"الاعتماد في الأدوية المفردة": الطب في القرن العاشر

28 فبراير 2023
(مقطع من رسم متخيَّل لأبي بكر الرازي، حسين بهزاد)
+ الخط -

في أوائل القرن العاشر الميلادي، عاش أبو جعفر القيرواني الملقّب بـ"ابن الجزار" الذي برز اسمه كأحد أهم الأطباء المُمارسين والمدرِّسين، وكذلك مؤلّفاً لنحو أربعين كتاباً في الطب والصيدلة، فُقد العديد منها، ويُروى أنه ترك في خزانته أيضاً آلاف المخطوطات للعديد من أطباء عصره.

تنوّعت اهتماماته حيث أفرد كتاباً حول الأمراض النفسية، وآخر في طب الفقراء والمساكين والأدوية رخيصة الثمن، وثالث حول التدابير الصحية المرتبطة بالمواليد الجُدد، إلى جانب مؤلّفاته المتعددة في الأدوية وتراكيبها وبدائلها.

يستضيف "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون - بيت الحكمة"، في قرطاج بالقرب من تونس العاصمة، عند العاشرة من صباح بعد غد الخميس الباحث إبراهيم بن مراد الذي حققّ كتاب "الاعتماد في الأدوية المفردة" لابن الجزار، حيث يقدّمه الشاعر منصف الوهايبي.

يعدّ الكتاب من أبرز المصادر العلمية التي اعتمدت عليها أوروبا في القرون الوسطى

يتحدّث بن مراد عن الكتاب الذي صدرت نسخته المحققة عام 2019، عن "مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي" في لندن، واعتمد في تحقيقه على ستّ مخطوطات تامة ومخطوطتين غير تامتين وترجمتين لاتينيتين للكتاب الذي تمّ تأليفه للأمير الفاطمي القائم بن المهدي، ووضع فيه المصطلح العربي مقابل مترادفاته في اليونانية والسريانية والفارسية.

ويعدّ الكتاب، بحسب التقديم، من أهم مصادر عِلم الأدوية المفردة الذي يشترك فيه عِلما الصيدلة والطب، في أوروبا في القرون الوسطى ولذلك تُرْجِم إلى اللاتينية مرتين قام بأولاهما في القرن الحادي عشر الميلادي تونسي عاش في سلرنو بإيطاليا، هو قسطنطين الإفريقي الذي انتحل الكتاب وادّعاه لنفسه، والترجمة الثانية قام بها في القرن الثالث عشر عالم إسباني اسمه اصطفان السرقسطي وكانت ترجمته أوفى من عمل الإفريقي.

ويوضّح بن مراد أن الكتاب يصنّف العديد من الأدوية لعلاج أمراض مثل: حصى الكلى، والطاعون، والصرع، والنقرس، والبواسير، والبهق، وعرق النسا، ويبدو لافتاً أنه خصّص باباً لعلاج السرطان والأمراض الرديئة، ذكر فيه الرصاص القلعي (جنس من الفضة) كعلاج لبعض أنواع سرطان والأورام.

ويتطرّق الكتاب أيضاً إلى كيفية عمل الأدوية من المواد المتوافرة آنذاك، ويذكر فوائد كل دواء مع الاختلافات في تركيبته، مثل: ماء الورد والأفسنتين والإهليل الكابلي، وشقائق النعمان، وغيرها من الأعشاب والزهور، والأصماغ والعطور الطبية والسموم.
 

المساهمون