الشاهد أصبح شهيداً
في قلب غزة، وفي خضم النضال المتواصل من أجل الحقيقة والوضوح، يقف الصحافيون كأبطال مجهولين لا يخاطرون بحياتهم فقط، بل أيضًا بأحلامهم وتطلعاتهم. إن الخسارة المأساوية الأخيرة للصحافي سامر أبو دقة تجسد التضحيات التي قدمها أولئك الذين كرسوا جهودهم لتسليط الضوء على الدمار والعدوان الغاشم الذي حل بغزة. سامر، الشهيد البطل، استشهد بينما كان ينقل بشجاعة المشاهد المروعة من تحت الأنقاض، مجسداً القصف المتواصل الذي ابتليت به غزة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
كان سامر، الذي استشهد بشكل مأساوي أثناء تغطيته من الخطوط الأمامية، في قمة براعته الصحافية. وتضاف تضحياته إلى قائمة الصحافيين المستهدفين من قبل الاحتلال الصهيوني، في محاولة شريرة لإسكات الأصوات التي تروي حجم العدوان الغاشم الحقيقي ضد الشعب الفلسطيني. ويعكس هذا الواقع المرير استهداف شيرين أبو عاقلة والعديد من الصحافيين الذين سبقوهم، مما يؤكد إلى أي مدى يذهب المحتلون لقمع صوت الحقيقة.
تسعى أجندة الاحتلال الصهيوني الشائنة إلى إخفاء رؤية العالم لأعماله الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني. ويصبح الصحافيون أهدافاً لأنهم يعملون كحراس للحقيقة، ويقفون بين الظالمين وصرخات غزة الصامتة. إن فقدان شخصيات بطولية مثل سامر أبو دقة يؤكد الحاجة الملحة لتسليط الضوء على الفظائع التي يرتكبها المحتلون.
إن الاحتلال الصهيوني، بأجندته الشريرة لإخفاء أعماله الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، يستخدم كل الوسائل الممكنة لقمع الحقيقة. ويصبح الصحافيون هدفهم الأساسي، حيث يهدفون إلى خنق صوت الحقيقة وارتكاب المزيد من الأعمال الشنيعة ضد اهل غزة.
لكن سامر ليس مجرد رقم إحصائي في سجلات هذا العدوان. كان إنساناً له قصة وأحلام وطموحات وحياة أطفأها الاحتلال الصهيوني فجأة. ولا تُقاس خسائر هذا الصراع بالأرقام فحسب، بل أيضًا بحياة الأفراد المحطمة الذين تجرأوا على توثيق الحقائق القاسية التي تتكشف في غزة.
يصبح الصحافيون أهدافاً لأنهم يعملون كحراس للحقيقة، ويقفون بين الظالمين وصرخات غزة الصامتة
إن رحيل سامر هو تذكير مؤثر بأن هؤلاء الصحافيين ليسوا ضحايا مجهولي الهوية؛ إنهم أفراد أُبيدت حياتهم بقسوة. وترسم قائمة الشهداء، ومن بينهم شيرين أبوعاقلة، ورشدي السراج، وحسونة سليم، والأخوة منتصر، ومروان الصواف، وعلا عطا الله، وغيرهم الكثير، صورة قاتمة للهجوم المتواصل على الصحافة. هؤلاء الصحافيون هم الأبطال الحقيقيون للمهنة، واجهوا حرباً لا مثيل لها، حرباً على الحقيقة نفسها.
سامر أبو دقة وزملاؤه الذين ارتقوا قدموا لنا كل شيء، قدموا وجهة نظر لا يمكن لأي شخص آخر أن يقدمها. كل صحافي، حياً كان أم شهيداً، هو بطل وشهيد مهنته. الصحافة في غزة هي حرب في حد ذاتها، حرب لا مثيل لها. إن الأمر يتطلب قلبًا شجاعًا وإصرارًا لا يتزعزع لممارسة هذه المهنة وسط هذه الظروف القاسية. إن الصحافيين الذين استشهدوا هم أبطال حقيقيون، وكلمة "الأبطال" لا تكفي للتعبير عن حجم تضحياتهم.
سيظل اسم سامر أبو دقة خالداً في سجلات الصحافة رمزاً للصمود والتضحية. وسيظل اسمه يتردد صداه إلى الأبد، ليس في غزة فحسب، بل في جميع أنحاء العالم. وبرغم أنه قد رحل عن هذا العالم، إلا أنه لم يغادر قلوبنا وعقولنا. سامر، شكرًا على تفانيك الذي لا يتزعزع، وكونك صوتًا لمن لا صوت له، وعلى التضحية بكل شيء من أجل جلب الحقيقة إلى الواجهة. لن ننسى بطولتك. سيظل اسمك مرادفًا للبطولة إلى الأبد. شكرًا سامر على قيامك بواجبك فوق الكمال، حتى في اللحظات الأخيرة من حياتك. أنت بطل بمعنى الكلمة ولن ننسى بطولتك أبدًا.