اليوم تعقد الدول الأعضاء بمنظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، اجتماعاً بفيينا لبحث اتجاهات أسعار النفط في الفترة المقبلة، ومن الطبيعي أن يشهد الاجتماع خلافات شديدة بين وزراء النفط حول مستوى الإنتاج الحالي للنفط البالغ 30 مليون برميل يومياً، وأن تبرز خلال الاجتماع قوتان، الأولى تدفع نحو تثبيت الإنتاج وبالتالي الحفاظ على المستوى الحالي للأسعار بغض النظر عن تعرضها لخسائر فادحة في المستقبل القريب، وأن تدفع قوة أخرى نحو خفض الإنتاج، وهو ما يرفع الأسعار التي تهاوت منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي حيث تراجعت من مستوى 115 دولاراً للبرميل إلى 63 دولاراً أمس.
ومن الطبيعي أن تضغط دول أعضاء بمنظمة أوبك وبقوة باتجاه خفض الإنتاج الحالي للنفط بهدف تحسين مستوى الأسعار، وبالتالي زيادة إيراداتها من النقد الأجنبي وتقليص العجز في الموازنات العامة لديها، وخاصة أن هذا العجز يسبب لحكوماتها إحراجات
أمام شعوبها لعدم قدرتها على تلبية الاحتياجات الرئيسية.
هنا نحن نتحدث تحديداً عن روسيا وإيران وفنزويلا والعراق وليبيا وغيرها من الدول التي تعاني عجزاً مالياً وأزمات اقتصادية حادة بسبب تهاوي أسعار النفط الحالية منذ منتصف العام الماضي.
وليس مستغرباً أن تضغط قوى ودول كبرى منتجة للنفط خلال اجتماع أوبك باتجاه تثبيت الإنتاج حتى تستمر الأسعار منخفضة في الأسواق، وبالتالي تلحق خسائر فادحة بشركات الإنتاج الصخري التي باتت منافساً قوياً، وتعمل على إخراجها من سوق الإنتاج، كما جرى في الأشهر الماضية.
كل ذلك طبيعي ويأتي في إطار مراعاة كل دولة منتجة للنفط ظروفها ومصالحها الاقتصادية والسياسية عند اتخاذ قرار، خاصة إذا ما كانت إيرادات النفط هي المغذي الرئيسي للموازنة العامة لهذه الدولة، لكن ما لا يعرفه كثيرون أنّ منظمة أوبك تحولت في الفترة الأخيرة إلى ساحة لتصفية الخلافات السياسية، حيث جرى استخدامها من قبل بعض الدول لمعاقبة دول أخرى على مواقف سياسية محددة.
وعندما خرج علينا الأمين العام للمنظمة، عبد الله البدري، يوم الأربعاء الماضي، قائلاً إن المنظمة لا تستهدف أحداً بعينه من منتجي النفط باستراتيجيتها للمحافظة على حصتها السوقية، فإن الرجل كان يرد بذلك على اتهامات باستخدام المنظمة كأداة سياسية لمعاقبة دول، في مقدمتها إيران وروسيا.
عندما تجتمع منظمة أوبك، اليوم الجمعة، تكون قضايا الحرب في اليمن، والعقوبات الغربية على إيران، والعقوبات الغربية على روسيا، والأزمة الأوكرانية، وأزمة فنزويلا المالية، والتدخل الإيراني في دول المنطقة، خاصة في اليمن وسورية، حاضرة وبقوة في اجتماع من المفترض أن يكون اقتصادياً بامتياز، وأن يخصص لمناقشة قضايا نفطية بحتة.
اقرأ أيضاً: أوبك.. قمة الأغنياء والفقراء