تشكّل الغابة الموضوع الأساسي في أعمال إلياس سلفاتي منذ معرضه الأوّل عام 1987، باعتبارها الفضاء الجمالي الذي تحتشد فيه الأحلام وكلّ ما يتخيّله الفنان ولا يجد متحقّقاً في عالمه، حيث تحضر كمشهد مضادّ لكلّ أزمات العالم المعاصر.
ويبدو هذا المشهد عابراً للأمكنة التي يمكن أن تؤطّر حيوانات برّية وأزهاراً تسير على غير هُدى، غير آبهة بحدود أو عوائق لحرّيتها وانطلاقها، على نحو يماثل تجوال الفنان التشكيلي المغربي (1967) الدائم بين عدد من العواصم الأوروبية.
"حلم في غابة رائعة" عنوان معرض سلفاتي الذي افتُتح في "رواق الفن المعاصر محمد الدريسي" بمدينة طنجة (250 كلم شمال الرباط)، نهاية الشهر الماضي ويتواصل حتى الثالث والعشرين من كانون الثاني/ يناير الجاري.
تظهر في أحد الأعمال المعروضة أزهار بسيقان عالية وبألوان حمراء ووردية وبنفسجية، وسوداء أيضاً، وتحجب خلفها خيولاً سوداء بأحجام صغيرة، يستدعيها الفنان من طفولته المبكّرة حيث رسم في العاشرة من عمره أوّل لوحة بالألوان المائية لتلك الفرس التي كان يركبها والده الذي عمل في الجيش المغربي.
في لوحة أخرى، يرسم سلفاتي حيوانات ضخمة غير واضحة المعالم أو تعابير الوجوه اختار لها ألواناً خضراء ورمادية وبيضاء وسوداء كذلك، وهي تقف مصطفة تنظر المدى، وعلى هذا النحو لا يغيب الأسود الذي يرمز إلى احتجاج الطبيعة ضدّ التهميش والإقصاء والعنصرية والحدّ من حرية التنقّل والتعبير.
التجريد الذي يكوّن مفردات تلك الغابة لا ينفصل عن الواقع المعيش، كما يشير الفنان في تقديم معرضه، حيث الألوان الداكنة تحيل إلى الموت والخراب الذي يعمّ مناطق مختلفة من العالم تعيش صراعات وحروب، موضحاً أن أعماله تأتي بوصفها "صيحة كلّ إنسان في العالم توّاق إلى الحرّية وتغيير واقعه البيئي والحياتي"، وهو ما تعبّر عنه لوحات لأناس يستغيثون وبجوارهم حيوانات وكلمات مكتوبة باللاتينية.
يُذكر أن إلياس سلفاتي وُلد في طنجة وتخرّج من "مدرسة الفنون الجميلة" بتطوان عام 1991، ثم انتقل إلى مدريد ليتخصّص في تقنيات الحفر في "مدرسة الفنون الجميلة" بين عاميْ 1992 و1994، كما تلقّى دروساً في السيريغرافيا (الرسم والطباعة على الزجاج أو السيراميك) في "مدرسة فنون الغرافيك" بالعاصمة الإسبانية إيضاً، وشارك في العديد من ورش الحفر والمعارض الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه.