تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "مهمّتي، ككاتب، هي البحث عن ملاذات آمنة، ولو من خلال أُمنية أو كتاب"، يقول الشاعر والروائب العراقي في لقائه مع "العربي الجديد".
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
ما يشغلني هو ما يشغل ذاكرة وهاجس كلّ من يعتني بـ إرث بلاده. فمتى يعكس مكانُ الولادة إحساسه وما يتعرّض له أو يطمح إليه، تصبح مهمّتي ككاتب أن أجد ملاذات آمنة لهذا المكان، ولو من خلال الأُمنية ومشروع تأليف كتاب. ولأنّي من المهتمّين بـ أهوار العراق، وقد ألّفتُ عنها 12 كتاباً وسيناريو فيلم سينمائي، فإنّ الخراب والعطش الزاحف إليها هما ما يهمّني وأنا أرى في عيون سكّانها منافيَ جديدةً إلى أمكنةٍ أُخرى لا تمتّ إلى حياتهم وأحلامهم بصلة.
■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك المقبل؟
هذا الشهر صدرت لي مجموعتان قصصيّتان؛ هُما: "أنبياء الأهوار" عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر" في عمّان و"سوق سيّد سعد بعد مئتي عام" عن "دار نينوى" في دمشق، وروايتان عن "نينوى" هُما "قمر ثوبُه القصب" و"جنود حروب كوكب الشرق". أمّا المقبل، فهو رواية "أوروك هايكو الغرام" الفائزة بـ"جائزة الطيّب صالح العالمية للرواية" 2021.
■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟
نعم أنا راضٍ عن منجزي ونتاجي لأنه انعكاس لأحلامي أوّلاً، ولمّا أشعر أنها موهبتي وهي قادرة أن تؤدّي دوراً إبداعياً مهمّاً في الكتابة الأدبية والثقافية والحضارية أيضاً.
■ لو قُيّض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
سأتمنّى أن أكون روائيّاً مثلما أنا الآن، لشعوري أنّ الرواية تؤدّي مهمّة ثقافيّة وحضاريّة، وقد تخطّت الشعر لتكون لسان حال الحلم في ذاكرة المجتمعات. لهذا هي من تتحوّل إلى أفلام سينمائية وتقارير إخبارية ومسرحيات ومجالات أُخرى.
أحلم بعالَم من دون زنازين، ومن دون كورونا ودبّابات وانقلابات
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
العالم يحتاج إلى تغييراتٍ كثيرة. وما أتمنّاه أن تكون جغرافيات الأرض من دون حروب عبثية، وزنازين ديكتاتورية، ومن دون كورونا وانقلابات ودبّابات. أعرف أنّها مهمّة صعبة أن تعيش حياتك وترى هذه التغييرات حاصلة، ولكن هي الأحلام دوماً نرسمها على أمل أن تتحقّق.
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
منذ صباي، كنّا نذهب إلى المكتبة العامة، وكانت أكثر الروايات على الرفوف روايات نجيب محفوظ، وكنت أقرأها بشغف، ومنها عرفت مصر وأحببتها، حتى قبل أن أزورها. ولو كنتُ قد رأيته لأشعرته أنه وحده من استطاع أن يضع القارئ أمام تفاصيل البيئة وشخوصها وأسرارها. ولسألته أيضاً: كيف كتبتَ "أولاد حارتنا"؟ فقد أثّرت فينا حتى قبل أن يؤثّر فينا سارتر وكولن ولسن.
■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- أصدقائي كثيرون، وحميميَّتي معهم تتساوى فيها وسائل المودَّة وهاجس السؤال. لكن، كان لديَّ أخٌ كنت أسأله كلَّما مرّت حياتي بحرج فتأتي نصائحه حكيمة. لكن الله أخذ أمانته فلم يعُد الأخُ موجوداً.
■ ماذا تقرأ الآن؟
حالياً، أعيد قراءة الأعمال الكاملة لـ سان جون بيرس بترجمة أدونيس. هذا الشاعر الفرنسي صنع لديَّ هاجس فهم الشعر بجمالية الصورة والفكرة. وقد وضعتُ كتابَين عن تجربته وعالمه الشعري؛ آخرهما عن ملحمته الشعرية "آناباز"، وصدر عن "دار الدراويش" في بلغاريا.
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
أنا من مُدمِني سماع أغاني مطربي جنوب بلادي، ومنهم حناجر أسطورية مثل داخل حسن، وحضيري أبو عزيز، وسلمان المنكوب، وجلوب العماري، وعبد الزهرة مناتي، وسليمة مراد، وسورية حسين. هؤلاء يستطيعون أن يمنحونا تفاصيل أمكنتنا حين تغيب عن الذاكرة. وهذا لا يُبعد شوقنا لسماع وردة ونجاة الصغيرة وأُم كلثوم وجورج وسوف.
بطاقة
شاعر وروائي عراقي من مواليد عام 1957، يكتب القصّة والنقد الأدبي والشعر والمقالة السياسية ومهتمٌّ بالديانات القديمة والميثولوجيا السومرية، أصدر قرابة ستّين مؤلَّفاً بين الرواية والقصة والشعر والدراسات. من إصداراته في الرواية: "أنف الوردة - أنف كليوباترا" (2008)، و"بكاء مقابر الإنكليز في بابل" (2012)، و"الآلهة والجواميس في مديرية الأمن" (2014)، وفي القصّة القصيرة: "حدائق الغرام السومرية" (2001)، و"فتاة حقل الرز" (2006)، و"اليوم الأخير في حياة الأمير" (2007)، وفي الشعر: "وردة بعطر الزقورة" (2007)، و"عصافير الشارع المندائي" (2008)، و"موسيقى الجسد الألماني" (2011).