كنت أتمنى أن تكون قمة أوبك المقبلة قمة للمواطن العربي الفقير وليس فقط للأثرياء وكبار منتجي النفط حول العالم، ذلك لأن بند الوقود بكل مكوناته بات يستنزف جزءاً مهماً من ميزانية الأسرة العربية، بل وبات الوقود يمثل عبئاً كبيراً علي المواطن مع اتجاه معظم الدول العربية نحو رفع الدعم الحكومي عن المشتقات البترولية، بل إن دولاً مثل المغرب والأردن رفعت بالفعل الدعم عن الوقود كلية وباتت تبيعه لمواطنيها طبقاً للأسعار العالمية، أضف إلي ذلك أن تكلفة الطاقة تستحوذ على نحو 30% من تكلفة إنتاج السلع والخدمات، وبالتالي فإن أي تحرك في أسعار النفط، يؤثر مباشرة على تكلفة إنتاج وأسعار كل أنواع السلع وفي مقدمتها السلع الغذائية.
غداً الجمعة تستضيف مدينة فيينا واحداً من أخطر الاجتماعات على مستوى العالم والذي سيتم فيه تحديد اتجاهات أسعار النفط لمدة 6 شهور قادمة، حيث سيجتمع وزراء النفط بمنظمة البلدان المصدرة للبترول "الأوبك" التي تساهم بأكثر من 40% من الإنتاج العالمي.
البعض يتساءل: وما علاقة المواطن الفقير بهذا الاجتماع النفطي والفني، إنه اجتماع لا يعنيه من قريب أو بعيد، وهذا كلام غير صحيح، فأسعار النفط باتت ترتبط ارتباطاً قوياً بالمواطن العادي وأزماته المعيشية، ذلك لأنها تحدد اتجاهات كل الأسعار تقريباً، فإذا تراجعت أسعار النفط مثلاً فإن كل أسعار المشتقات البترولية من بنزين وسولار وديزل وربما غاز تنخفض معها.
وإذا حدث تراجع في أسعار النفط عالمياً فإن تكلفة إنتاج المحاصيل الزراعية تتراجع، وهو ما يؤدي لتراجع أسعار السلع الغذائية الرئيسية التي تستوردها الدول النامية، ومنها العربية، وفي مقدمتها الحبوب والألبان والزيوت والسكر.
وعندما تتجه أنت لمحطات الوقود لتموين سيارتك بالبنزين والسولار فإنك بذلك توجه جزءاً مهماً من دخلك للمشتقات البترولية، وهذا الجزء تقل تكلفته أو تزيد حسب اتجاهات أسعار النفط، وعندما يرتفع سعر السولار فان المزارع العربي يتحمل تكلفة أعلى في دورة الإنتاج، وهنا قد يضطر لزيادة أسعار الأغذية، وكذا الحال بالنسبة للتاجر والمصدر والمستثمر والصانع.
وعندما تطهو طعامك في منزلك فإن سعر أنبوبة البوتاغاز تهمك لأنها قد تستهلك جزءاً لا بأس به من راتبك الشهري أو دخلك، وحتى ولو لم تمتلك سيارة خاصة، فإن زيادة أسعار البنزين والسولار تعني زيادة تعرفة التاكسي وسيارات الأجرة التي تستقلها.
أيضاً النفط يدخل في صناعات عدة تؤثر على أسعار السلع الاستراتيجية مثل الملابس والأدوية وصناعة البتروكيماويات والبلاستيك وغيرها من الأمور الحياتية.
الآن هل أدركت أن اجتماع أوبك يهم بالدرجة الأولى المواطن العادي وليس فقط الدول المصدرة أو المستوردة للنفط، وهل فهمت أهمية أن تكون أوبك قمة للأثرياء والفقراء معاً.
اقرأ أيضاً: محللون: أوبك ستواصل ضخ النفط بالمستويات الحالية