مارينا أبراموفيتش.. بوابة بين الفنان والمتلقي

05 أكتوبر 2022
(مارينا أبراموفيتش في أثناء العرض)
+ الخط -

شكّلت الفنانة الصربية مارينا أبراموفيتش (1946) حين قدّمت أول أعمالها في مطلع السبعينيات صدمة للمتلقي، في فترة لم تكن عروض الأداء فيها تلقى رواجاً في صالات الفن، وكذلك في مضمونها وأسلوب تقديمها اللذين ركّزا على فكرة الألم الجسدي.

بدأت مشوارها بخمسة عروض ضمن سلسلة حملت عنوان "إيقاع" ضمن تجارب متعدّدة تتصل بالتنفس ونقص الأكسجين أو بجرح أجزاء من جسدها بعشرين ضربة بسكين وقامت بتسجيلها، وإعادة الاستماع إلى التسجيل أكثر من مرة، في محاولة للإحساس بالألم وصوت الطعنة بطريقة يتوازى فيها الماضي والحاضر.

"بوابات ونوافذ" عنوان معرض مارينا أبراموفيتش الذي افتتح في "غاليري أكسفورد للفن الحديث" بمدينة أكسفورد في الرابع والعشرين من الشهر الماضي ويتواصل حتى الخامس من آذار/ مارس المقبل، حيث يشارك كل زائر بوصفه فناناً مع مجموعة صغيرة من الزوار في أعمال تفاعلية تحثهم على التفكير في جوهر وعيهم بجسدهم.

على مدار أكثر من أربعة عقود ناقشت أعمال الفنانة التي تتنوّع بين فن الأداء والكتابة وصناعة الأفلام مفاهيم تتعلّق بفن الجسد، وإمكانات الجسد وحدود العقل، والفن النسوي، والعلاقة بين المؤدي والجمهور، والحالات المتطرفة للوعي وعلاقتها بالفضاء المعماري.

الفنانة التي دفعت المتلقي منذ أعمالها الأولى إلى التفاعل معها وجعلته جزءاً من عرضها قدّمت نماذج مبتكرة ومتطرفة أيضاً، كما في عرض "إيقاع صفر" حيث طالبت الجمهور بضربها أو عقابها باثنتين وسبعين أداة وعنصراً كانت موجودة في القاعة لمدّة ستّ ساعات، حيث أخرجت رغبات عدوانية كامنة في أنفسهم.

تمثّل أعمال مارينا شكلاً من أشكال الاستجابة مع تلك الأعمال الفنية القديمة من أجل إنشاء حوار بينهما تحفّز الزائر على التفاعل معهما والتفكير بالفارق الزمني والتغيرات النفسية والجمالية بين القديم والجديد، مثلما تفعل في عملها "نيغاتيف صورة بجمجمة ضاحكة" (2019) التي نفذتها من مادة الكوريان الصلبة وهيكل من الألمنيوم وشاشة ليد.

في معرضها الجديد يصبح المتلقي فنان أداء طوال فترة العرض وينتقل في كلّ محطة من حالة إلى أخرى من خلال التعامل مع تعليمات الفنانة التي تصلهم عبر سماعة إلكترونية ضمن ممارسات تمزج بين الثقافة البوذية التبتية وأفكار فلسفية حول الوجود الذي يشكّل الجسد مركزه؛ كيف نحسّ ونشعر به وكيف نرتقي به من حالة وعي إلى حالة وعي أكثر تكثيفاً وعمقاً.
 

المساهمون