"متحف فرحات حشاد": استعادة مختلّة لتاريخ الحركة النقابية التونسية

05 اغسطس 2023
صورةٌ لفرحات حشّاد على واجهة أحد المباني في تونس العاصمة، 2013 (Getty)
+ الخط -

في خضمّ مقاوَمة متعدّدة الأبعاد للاستعمار الفرنسي، وقبل أقلّ من أربع سنوات من استقلال تونس في آذار/ مارس 1956، اغتالت عصابةٌ فرنسية تُسمّى "اليد الحمراء" الزعيم السياسي والنقابي فرحات حشّاد في منزله بتونس العاصمة يوم الخامس من كانون الأوّل/ ديسمبر 1952، لتُنهي بذلك حياة أحد أبرز رجالات الحركة الاستقلالية والحركة النقابية في تونس.

إلى جانب شعبيته الكبيرة داخل الطبقة العاملة التونسية، كان مؤسِّس "الاتحاد العام التونسي للشغل" (1946) يحظى بدعم من النقابات العمّالية حول العالَم. وكان ذلك عائقاً أمام السلطات الاستعمارية لسجنه أو نفيه، مثلما فعلت مع أغلب الزعماء السياسيّين التونسيّين، فكان الاغتيال بالنسبة إليها أفضل طريقة لإبعاده عن المشهد؛ وهو الذي كان يرى أنّ الطريق الوحيد للاستقلال هو الكفاح المسلَّح.

هذا المسار العمّالي والتحرُّري منح لفرحات حشّاد (مواليد 1914) مكانةً رمزية عالية في الذاكرة التونسية التي تستعيده بأشكال وعلى مستويات مختلفة، ومن ذلك متحفٌ في القصبة بتونس العاصمة يحمل اسمه، وُضع حجره الأساس في كانون الأوّل/ ديسمبر 2013، لمناسبة ذكرى اغتيال حشّاد الحادية والستّين، بهدف "حفظ تاريخ الحركة النقّابية للأجيال القادمة".

تبحث وزارة الثقافة عن "صيغ مُبتكَرة" للاحتفاء بالزعيم النقابي

تُشرف وزارة الثقافة على المتحف من خلال "المعهد الوطني لإحياء التراث"، بالتعاون مع "الاتّحاد العام التونسي للشغل"، وكان مقرَّراً، حسب تصريحات وزير الثقافة آنذاك، مهدي مبروك، أن يكون جاهزاً لاستقبال الزوّار في نهاية 2014. لكنّ الافتتاح مرّ بشكل باهت، وظلّ المتحف، بعد قرابة عشرة عقود من ذلك، يعاني من الإهمال.

في الخامس من كانون الأوّل/ ديسمبر المقبل، تمرّ 71 سنةً على اغتيال حشّاد، وهي المناسبة التي يبدو أنّ وزارة الثقافة لا تريد أن تمرّ هذه المرّة من دون أن يكون "متحف الشهيد فرحات حشّاد للحركة النقابية" مهيَّئاً تماماً؛ حيث كان المتحف من بين مواضيع جلسة عملٍ عقدتها وزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي الأربعاء الماضي، لـ "التفكير في إيجاد صيغ مُبتكَرة للاحتفاء بالزعيم النقابي وتثمين مسيرته".

ودعت قطّاط القرمازي إلى تهيئة الفضاء المتحفي الذي قالت إنّه يتطلّب تدخُّلاً على مستويات عديدة؛ من بينها المرافق وخدمات المياه والصرف الصحّي والنظافة والإنارة وكاميرات المراقبة، مُشيرةً إلى ضرورة الاستفادة من موقعه المحاذي لعدد من المؤسّسات التعليمية في "استقطاب الشباب للاطلاع على الذاكرة الوطنية وعلى تاريخ العمل النقابي في تونس".

من جهة أُخرى، دعت الوزيرة إلى التفكير في استغلال الأرشيف الوطني والوثائق السمعية البصرية المتعلّقة بالتاريخ النقابي في التلفزيون الحكومي التونسي، والاستفادة من التطوّر التقني، مثل الواقع المعزّز والتصوير ثلاثي الأبعاد، بالتنسيق مع "مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي"، بهدف "استرجاع التاريخ النضالي افتراضياً وخلق مشهدية مغايرة"، وفق تعبيرها.

 
المساهمون