أزمة غذاء تهدّد العراق: غياب تام لخطط المواجهة

14 يونيو 2021
السلطات العراقية لم تضع أي خطط تُذكر في مواجهة أزمة الغذاء (فرانس برس)
+ الخط -

حذّر مسؤولون عراقيون من غياب التخطيط الحكومي لمواجهة تحديات الأمن الغذائي بالتزامن مع استمرار تراجع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار في ظل استمرار اعتماد البلاد على الاستيراد لتأمين الحاجيات الأساسية من الغذاء بشكل كبير، مؤكدين أن انعدام التخطيط ووضع آليات لمواجهة الأزمة، سيلقى على عاتق المواطن، من خلال إجراءات آنية ستتخذ تكون انعكاساتها غير مدروسة.

يجري ذلك في ظل ظروف غير مستقرة يمر بها العراق، من خلال الارتباك الأمني والسياسي والإعداد لانتخابات مبكرة، فضلا عن الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، وما نتج عنها من قفزات غير مسبوقة بأسعار المواد الغذائية.

مسؤول حكومي في بغداد قال لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة لم تضع أي خطط لمواجهة أزمة الغذاء التي يجري الحديث عنها"، مستدركا بأنه "لا شك في أن الحكومة ستكون لها خطط في حال كانت المخاوف التي تثار بشأن الأزمة حقيقية، خصوصا أن ما يجري الآن مجرد حديث، وأن تعرض العراق للأزمة أيضا غير مؤكد".

وأشار إلى أنه "في حال تأكد ذلك فبالتأكيد سيعرض الملف على مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنه".

مسؤولون انتقدوا غياب التخطيط الحكومي لمواجهة الأزمات التي تحيط بالعراق، مؤكدين أن انتظار الوقوع بالأزمة ستترتب عليه نتائج خطيرة تتعرّض للبلاد وخاصة المواطنين، في حال استمر الإهمال الحكومي بوضع الاستراتيجيات لمواجهة المخاطر والأزمات الغذائية.

عضو لجنة الزراعة البرلمانية، علي البديري قال لـ"العربي الجديد"، "لا توجد للأسف أي دراسات ولا تخطيط واضح إزاء تلك المخاطر من قبل الحكومة، هناك غياب تام عن تدارك المخاطر التي يتأثر بها العراق، سيما وأنه يعتمد على الاستيراد بشكل كبير للحصول على الغذاء".

وأكد أن "القطاع الزراعي من القطاعات المهمة، وإذا ما تم تفعيله ودعمه، فستكون هناك إمكانية لإبعاد شبح الأزمة عن البلاد"، مبينا أن "هناك مقومات كبيرة للعراق لتطوير إنتاجه من المحاصيل الغذائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتجاوز الأزمات، فالأراضي الصالحة للزراعة والمياه والأيدي العاملة متوفرة جميعها، وهي مقومات كبيرة لكن القرار الحكومي الإداري يفتقد التخطيط".

وشدد على أن "العراق سيكون في صلب الأزمة، فالقطاع الزراعي محارب، والمنتج المحلي محارب، الاكتفاء الذاتي محارب، ومستحقات المزارعين المالية لم تدفعها الحكومة لهم، ما يعني أن الحكومة تقف بالضد من الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي وامتلاك القدرات الكافية من الإنتاج لمواجهة الظروف الطارئة وتحقيق الأمن الغذائي".

وأشار إلى أن "غياب التخطيط مرتبط بعدم وجود كفاءات تدير الوزارات وجلسات مجلس الوزراء، إذ إن الوزراء جاءوا وفقا لمبدأ المحاصصة، وهم غير كفوئين ولا يمتلكون القرار، والقرارات بيد الكتل السياسية التي ينتمون لها، الأمر الذي يجعل الحكومة تنتظر دخول الأزمة وعند ذاك ستواجهها من دون تخطيط، وتتعامل معها كحالة آنية بعيدا عن الخطط المستقبلية".

النائب حسين عرب، أكد أن قطاع الزيارة قطاع حيوي ويمكن له أن يمنع الأزمة في العراق في حال تخلص من الفساد الذي يهدد خطط الوزارة، وقال لـ"العربي الجديد"، "القطاع الزراعي من أهم القطاعات في البلاد، التي يجب تفعيلها لمواجهة الأزمات الغذائية، فالحكومة تقدم الدعم والمبالغ المالية الكبيرة له، لكن هناك سوء إدارة للقطاع، وتنفيذ مشاريع وهمية وغير ذلك".

وشدد على "أهمية أن تسيطر الحكومة على القطاع، ومن ثم تدعمه لأهميته بمواجهة أي أزمة تتعرض لها البلاد".

وأكد أنه "حتى الآن لا توجد أي خطط حكومية لمواجهة الأزمة. نحتاج الى دعم وتخطيط حكومي لدعم المواد الغذائية وتوفيرها".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

أما عضو اللجنة المالية في البرلمان، النائب جمال كوجر، فقد أكد أن تأثيرات كبيرة سيواجهها العراق من جراء الأزمة الغذائية، وقال لـ"العربي الجديد"، "لا شك أن المشكلة إذا بدأت بالظهور فستكون لها تأثيرات سلبية على العراق، الذي يعد بلدا غير منتج وإنما مستهلك للمواد الغذائية بشكل عام، الأمر الذي سيضعنا أمام مشكلة قد تكون خارج إطار السيطرة عن قدرة الدولة العراقية"، مؤكدا، "لا أعتقد أن الحكومة قادرة على وضع حلول لمواجهة الأزمة، سيما وأنها (الحكومة) منشغلة بأمور أخرى، فهي حكومة مؤقتة وذاهبة نحو الانتخابات ومنشغلة بهذا الملف".

وحذر من أنه "إذا لم تكن هناك خطط واضحة لتلافي الأزمة فستكون البلاد أمام مشكلة حقيقية"، مبينا أنه "من الواضح أن الحكومة لم تضع أي خطة لدعم القطاع الزراعي، والذي يعد من أهم ما نحتاجه خلال الفترة القبلة، إذ كان من المفترض أن يدرج بالموازنة، ولم يدرج شيء لذلك، فموازنة الزراعة أقل بكثير من موازنات الوزارات الأخرى، وما يعني عدم وجود خطط لهذا القطاع، وإذا حلّت الأزمة سنكون أمام وضع صعب جدا لأن الحكومة ليس لها أي خطط، وأن الآثار ستكون كارثية على البلاد".

ويؤكد مختصون بالشأن الاقتصادي أن العراق عرضة لأي أزمة تمر بها المنطقة، بسبب غياب التخطيط الاستراتيجي لديه، وقال الباحث في الشأن الاقتصادي، غالب الجيزاني، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق خاضع لإرادات سياسية، وهذه الإرادات تتحكم بالقرار السياسي، وأن أي خطوة لدعم المنتج المحلي الزراعي والصناعي والغذائي وغيرها، ستتعارض مع أجندات تلك الجهات، التي تحقق مكاسب كبيرة من تحويل العراق الى بلد مستهلك، كونها تتولى السيطرة على توريد المواد الغذائية، عن طريق الاستيراد الرسمي والتهريب، ما يجعلها تمنع اتخاذ أي إجراءات تعارض مصالحها".

وأكد أن "العراق وفقا لهذه السياسات أصبح هشا وضعيفا وعرضة لأي أزمة، وأنه لا شك سيجد نفسها في وسطها، وعند ذاك سيلجأ للحلول الطارئة، كخفض قيمة الدينار العراقي مجددا أمام الدولار، وزيادة الضرائب على المواطنين ورفع أسعار الوقود، وأسعار المواد التجارية الأخرى، وكل ذلك سيكون أعباء جديدة على كاهل المواطن".

وأشار إلى أن "المعطيات الحالية والإهمال وغياب التخطيط يؤكد وقوع كل ذلك، فإذا ما حلت الأزمة، فإن الحكومة لن تجد مفرا إلا باتخاذ تلك الإجراءات".

المساهمون