العراق... حان وقت تعزيز الانتماء الوطني
منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 وحتى يومنا هذا، لا يزال الحديث حول تعزيزِ الانتماء والولاء الوطني حديث الساعة على الساحة العراقية، سواء من الساسة القائمين على السلطة أو من النخب السياسية والاجتماعية والثقافية.
وعلى مدى ما يزيد من عقدين من الزمن من عمرِ الطبقةِ السياسية الحالية، كرّر الساسة مرارًا المقولة الرائجة، والتي فحواها "العمل على تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة"، إلّا أنّ أيّاً من القضايا الضرورية والأساسية والمسائل المقترحة لتحقيق ذلك، لم تُبصر النور، وعلى وجه الخصوص قضيّة إصلاح منظومة التربية والتعليم، وقضية إعادة العمل بقانون "خدمة العلم".
إنّ إصلاح منظومة التربية والتعليم يأتي ضمن سياق تربية وتنشئة وطنية وتأهيل علمي في المدارس والجامعات، بما يُؤدي إلى إقامةِ تنشئةٍ اجتماعيةٍ تربّي الأجيال على روح التسامح والحوار ونبذ العنف والتطرّف والتعصب العرقي والطائفي. كما يؤدّي إلى تقديم الولاء للوطن على حساب الولاء العرقي والطائفي الضيّق إلى جانب احترام الخصوصيات القومية والمذهبية لكل أفراد المجتمع العراقي.
طالما كرّر الساسة العراقيون مقولة "العمل على تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة"، من دون أي سعي لتحقيق ذلك
ومن جهةٍ ثانية، كثر الحديث في السنواتِ الأخيرة حول إعادة العمل بقانونِ خدمة العلم، وازدادت الوتيرة في زمن حكومة مصطفى الكاظمي. وبعد ما يقارب عقدين من الزمن على إلغاء "خدمة العلم"، وصل مشروع قانون إعادة العمل بهذه الخدمة إلى البرلمان في زمن الحكومة الحالية، وقد انقسمت الآراء وتباينت بين أهل السياسة والإعلام بخصوصه، وكانت المُحصّلة عدم إقرار القانون، الذي يعزّز الشعور بالهُويّة الوطنية، فضلاً عن ضرورته للتعامل مع المخاطر المتعلّقة بمكافحة الإرهاب ومسائل الأمن وغيرها.
إنّ إلغاء "خدمة العلم" في الأصل هو خطأ كبير، وعدم إعادة العمل بها حتى الآن، خطيئة في بلدٍ يتعدّدُ فيه ولاء أبنائه على حساب ولائهم للوطن.
وعليه، فإنّ عدم إصلاح منظومة التربية والتعليم، استناداً إلى تعميقِ الشعور الوطني بصفته خطوة ضرورية وسابقة على إعادة العمل بقانون "خدمة العلم"، هو خطأ كارثي بامتياز أيضًا، لأنّه يُبقي الباب مشرعًا أمام رياح العرقية والطائفية والمذهبية العاتية التي من شأنها تهديد وحدة العراق وأمنه واستقراره.