استمع إلى الملخص
- الأضرار الاقتصادية لإغلاق معبر الكرامة: إغلاق المعبر مع الأردن يسبب خسائر كبيرة، مع توقف ألف شاحنة وتلف البضائع، مما يرفع الأسعار ويكلف الاقتصاد الفلسطيني 60 مليون شيكل.
- السياسات العقابية والجهود الدبلوماسية: القيود الإسرائيلية تهدف لإضعاف الاقتصاد الفلسطيني، بينما تسعى الجهود الدبلوماسية الفلسطينية والأردنية للضغط على إسرائيل لتسهيل الحركة التجارية.
تتصاعد الأزمة الاقتصادية الفلسطينية يوميًا نتيجة الإغلاقات والقيود الإسرائيلية المفروضة على حركة التجارة عبر المعابر والحدود، مما يكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر بملايين الشواكل يوميًا.
هذه الخسائر تطاول مختلف القطاعات، من النقل التجاري والبضائع المستوردة وصولًا إلى القطاعات الزراعية الصغيرة مثل مزارعي الزيتون.
ولا يزال الممر التجاري لمعبر الكرامة مع الأردن مغلقًا منذ التاسع من سبتمبر/أيلول الماضي، فيما توقفت التنسيقات التجارية مع قطاع غزة منذ مايو/أيار الماضي. إضافةً إلى ذلك، قلصت السلطات الإسرائيلية أعداد الشاحنات المسموح لها بالدخول والخروج عبر المعابر مع أراضي الداخل المحتل، مما زاد من تعقيد الوضع الاقتصادي الفلسطيني وأدى إلى شلل في حركة البضائع.
أضرار إغلاق معبر الكرامة
غير أن الأضرار الاقتصادية الأبرز تركزت في إغلاق معبر الكرامة، الذي حال دون دخول البضائع المستوردة من الأردن إلى الضفة الغربية، بما في ذلك الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية ومواد البناء.
ومع استمرار الإغلاق لمدة شهرين تقريباً، تكبّد قطاع النقل التجاري خسائر يومية تقدر بنحو 900 ألف شيكل (243 ألف دولار)، فيما وصلت الخسائر الإجمالية منذ بدء الإغلاق إلى نحو 60 مليون شيكل، وفق ما صرح به عادل عمرو، مسؤول قطاع النقل التجاري في النقابة العامة لعمال النقل في فلسطين، لـ"العربي الجديد".
وأشار عمرو إلى أن نحو ألف شاحنة تجارية متوقفة في الجانب الأردني، إذ لا يُسمح لها بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية، مما أدى إلى تلف جزء كبير من البضائع المحملة فيها. وقد اقتصر السماح على عدد محدود من الشاحنات التي تنقل "إسمنت السيلو"، نظرًا لإمكانية نقلها دون تفاعل مباشر بين أفراد الأمن أو العمال الأردنيين والإسرائيليين خلال عملية النقل.
وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت وقف الأعمال التجارية من نقل شاحنات البضائع المستوردة والمصدّرة عبر معبر الكرامة بعد وقوع عملية إطلاق نار نفّذها الأردني ماهر الجازي وأدت إلى مقتل ثلاثة من رجال الأمن الإسرائيليين، في 8 سبتمبر/ أيلول الماضي.
ووفق عمرو، فقد كانت تدخل إلى الضفة الغربية يوميًا قرابة 500 شاحنة تجارية عبر الأردن، وقد يزيد العدد أحيانًا، قبل إغلاق المعبر. لكن التوقف المفاجئ لهذا العدد الكبير من الشاحنات انعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي، حيث تكبد التجار خسائر فادحة، بينما تأثر عمال النقل الذين يعتمدون على نظام "المياومة" في أجورهم. كما أدى انقطاع البضائع عن الأسواق إلى ارتفاع الأسعار على المستهلك، ما شكل عبئًا إضافيًا على المواطن الفلسطيني الذي يعاني من ظروف اقتصادية صعبة تراكمية منذ سنوات، وتحديدًا منذ بدء العدوان على غزة.
تكلفة إضافية للمزارعين
بالإضافة إلى ذلك، يعاني المزارع الفلسطيني من خسائر اقتصادية كبيرة بسبب إغلاق المعبر، خاصة في موسم الزيتون. إذ يضطر المزارعون إلى دفع آلاف الشواكل باعتبارها تكاليف نقل الزيت الفلسطيني إلى الخارج، في عملية تُعرف بـ "نقل الأمانات"، وهي ليست عملية تصدير ولا تفرض عليها ضرائب أو جمارك. ومع ذلك، يتحمل المزارعون تكاليف النقل من فلسطين إلى دول الخليج العربي كما يقول رئيس مجلس الزيت والزيتون، فيّاض فيّاض في حديث مع "العربي الجديد".
وأشار فيّاض إلى أنه بعد تدخلات خارجية، تم السماح بنقل الزيت إلى الخارج عبر معبر 'العربا'، المعروف إسرائيليًا بـ"معبر إسحق رابين"، بدلاً من الطريق التقليدي عبر معبر الكرامة.
هذا المعبر يربط جنوب الأردن بالعقبة، وهو قريب من مدينة إيلات. لكن هذه التغييرات دفعت المزارع الفلسطيني لتحمل تكاليف إضافية، حيث ارتفعت أجور النقل من نحو 2500 شيكل (675 دولارا) للشاحنة الواحدة إلى حوالي 17 ألف شيكل (4590 دولارا). ومن المقرر أن يتم نقل ما بين 4 و5 أطنان من الزيت عبر هذه الطريق. بالإضافة إلى ذلك، أدى إغلاق معبر الكرامة طوال الشهر الماضي إلى تراكم الزيت لدى المزارعين، مما أدى إلى انخفاض أسعاره.
وفي المجمل، تقدّر خسائر الاقتصاد الفلسطيني بشكل تقريبي بـ "مليار" شيكل (270 مليونا و270 ألف دولار) من جرّاء إغلاق معبر الكرامة خلال الشهرين الماضيين، حيث منعت الحركة التجارية في السوق الفلسطيني من البضائع التي تأتي عبر الأردن والتي كانت تقدّر يوميًا بـ 12 مليون شيكل (نحو 325 ألف دولار)، وفق ما يقوله أمين صندوق اتحاد الغرف التجارية والصناعية في فلسطين، عمار أبو بكر في حديث مع "العربي الجديد".
في هذا السياق، يؤكد أبو بكر أن إغلاق معبر الكرامة يأتي كجزء من سياسة إسرائيلية مستمرة تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، حيث تواكبها قيود على الحركة التجارية عبر الموانئ الإسرائيلية وتدمير البنية التحتية للمدن والمخيمات. إضافة إلى ذلك، يتم إغلاق المعابر التي تربط الضفة الغربية بأراضي الداخل المحتل، في إطار محاولات إسرائيلية منهجية لتقويض الاقتصاد الفلسطيني. هذه السياسات تؤدي إلى تبعات سلبية واضحة على المواطنين الفلسطينيين، الذين يتحملون العبء الأكبر من هذه السياسات العقابية.
سياسات عقابية للاحتلال
وتزامنت القيود الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني مع حملات المقاطعة الشعبية التي طاولت البضائع والمنتجات الإسرائيلية أو الداعمة للاحتلال، والتي انعكست تلقائيًا على حجم الطلب العالي على المنتج المحلي الفلسطيني أو الأردني، ما يوحي بأن السياسات الإسرائيلية العقابية ليست عشوائية، بل تأتي في إطار استراتيجي متكامل يهدف إلى إضعاف البنية الاقتصادية الفلسطينية.
في هذا السياق، أشار أبو بكر إلى أن هناك جهودًا مستمرة من جانبهم للتواصل مع الارتباط المدني الفلسطيني ووزارة الاقتصاد، اللذين يعملان بشكل وثيق مع الجانب الأردني للضغط من أجل إعادة فتح حركة التجارة كما كانت عليه سابقًا.
وكان وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد العامور، قد التقى نظيره الأردني في السابع من الشهر الجاري، وجاء في بيانٍ عن وزارة الاقتصاد أن وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، يعرب القضاة، أعلن عن "تحرك أردني واسع مع كافة الأطراف الدولية، للضغط على الجانب الإسرائيلي لإزالة التعقيدات أمام الحركة التجارية عبر جسر الملك حسين".