زياد عدوان

فتاة كونغولية وامرأة سويسرية تديران طاحونة المخاوف، هنا فزع الأوروبي وهناك تراجيديا اللاجئ في مسرحية "الشفقة: تاريخ المدفع الرشاش" للمخرج ميلو راو التي تعرض على خشبة "شاوبونه" في برلين. مرة أخرى يجري الاستناد إلى مأساة الآخرين لتأثيث مسرح أوروبي.

يعود المخرج الأميركي وودي آلن بفيلم عن الجريمة والعقاب، بطله أستاذ فلسفة في بلدة أميركية صغيرة، يُصبح لحياته العدمية معنىً بعد أن يقرّر قتل قاضٍ لتخليص امرأة من ظلمه. أمّا الصدفة، فهي الوحيدة التي ستنقذ العالَم من عدميته وحلوله المميتة.

تشاركت عروض مهرجان "شبيل آرت"، والذي أُقيم في ميونخ مؤخراً، في خروجها عن المألوف وطرح كل ممكنات الوجود على الخشبة وعلاقة الجمهور بها. تجربة ناقشت قضايا راهنة وحسّاسة وشكّلت فرصة لاختبار المساحة التي يُسمح فيها بتجسيد ما يريده المسرحيون.

احتضنت مدينة ميونخ الألمانية مؤتمراً مسرحياً وسياسياً حول قضية اللاجئين، ضمّ محاضرات وعروضاً مسرحية استمرت ثلاثة أيام. حمل المؤتمر شعار "افتحوا الأبواب"، دعماً للاجئين، وأثار أسئلة حول إمكانية مساهمتهم في القرارات المسرحية في المدينة.

يروي الفيلم الأميركي قصة تشكيل فرقة الهيب هوب NWA في الثمانينيات، ويقدّم المخرج غاري غراي، من خلال سيرة هذه الفرقة، المراحل التي مرّ بها هذا النوع الموسيقي من الاضطهاد العرقي والفني حتى أصبحت صناعة تطبع ملايين النسخ من الألبومات.

أصبح كل شيء ممكناً في عالم يتحدّى سرعة الضوء ويستنسخ الخراف ويحصل على صور من كواكب على بعد سنوات ضوئية. وحتى الآن، ما زال المسرح مستعصياً على سهولة التنقل، ليبقى أسير مدنه وجداول المهرجانات.

لم يرق الأمر لمتفرّجة تكلمت بالألمانية عن أصولها التشيلية وإقامتها في ألمانيا، وطلبت عدم إدارة النقاش بالإنجليزية. لم يكترث أحد إلى حساسيتها، فمعظم الموجودين جلسوا في المسرح للتعرّف إلى أعضاء الفرقة والحديث معهم، وليس لمناقشة حساسيات اللغات بين القوميات الأوروبية.

بينما كان زعماء أوروبا يتناقشون حول عزل اليونان عن أوروبا، واصلت مسارح عديدة في العواصم الأوروبية عرض النصوص الإغريقية. لا يزال المسرح الإغريقي يقدّم لنا فهماً لطبائعنا البشرية، حتى في الوقت الذي ينكر الزعماء الأوروبيون على اليونان أن تكون أوروبية.

أفصح الكاتب المسرحي برتولت بريشت مرة للناقد المسرحي إيريك بنتلي أنه يحتفظ بالعديد من قصائده من دون أن ينشرها، كي لا يُقال إن المسرحي أصبح شاعراً. بنتلي أيضاً كان يخشى نشر نصوصه المسرحية، كي لا يقال إن الأكاديمي يدّعي الإبداع.

تُسائل هيلينا فالدمان، في عرضها الحالي "صُنع في بنغلادش"، براءة المسرحيين الأوروبيين من التعامل مع الفنان والراقص الآسيوي باعتباره يداً عاملة رخيصة الأجر، تماماً كما يتمّ استغلالهم أيضاً وتشغيلهم في مصانع الأحذية والثياب التي تنتمي إلى علامات تجارية أوروبية شهيرة.