في عام 2018، افتتح الشاعر والتشكيلي العراقي صلاح حيثاني (1968) متحفه الشخصي في مدينة كربلاء، والذي يحتوي على مجموعة كبيرة من الأعمال التشكيليّة والنحتيّة لفنانين عراقيّين وعالميّين، حيث تُعتبر مجموعته من بين الأكبر والأكثر تنوّعًا بين المجموعات الخاصّة في العراق.
يهدف المتحف ــ وهو مؤسّسة غير ربحية ــ إلى فتح نافذة على فنون العالم التي كان لها أثرٌ في التّاريخ الفني، وإلى إلقاء نظرة على إمكانيّة كل فنّانٍ وما أبدعه وخلَّفه للتراث الإنساني، ومحاولة فهم توجّهات المدارس الفنيّة وغاياتها ومدى عمقها في ثقافات الأمم الأخرى، ناهيك عن توثيق التّراث الفنّي العراقي الذي له الحضور البارز والفعّال في أروقة المتحف. ذلك أن أروقته تضمّ أعمالاً فنيّة منذ بدايات الحركة التشكيليّة نهاية القرن التّاسع عشر في العراق وحتّى الوقت الرّاهن. كما يهدف المتحف، الذي يشهد عروضاً فنيّة مستمرّة، إلى توسيع الدائرة الجمالية، ودائرة تذوّق الفنّ، في مجتمع يشهد على الدّوام أزمات وصراعات وتكراراً للمستهلَك وغير الجمالي.
وتشمل مقتنيات المتحف لوحات ومنحوتات لفنانين عالميين، مثل: بابلو بيكاسو، وسلفادور دالي، ومارك شاغال، وخوان ميرو، بالإضافة إلى أعمال تنتمي إلى مدرسة البوب آرت وجماعة كوبرا. أمّا الأعمال العراقيّة، فقد شكَّلت تنويعًا مهمًّا من الأسماء البارزة، مثل: عبد القادر الرّسام، وحافظ الدروبي، ومحمد غني حكمت، وجواد سليم، وفائق حسن، وفيصل لعيبي صاحي، ونزيهة سليم، وليلى العطار، وغيرهم. كما يضمّ المتحف مجموعة من المخطوطات النّادرة، العربية أو المنتمية إلى حضارات أُخرى، ويبلغ عمر بعضها 800 سنة. وقد استغرق حيثاني في جمع هذه المقتنيات من شتّى دول العالم ثلاثين سنة، ومبالغ طائلة، مع العلم أنَّ مشروعه قائم على جهده الفردي.
تشمل المقتنيات لوحاتٍ ومنحوتات ومخطوطات نادرة
أقام المتحف، وعلى مدارِ خمس سنوات، معارض فنيّة متنوِّعة، مثل معرض "خير جليس" الذي تضمَّن أكثر من 150 مخطوطًا وكتابًا مرسومًا باليد، لفنّانين مختلفين، بطبعاتٍ نادرة تعود إلى القرون 17 و18 و19، بالإضافة إلى كتب منفَّذة بالخشب والحجر لبيكاسو وماكس إرنست ودالي وآخرين. كما نظّم معرضاً بعنوان "السّجاد اليدوي العراقي"، والذي تمّ فيه عرض أكثر من 100 قطعة منسوجة في أماكن متفرِّقة من العراق، إلى جانب معرض لأعمال الفنانة الشابة تمارا أنباري، وفعاليّة "المتحف الجّوال" الذي اشتمل على جولات في عدّة مدن عراقيّة، عُرضت خلالها مقتنيات المتحف. كما أقام المتحف عدداً من الأمسيات الشعريّة والفعاليات المسرحيّة والعروض الموسيقيّة والتشكيلة، وعروضَ حِرف يدويّة.
وضمن فعالياته، يفتتح غداً الجمعة معرضٌ للفنان والشّاعر هاشم تايه (1948)، يضمُّ قرابة 100 عمل أنجزها خلال الأعوام الأخيرة، والتي يعالج فيها الفضاء الوجودي الذي يعيشُ فيه ويتفاعل معه، وينعكس ذلك من خلال كائناته التي يرسمها باستخدام مواد متفرِّقة وألوان حبريّة على الورقٍ المقوّى، حيث تعبّر عن تأثيرات اللحظة الزمنيّة الراهنة التي تنتجها الصّراعات اليوميّة، وهي ما يعكس رؤية الفنّان الخاصّة لعالمه المتأزّم.
يذكر أنّه سبق لمؤسِّس المتحف، صلاح حيثاني أن أصدر ثلاثة دواوين شعريّة، ورواية، وأقام عدّة معارض فنيّة داخل العراق وخارجه.