■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
الكتابة الجديدة هي المساحة اللامتناهية التي نعبّر فيها عن أنفسنا، نحن الكتّاب العصريين. فقد يحاول أيٌّ منّا أن يشرع بكتابة نصّ أدبي جديد، محمّلين برؤى عصرية عن شكل الرواية أو القصّة، تاركين خلفنا التقاليد والقوالب الجاهزة. لم يكن لجيلنا المحاولة الأولى في التجديد، فقد انشغل الكتّاب السابقون في هذا الهمّ أيضاً؛ كلٌّ منّا يطمح إلى أن يُنتج كتابة جديدة تعبّر عن مرحلته.
■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
بكلّ تأكيد. قبل عشرين سنة، لو سَأل أحد عن الرواية العراقية لكان الجواب سؤالاً آخرَ، لانشغال البلد بموجات من الحروب والحصار، أبعدت فكر الفرد العراقي عن المساهمة في تأليف قصصٍ خاصّة به. لكنّ فكرة أن تكون لديك الرؤية الكافية لكي تحدّد ملامح الجيل الحالي أمر صعب، فالجيل الأدبي عبارة عن سحابة ضخمة، لا يمكن كشف تفاصيلها في اللحظة، دع رياح الزمان تدفعها بعيداً، وبعد عشرين إلى ثلاثين عاماً من الآن ستكون عندي إجابة لهذا السؤال؛ فاليوم لا زلنا بعيدين كلّ البعد عن خلق التأثير اللازم لكي نصبو إلى العالمية، علينا أن نتعلّم من أخطائنا وأخطاء الأجيال السابقة، لكي نحقّق ما أسميه بالحلم الأدبي العربي.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
بكلّ صراحة، علاقتي مع الأجيال السابقة بالأدب العربي جميلة إلى حدّ كبير، لأن تلك الكتابات تركت تأثيراً عميقاً في نفسي. و لو عدنا إلى الأجيال الأولى من الأدب العربي، في القرن الخامس أو السادس مثلاً، لَوَجدنا ما يفوق بجودته المحاولات العصرية، وأبسط مثال حكايات "ألف ليلة وليلة" والمعلّقات، بالإضافة إلى أنني في حبٍّ جبّار مع الأدب الكلاسيكي العالمي، الذي أراه وسيلة للسفر عبر الزمن، حتى نعيش ما فاتنا.
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
علاقتي مع البيئة الثقافية ضعيفة نسبياً، بسبب انشغالي في عملي الأدبي بصورة عامّة، فلا أختلط كثيراً مع المثقّفين ولا أزور مقاهي المعقّدين، ومن الأسباب كذلك تفاعلي الضعيف مع وسائل التواصل الاجتماعية. فلو وجدت من يدلّني على المنتديات الأدبية في المهجر لصرت من روّادها، لكنّ الخريطة ضائعة، والكنز الاجتماعي مدفون.
في الأجيال الأولى من الأدب العربي ما يفوق بجودته محاولاتٍ معاصرة
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
صدرت روايتي الأولى، "سارة"، في هذه السنة (2021) عن "دار المعبد للطباعة والنشر" ببغداد، في صيغة ورقية مطبوعة، وقد كنت في التاسعة عشرة من عمري.
■ أين تنشر؟
نشرت روايتي الأولى في "دار المعبد" التي ذكرتها للتوّ، والموجودة في شارع المتنبي ببغداد، وأسعى للمساهمة في كتابة المقالات الثقافية والأدبية، كما أحاول الالتزام بالنشر الروائي في الدُّور المحلّية.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
حُبّ القراءة نما عندي منذ الصغر، حين كان أبي يُحضر تلك المجلّات والكتب إلى المنزل. كنت أجعل أخي الكبير ــ الذي تعلّم القراءة قبلي ــ يقرأ لي من المحتوى الذي أعجبتني صُوَره. كانت مجلّتا "ماجد و"العربي الصغير" أوّل ما قرأت من محتوى في حياتي. أمّا اليوم، فأقرأ لغرض البحث أكثر منه للترفيه، كوني أغلب الوقت منهمكا في الكتابة المتواصلة، فيمكن القول بأن العلاقة مخطّطٌ لها.
■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
بكل تأكيد، أقرأ العديد من الكتب باللغات الأجنبية، ولعلّ أكثر ما قرأت من هذه الكتب كان بالإنكليزية والروسية، لكنني قرأت كتاباً أو اثنين باللغة اللاتينية، لغرضٍ تثقيفي لا ترفيهي بالطبع.
■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرَجم أعمالُك؟
أرى الترجمة وسيلة رائعة لنقل أفكار الكتّاب الأجانب إلى أولئك الذين يفضّلون بأن تكون قراءاتهم بلغتنا الجميلة. بكلّ تأكيد أودّ أن تُترجم أعمالي إلى كلّ اللغات، وبالأخص الإنكليزية والروسية، حتى يتسنّى لأصدقائي في هذه البلدان قراءة ما أكتبه، لكنّ هناك طابوراً طويلاً من الأعمال لكتّاب آخرين يستحقّون الترجمة، ولا زلتُ في نهايته.
■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
في الوقت الحالي أكتب في الشعر، بالإضافة إلى النثر، وأحاول إجراء التجارب في الربط السردي تحضيراً لروايتي القادمة: "فوق المنارة: لن أؤذّن".
في رواية "سارة" هناك حضورٌ للدراسة السيكولوجية لعقلية وتفكير شخصية البطل، وأحاول في أعمالي القادمة تجريب هذه الدراسات، كالدراسة الفيزيولوجية لسلوك الجسم البشري في حالة العطش والجوع وما إلى ذلك؛ أهدف لجعل شخصياتي قريبة إلى الواقع بما يتناسب مع القارئ، حتى يتمكّن من الانتماء لها، فحين يرتدي الكاتب عباءة الإنسان المعذّب، يكون سهلاً ومرحّباً به في قلوب المعذّبين من القرّاء.
بطاقة
كاتب وشاعر عراقي من مواليد البصرة 2002. نشأ في دمشق وتعلّق بالأدب العربي في ضواحيها، ليعود بعدها إلى العراق وهو في العاشرة. يدرس الطبّ العام في "جامعة باڤلوڤ" في روسيا، ويُقيم في مدينة سانت بطرسبرغ. صدر له في الرواية: "سارة" (2021، "دار المعبد").