كيف يُطلب من القارئ أن يكون قادراً على الفصل بين موقف الكاتب السياسي وبين أدبه الذي يُقدّم فيه نماذج روائية أو مسرحية تتّسم بالدفاع عن القيم الكبرى الإنسانية؟
يمكن أن تكون الرواية تعبيراً عن العنصرية أو الكراهية أو المنطق الاستعماري، كما هو حال الرواية في "إسرائيل"، ولم يثبت بعدُ أنّ الرواية هناك قدّمت عكس ذلك.
بينما لا يزال فلوبير وستندال وبلزاك وتولستوي ومارك توين وغيرهم أحياء في ثقافاتهم ولغاتهم وفي الفكر العالمي، تبرع ثقافتنا العربية في وأد كتّابها وتدمير إنتاجهم.
تمكّن الشيطان من التسلّل إلى السياسة والفكر السياسي العربيّين، ومن فرط خبثه، لم يظهر في المكتوب، بل ظلّ متوارياً في الشفوي، أو داخل تلافيف العالَم الافتراضي.
يُصفّق النقاد في الغرب لشخصية روبنسون كروزو التي عبّرت عن تطلّعات البرجوازية الغربية في لحظات ولادتها، وينسون جرائمها وتأسيسها لروح المستعمِر الذي اجتاح العالم.
يُظهر الأدب قوّة أخلاقية رفيعة حين يدافع بلا كلل عن القيم الإنسانية، ويخلق هذا التعاطف العميق مع الضحايا الذين يكونون في الغالب صورة الإنسان المثالية المشتهاة.
يبدو كأنّ الحرب أدبياً قد آلت لأن تكون مسؤولية روائية في التعبير، أكثر من الشعر والقصّة والمسرح، وهي تغدو بسبب ذلك مسؤولية أخلاقية على عاتق الروائيّين أيضاً.
في غزّة لم يعُد الغش ممكناً، صار تأييد الغرب لـ"إسرائيل" والصهاينة هو المبدأ، ولهذا ترى منهم هذا التجاهُل، الذي نصِفه بالمُخجل، للمذبحة التي يرتكبها الصهاينة.