3300 طن إلى الضفة والاحتلال.
في ما يخص الأصناف الأخرى، هناك اكتفاء ذاتي في محصول البطيخ. فنحن لا نستورد من الخارج، وأنتجنا العام الماضي 40 ألف طن، بالإضافة إلى إنتاج 40 ألف طن من الحمضيات والاكتفاء ذاتياً وتصدير محصول الليمون إلى الخارج، في ظل وجود فائض، حيث صدّرنا في الموسم السابق 300 طن خارج فلسطين، ومنذ بداية الموسم الحالي صدّرنا 50 طناً، ونتوقع زيادتها خلال الفترة المقبلة.
كم تبلغ المساحة الزراعية في قطاع غزة؟
تبلغ مساحة الأراضي الزراعية 170 ألف دونم، لكنها تتجاوز 230 ألف دونم، بحيث إن القطعة الزراعية الواحدة تُزرَع عدة مرات في السنة.
ما أبرز العقبات التي تواجهكم في قطاع الزراعة؟
الزراعة في غزة عدوها الأول الاحتلال، بالإضافة إلى الحصار المفروض من 14 عاماً، حيث يُمنَع دخول مستلزمات الإنتاج مثل معقمات التربة، فيما يُمنَع المزارعون من الاستيراد مباشرةً، وهو ما يرفع التكلفة. ويكمن القول إننا البلد الوحيد في العالم الذي يزرع بأعلى التكاليف ويبيع بأقل الأسعار.
هل أسهمت إجراءات الاحتلال في حرمانكم المساحات الزراعية في المناطق الحدودية؟
الاحتلال يحرمنا 30 ألف دونم في المناطق الحدودية بفعل إجراءاته، فهو يمنع المزارعين من زراعتها بشكل حر، وإن سمح لهم بالزراعة، فإنه يتحكم بطبيعة المحاصيل التي يزرعونها، ما جعل هذه المنطقة هامشية وغير استراتيجية. إذ يمنع الاحتلال زراعة الأشجار الطويلة والمعمرة، وتقتصر الزراعة على الأصناف الورقية تحت ذرائع أمنية وحجب الرؤية، ويقوم بتجريفها فوراً، إلى جانب عمليات الرش الجوي التي يقوم بها وعمليات فتح السدود.
كم تبلغ الخسائر نتيجة الإجراءات الإسرائيلية المتبعة، وخصوصاً عمليات الرش؟
بلغ إجمالي الخسائر الناجمة عن عمليات الرش وفتح السدود خلال السنوات الثلاث الأخيرة 3 ملايين دولار أميركي. ففي العام الماضي، سبّب فتح السدود إغراق 1000 دونم بإجمالي خسائر بلغ 700 ألف دولار أميركي، والعام الحالي أُغرِقَت 300 دونم.
ما الأضرار التي تكبدها القطاع الزراعي جراء الحصار والحروب؟
إجمالي الخسائر المترتبة عن الحروب الثلاث التي شُنَّت على القطاع أعوام 2009 و2012 و2014 بلغت أكثر من مليار و300 مليون دولار أميركي، منها 600 مليون دولار، هي أضرار مباشرة، وأكثر من 700 مليون دولار أضرار غير مباشرة.
هل عُوِّض على المزارعين المتضررين؟
نحن كوزارة زراعة لا نقدم تعويضات، إلا أننا بالتعاون مع جهات مانحة وبعض الشركاء والمؤسسات الدولية، تُنفَّذ مشاريع وإعادة تأهيل جزء لا بأس به من الأراضي الزراعية بهدف إعادتها إلى العمل، إلا أن إجمالي ما قدم إلى قرابة 40 ألف متضرر لا يزيد على 30%، وهناك عدد كبير منهم لم يتلقَّ أي تعويضات.
كم عدد العاملين في القطاع الزراعي في قطاع غزة؟
يعمل في هذا القطاع 55 ألف شخص، منهم مزارعون وعمالة دائمة وعمالة موسمية ووسطاء نقل وأعمال أخرى مرافقة، وفي ظل الحصار، القطاع الزراعي هو الوحيد الذي يعمل بكامل طاقته الإنتاجية، وهناك زيادة في أعداد العاملين فيه.
هل شهدت الحالة الزراعية تقدماً أم تراجعاً خلال السنوات الماضية؟
نحن في حالة تقدم، لا تراجع، وحجم الإنتاج في السنوات الخمس الأخيرة في صعود، وعلى سبيل المثال قبل سنوات سوّقنا إلى الضفة 40 ألف طن من المنتجات الزراعية، فيما صدّرنا عام 2019، 55 ألف طن بقيمة 65 مليون دولار، فيما انخفض التصدير إلى 43 ألف طن بسبب قيود كورونا، ونطمح إلى أن نتجاوز معدل 55 ألف طن خلال 2021، إن خُفِّفَت قيود كورونا.
واقع الاستيراد والتصدير إلى الخارج.. كيف تتعاملون في هذا الملف؟
الاحتلال عقبة أساسية في هذا الملف. فهناك إجراءات كثيرة غير مريحة بالنسبة إلينا، ويضع اشتراطات كثيرة ترفع تكاليف التصدير إلى الخارج وتشكل عائقاً أمام المزارع والتاجر الراغب في التصدير، إلى جانب عدم السماح بتصدير السلع التي يرغب المزارعون فيها وتحديد الكميات والأسواق المسموح بالتصدير إليها.
وعلى صعيد الاستيراد، الاحتلال لا يسمح لنا بالعمل المباشر إلا من خلاله، وهو ما يرفع التكلفة على المزارعين والتجار، ويحرمنا إدخال أحدث المعدات والمواد المخبرية اللازمة لتطوير القطاعين الزراعي والحيواني.
ملف الدواجن.. هذا الملف يشهد تلاعباً كبيراً وتضارباً في الأسعار، هل هناك سوق سوداء تساهم في التلاعب بالأسعار؟
تذبذب الأسعار أمر طبيعي، والأسعار تنتقل بين الارتفاع والانخفاض، واتخذنا إجراءات مشددة على صعيد البيض المخصب والأعلاف من أجل إدخال أصناف ذات جودة عالية، وهو ما انعكس إيجاباً على المزارعين، وأسهم في تقليل التكاليف والخسائر على المربي، وأصبح بإمكانه مجاراة الوضع الاقتصادي المتدهور بما يمكنه من تحقيق أرباح وفقاً للحالة الاقتصادية السائدة.
ولا يوجد لدينا سوق سوداء، فنحن ضمن الإجراءات الأخيرة قمنا بتعويم إدخال البيض المخصب والأعلاف إلى غزة بشرط الجودة، ونحن نضمن حرية المنافسة وجودة ما يُستورَد، وفي حال وجود أي عملية احتكار في السلع، سواء في البيض المخصب أو الأعلاف، نتخذ إجراءات حاسمة وقاسية بحق المخالفين.
-كم حجم الإنتاج السنوي من الدجاج اللاحم في القطاع؟
نحن نستورد شهرياً 3 إلى 3.5 ملايين بيضة ينتج من خلالها ما يقارب 2.4 مليون دجاجة شهرياً بواقع 80 ألف دجاجة يومياً.
ويوجد في القطاع 1500 مزرعة، المرخص منها 700 مزرعة، وهناك مزارع بيتية، لكنها غير ثابتة ومتغيرة من حيث استمرارية العمل.
في الفترة الأخيرة، هناك زيادة واضحة في أعداد العاملين والمستثمرين في هذا المجال، ما أدى إلى تطور مزارع الدجاج اللاحم مقارنة بالسابق.
مربو الدواجن في غزة قادرون على تغطية احتياجات السوق المحلي. إلى جانب ذلك، هناك سوق جديد يتمثل بمربي الحبش ينمو ويتصاعد حالياً، حيث يُستورَد سنوياً مليون بيضة من الحبش تنتج 700 ألف طائر، فيما يوجد 200 مزرعة تعمل في مجال الحبش.
هل هناك اتجاه لتنفيذ مشاريع للاستزراع السمكي في ظل قيود الاحتلال البحرية؟
بدأنا خلال العقد الأخير بتطوير مشاريع الاستزراع السمكي، في ظل قيود الاحتلال وعمليات الصيد الجائر وتحديد مساحة الصيد. وحينما بدأنا في هذه المشاريع، كان الرصيد صفراً، ثم في العام الأول وصل حجم الإنتاج إلى 10 أطنان، فيما يبلغ حالياً أكثر من 600 طن من عدة أصناف تسوَّق إلى الضفة الغربية.
ويقدَّر حجم الأسماك التي تُجمَع من البحر أو من مشاريع الاستزراع السمكي بقرابة 3500 طن لا تكفي لسد حاجة السوق المحلية.