ذكرى ميلاد: الشاذلي أنور.. وُرود وطبوع من تونس

18 ابريل 2022
الشاذلي أنور
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم السادس عشر من نيسان/ إبريل ذكرى ميلاد الملحن التونسي الشاذلي أنور (1925 - 1995).


من خلال حرفة أسرته في تجارة الورود، تقاطع الملحّن التونسي الشاذلي أنور بعالم الموسيقي، ففي صباه - أربعينيات القرن الماضي - كان والده يرسله صباحاً لجمع الورود من حقول قريبة من تونس العاصمة، وحين كان يقطع المسافة على درّاجته، كانت وسيلة تزجية الوقت هي ترنيم أغاني محمد عبد الوهاب، وبعدَ الظهر يرسله لتسليم باقات الزهور لمشتريها، وكانوا في معظمهم من الأوروبيين المقيمين في تونس، وفي دورهم كانت تصله أنغام أشكال موسيقية كثيرة جلبوها معهم.

لكنّ أبواب الموسيقى ظلّت بعيدة حتى التقى بمسجّل الأسطوانات، البشير الرصايصي، الذي لاحظ حُسن أدائه لأغاني محمّد عبد الوهاب فاقترح عليه أن يسجّل أداءه لها، وبدأ الرصايصي في بيع تلك الأغاني مع الطلب المتزايد على أغاني عبد الوهاب وقلّة توفّر الإسطوانات القادمة من مصر. في هذا السياق، يُروى أن عبد الوهاب قد تفطّن بنفسه إلى تقلّص طلب استطواناته من تونس، فاستفسر شركة "بيضافون" التي يسجّل فيها أعماله ليجدوا أن تقليد أغانيه قد حدّ من المبيعات.

مع نهاية هذه التجربة، تفطّن أنور إلى أن حُسن الأداء الصوتي لا يمثّل قيمة في حدّ ذاته، وأن موهبته تحتاج إلى صقل، فانضمّ إلى "المعهد الرشيدي" وهناك تتلمذ مع أهم ملحّن في تونس وقتها، خميس الترنان، كما التقى بمَن سيكونون لاحقاً شركاء مسيرته مثل المطربتين نعمة وعُليّة، وقد قرّر أن يضع جهوده في التلحين.

يُحسب لأنور تمكّنه في آن من المقامات المشرقية والتونسية التي تسمّى بالطبوع، إذ ينتقل من النهاوند والكرد والسيكاه والجهاركاه، إلى المزموم والأصبعين ورصد الذيل والمحيّر.

لمع اسم أنور بشكل بارز في بداية الستينيات حين لحّن أغنية وطنية بعنوان "بني وطني"، تزامنت مع أحداث معركة الجلاء ضدّ بقايا الاستعمار الفرنسي، وهي الأغنية التي لا تزال تُبَثّ اليوم، وأدّتها المطربة عُلية، التي لحّن لها لاحقاً أغنية "الساحرة"، وقد مثّلت هي الأخرى علامة فنّية بارزة في الموسيقى التونسية خلال القرن العشرين.

المساهمون