وحول تصريحات مستشار وزارة الدفاع الفرنسية، أخيراً، عن علاقة بلاده بتلك الأسلحة وتحديداً صواريخ "جافلين" المضادة للدروع، قال المصدر الذي فضل عدم نشر هويته، إن "التحقيقات الجادة هي ما أجبر فرنسا على هذا الاعتراف، ولكنّ الجزء المتعلق بخروجها عن الخدمة وانتهاء صلاحيتها لا يبدو صحيحاً".
وأكدت وزارة الدفاع الفرنسية، اليوم الأربعاء، أن صواريخ "جافلين"، التي عُثر عليها في ليبيا، تعود لفرنسا. ونقلت "رويترز" عن الوزارة الفرنسية قولها إنّ "صواريخ جافلين التي عُثر عليها في ليبيا كانت معطوبة وغير صالحة للاستعمال"، مؤكدة أنها لم ترغب في بيعها أو نقلها لأي طرف في ليبيا، وأنها موجودة هناك لحماية وحدة فرنسية لمكافحة الإرهاب قبل أن تُخزّن بشكل موقت في مستودع تمهيداً لتدميرها.
وقالت المصادر نفسها، إنّ الجانب الأميركي أكد أنه، حتى الآن، لم ينتهِ التحقيق في القضية، خصوصاً أنّ الصواريخ، ولو ثبت أنّ فرنسا هي التي جلبتها إلى ليبيا، غير أنّ الحاويات التي عُثر على الصواريخ داخلها، هي حاويات شحن خاصة بيعت للإمارات، ما يعني أنّ في الأمر جوانب أخرى تثبت استمرار تورط أبوظبي في القضية".
كما كشف المصدر النقاب عن دلائل تؤكد زيارة عناصر من الاستخبارات الإماراتية إلى "مجمع الرابطة الكيميائي"، متسائلاً: "عمّ تبحث الإمارات هناك؟".
وعن الموقع، شرح المصدر لـ"العربي الجديد"، أنه موقع حاول الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي تصنيع أسلحة كيميائية فيه، لكنّ عملية أمنية أميركية استخباراتية عام 1988، عطّلت قدراته، ما اضطر القذافي حينها إلى الإعلان عن أنه مصنع للأدوية، ونقل أجزاء منه إلى ترهونة المجاورة، لكنّ نشاط البحث عن أسلحة كيميائية في ليبيا بعد عام 2011، أثبت وجود مواد داخل المصنع تستخدم في تصنيع أسلحة كيميائية.
وأكد المصدر أن ادعاء وجود تلك الأسلحة في غريان، لحماية فرق خاصة فرنسية، أمر يحتاج للكثير من الإثباتات؛ فغريان التي تقع تحت سيطرة قوات موالية لحكومة الوفاق طيلة السنوات الماضية، لم تشهد نشاطاً ووجوداً فرنسياً. ورأى أنّ ادعاء تسرّب تلك الصواريخ لموالين لحفتر، والقول في الوقت ذاته إنها مخزنة تمهيداً لتدميرها، فيهما تناقض كبير.
ولفت المصدر الليبي إلى أنّ "فرنسا قد تضطر في نهاية الأمر إلى الاعتراف بوجودها داخل صفوف حفتر مجدداً، كما اعترفت بذلك في يوليو/تموز 2016، بعد مقتل ثلاثة من جنودها غربي بنغازي".
وأضاف القبلاوي أن حكومة الوفاق "ترحب بقرار أميركي بفتح تحقيق عاجل حول طريقة وصول مثل هذه الأسلحة إلى قوات حفتر". وأشار إلى أنّ الإدارة الأميركية أكدت دعمها لحكومة طرابلس التي تعتبرها شريكاً مهماً، خصوصاً على مستوى التعاون في مكافحة الإرهاب.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت، مطلع الأسبوع الماضي، عن جديتها في التحقيق في التقارير الواردة بشأن سوء استعمال أسلحة أميركية الصنع.
في السياق نفسه، نشر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، روبرت منينديز، رسالة وجهها إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، طالبه فيها بفتح تحقيق في حادثة العثور على أسلحة أميركية في ليبيا، بشكل سريع. واعتبر منينديز أن مزاعم تورط الإمارات في نقل صواريخ "جافلين" الأميركية الصنع إلى قوات حفتر، سيضعها في قائمة المعتدين على القانون الذي سيحتم على البنتاغون وقف كلّ مبيعات السلاح للإمارات.
وسارعت الإمارات إلى نفي ملكيتها للأسلحة التي تم العثور عليها في ليبيا، مؤكدة أنها ملتزمة بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد السلاح إلى ليبيا.
ووفق بيانها، يوم الثلاثاء الماضي، طالبت الخارجية الإماراتية بوقف التصعيد في ليبيا، وأكدت ضرورة العودة إلى العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.
ورغم النفي الإماراتي بعد الصور التي نشرتها قوات حكومة الوفاق، نهاية الأسبوع قبل الماضي، لعدد من الصواريخ المضادة للدروع داخل معسكرات في مدينة غريان، لا يبدو أن الدول الداعمة للواء المتقاعد ترغب في وقف دعمها له، فحتى منتصف ليل الثلاثاء الماضي، اتهم وزير داخلية حكومة الوفاق تلك الدول بأن طيرانها هو المسؤول عن قصف مركز لإيواء المهاجرين في تاجوراء شرق طرابلس.
ويبدو أن التدخل الإماراتي، ودعم حفتر في حربه على طرابلس، محل نقاش دولي منذ مدة. وأظهر تقرير سرّي، قالت وكالة "فرانس برس" في السابع من مايو/ أيار الماضي إنها اطلعت عليه، أنّ خبراء أمميّين يحقّقون في ما إذا كانت أبو ظبي ضالعة عسكرياً في النزاع الدائر في طرابلس، إذ أطلقت طائرات مسيّرة صينية الصنع، يمتلك مثلها الجيش الإماراتي، صواريخ على طرابلس، في إشارة إلى القصف الصاروخي الذي تعرض له حي أبو سليم في منتصف إبريل/ نيسان الماضي وراح ضحيته عشرات المدنيين.
وأكدت تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة السنوية المتتابعة، أن "الدعم الإماراتي رفع من كفاءة قوات حفتر العسكرية الجوية، ومكّنها من السيطرة على ثماني قواعد عسكرية موزعة على أكثر من منطقة في البلاد".
وأشارت التقارير، أيضاً، إلى امتلاك الإمارات قاعدتين عسكريتين في ليبيا، الأولى في منطقة الخروبة، التي تبعد مسافة 100 كلم جنوب غربي حقل السرير النفطي، أقصى الجنوب، والثانية في منطقة الخادم المحاذية جنوبًا لقاعدة حفتر العسكرية في الرجمة، شرق بنغازي.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قد كشفت أنّ صواريخ "جافلين" الأميركية التي عُثر عليها في ليبيا، اشترتها فرنسا من الولايات المتحدة الأميركية قبل أعوام. وقالت إن هذه الصواريخ، التي يبلغ ثمن الواحد منها 170 ألف دولار، تُباع عادة للحلفاء المقربين من الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إنّ مستشاراً عسكرياً فرنسياً نفى نقل الأسلحة إلى اللواء حفتر، الأمر الذي إذا صحّ، قد يُعدّ انتهاكاً لاتفاقية بيع السلاح مع الولايات المتحدة، وحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة. ولفتت إلى أنّ ما حصل قد يضع واشنطن، في الملف الليبي، على خلاف مع باريس، الشريك القوي في حلف "الناتو" والحليف في مناطق ساخنة أخرى مثل غربي أفريقيا.
ونقلت الصحيفة الأميركية، أمس الثلاثاء، عن مستشار لوزيرة القوات المسلحة الفرنسية، تأكيده أنّ الصواريخ تعود للقوات الفرنسيّة، لكنها غير صالحة للاستخدام. وقال إن الصواريخ لم تُنقل إلى القوات المحليّة، وتمّ تخزينها بشكل موقت داخل مستودع.
ولفت المستشار الفرنسي، الذي لم يُسمح له بموجب سياسة حكومته بالكشف عن هويته لمناقشة القضية، إلى أنّ الصواريخ كانت من ضمن الأسلحة التي تمّ شراؤها من الولايات المتحدة عام 2010، والتي كان الهدف منها حماية القوات الفرنسية المنتشرة في ليبيا من أجل عمليات استخباراتية ومكافحة الإرهاب.