12 نوفمبر 2024
هل يصل حراك تونس الإرادة إلى السلطة؟
عقد حزب حراك تونس الإرادة مؤتمره التأسيسي (29 و30 أبريل/ نيسان و1 مايو/ أيار 2017). وبالإضافة إلى الجانب التنظيمي المتعلق بإعادة هيكلة الحزب، بدا مؤتمر الحراك كأنه محاولة للتموقع ضمن المشهد السياسي العام الذي يتسم بحالةٍ من الضبابية في ظل تحرّكاتٍ شعبيةٍ، تشهدها مناطق تونسية مختلفة، وعجز حكومي واضح عن إدارة المشكل الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، بما يعبّر عن رغبةٍ في الاستفادة من حالة عدم التوازن التي تعرفها تونس على المستوى الحزبي. ويمكن فهم هذا التوجه من خلال ما ورد في الخطاب الافتتاحي للمؤتمر الذي ألقاه رئيس الحزب ورئيس الجمهورية التونسية السابق، المنصف المرزوقي، حيث أعلن تضامنه الكامل مع الاحتجاجات السلمية، كما قدّم تحيته للشباب في تطاوين والكاف والقيروان، وفي كل مكان ينتفض فيه الشعب لحقوقه. معتبراً أن هذه الاحتجاجات تعطي أروع الصور عن شعبنا الناضج الواعي، مؤكّداً أنّ "الحكومة تطبق القانون على الفقراء والمهمّشين فقط". وقد تضمّن الخطاب رسالةً حادّة الى حكومة يوسف الشاهد، عندما تعمّد المرزوقي تشبيهه بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، محذّراً إياه من مصيرٍ مشابه إذا اختار اعتماد سياسة "بكلّ حزم" التي انتهجها بن علي مع المحتجين، و"الذي يعرف الجميع أين أدت بصاحبها"، في إشارة إلى قرار حكومة الشاهد تطبيق القانون مع المحتجين.
ويمكن فهم الحدّة التي تحدث بها المرزوقي، في خطابه وطريقة انتقاده الحكومة الحالية، من جهة رغبته الواضحة في الاستفادة من حالة الاحتقان الاجتماعي، وفقدان الحكومة جزءاً مهماً من سندها الشعبي، غير أنها تظل، في النهاية، محاولةً غير مضمونة، بالنظر إلى تعقد الحالة الحزبية التونسية، فقوى المعارضة التي تحاول تجيير التحركات الشعبية لصالحها وتوظيف الغضب الشعبي لإحراز مكاسب انتخابية، يكاد يكون الميسم العام للقوى السياسية المعارضة جميعاً، يستوي في ذلك تحالف "جبهة الإنقاذ" اليمينية أو "الجبهة الشعبية" اليسارية، غير أن الجميع يدرك أن لا أحد يملك واقعاً القدرة على حل المشكلات التي تجتاح الوضع العام في تونس، بصورة جذرية، مهما كانت الشعارات التي يرفعها أو الدعايات التي يدعيها.
ويظل حزب حراك تونس الإرادة محاولةً سياسيةً منبثقة عن تجربة الحكم التي خاضها الرئيس السابق المنصف المرزوقي، والجميع يعرف أن الإعلان عن تشكيله تم في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2014، غداة ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث أراد المرزوقي الاستفادة من الزخم الانتخابي الذي صاحب حملته الرئاسية، غير أن الوقائع الآن تغيرت فحالة التعبئة الشعبية التي حصلت سنة 2014، ومنحت المرزوقي فرصة الصعود إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وحصوله على نسبة عالية من الأصوات، لم تعد ممكنةً، أو على الأقل من الصعب إعادة تجميعه، فهناك جملةٌ من المتغيرات التي حصلت في المشهد السياسي، بداية من التحالف الذي حصل بين حزب النهضة (حليف المرزوقي السابق) وحزب نداء تونس، ما يعني حصول نوع من التباعد في الممارسة والغايات والأهداف، فحكومة الشاهد التي يهاجمها المرزوقي هي ذاتها التي تدافع عنها حركة النهضة، وتشارك فيها ببضعة وزراء. وستكون لهذا الخلط في أوراق اللعبة السياسية آثاره في المرحلة المقبلة، وفي أي انتخابات مقبلة، حيث لن يجد المرزوقي السند المتوقع من قواعد حركة النهضة. ومن ناحية أخرى، جاءت تجربة تأسيس حراك تونس الإرادة على أنقاض حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان شريكاً في حكومة الترويكا بعد انتخابات 2011، وهو الذي تفكّك إلى أكثر من تعبيرة حزبية، بعضها أصبح منافساً قوياً للحراك، خصوصاً في طبيعة الخطاب والشعارات التي يرفعها، فلا أحد ينكر اليوم أن حزب التيار الديمقراطي الذي أسسه محمد عبّو (أحد قيادات حزب المؤتمر سابقاً) قد استطاع فعلاً أن يستقطب جزءاً مهماً من قواعد حزب المؤتمر، وهو أمر تجلى في جانبين. تمكّن حزب التيار الديمقراطي من تصعيد ثلاثة نواب في مجلس النواب الحالي، وتمتع قياداتٍ في حزب التيار بجاذبية شعبية لا تُنكر، ما يعني أنها ستنافس حراك تونس الإرادة على القاعدة الانتخابية نفسها، وهو ما سيفضي، في أحسن الأحوال، إلى إضعاف فرصة الطرفين في تحقيق نصر انتخابي ممكن في أي انتخابات مقبلة. وعلى الرغم من حضور شخصياتٍ مهمة في حزب حراك تونس الإرادة، فإنه يظل محكوماً بالحضور الطاغي لشخصية زعيمه ومؤسسه المنصف المرزوقي الذي تم اختياره رئيساً للحزب بالإجماع. وإذا كان من الممكن الاستفادة من الإشعاع الذي يتمتع به المرزوقي، إلا أنه أيضاً سيورّث الحزب جملة الخلافات التي يثيرها بتصريحاته ومواقفه التي يعتبرها بعضهم خلافية، وأحياناً صدامية، فالمرزوقي ليس شخصية توافقية بقدر ما يميل إلى الحسم، خصوصاً في مواقفه من بقايا النظام السابق، ومن الإعلام الذي يدور في فلك هذه المنظومة التي ما زالت فاعلة ومؤثرة في المشهد السياسي التونسي. ويبقى وصول حزب حراك تونس الإرادة إلى الحكم رهيناً بتغيرات المشهد السياسي التونسي في سنة الانتخابات وطبيعة التحالفات التي سيعقدها، وبعدها لكل حادث حديث.
ويمكن فهم الحدّة التي تحدث بها المرزوقي، في خطابه وطريقة انتقاده الحكومة الحالية، من جهة رغبته الواضحة في الاستفادة من حالة الاحتقان الاجتماعي، وفقدان الحكومة جزءاً مهماً من سندها الشعبي، غير أنها تظل، في النهاية، محاولةً غير مضمونة، بالنظر إلى تعقد الحالة الحزبية التونسية، فقوى المعارضة التي تحاول تجيير التحركات الشعبية لصالحها وتوظيف الغضب الشعبي لإحراز مكاسب انتخابية، يكاد يكون الميسم العام للقوى السياسية المعارضة جميعاً، يستوي في ذلك تحالف "جبهة الإنقاذ" اليمينية أو "الجبهة الشعبية" اليسارية، غير أن الجميع يدرك أن لا أحد يملك واقعاً القدرة على حل المشكلات التي تجتاح الوضع العام في تونس، بصورة جذرية، مهما كانت الشعارات التي يرفعها أو الدعايات التي يدعيها.
ويظل حزب حراك تونس الإرادة محاولةً سياسيةً منبثقة عن تجربة الحكم التي خاضها الرئيس السابق المنصف المرزوقي، والجميع يعرف أن الإعلان عن تشكيله تم في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2014، غداة ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث أراد المرزوقي الاستفادة من الزخم الانتخابي الذي صاحب حملته الرئاسية، غير أن الوقائع الآن تغيرت فحالة التعبئة الشعبية التي حصلت سنة 2014، ومنحت المرزوقي فرصة الصعود إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، وحصوله على نسبة عالية من الأصوات، لم تعد ممكنةً، أو على الأقل من الصعب إعادة تجميعه، فهناك جملةٌ من المتغيرات التي حصلت في المشهد السياسي، بداية من التحالف الذي حصل بين حزب النهضة (حليف المرزوقي السابق) وحزب نداء تونس، ما يعني حصول نوع من التباعد في الممارسة والغايات والأهداف، فحكومة الشاهد التي يهاجمها المرزوقي هي ذاتها التي تدافع عنها حركة النهضة، وتشارك فيها ببضعة وزراء. وستكون لهذا الخلط في أوراق اللعبة السياسية آثاره في المرحلة المقبلة، وفي أي انتخابات مقبلة، حيث لن يجد المرزوقي السند المتوقع من قواعد حركة النهضة. ومن ناحية أخرى، جاءت تجربة تأسيس حراك تونس الإرادة على أنقاض حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان شريكاً في حكومة الترويكا بعد انتخابات 2011، وهو الذي تفكّك إلى أكثر من تعبيرة حزبية، بعضها أصبح منافساً قوياً للحراك، خصوصاً في طبيعة الخطاب والشعارات التي يرفعها، فلا أحد ينكر اليوم أن حزب التيار الديمقراطي الذي أسسه محمد عبّو (أحد قيادات حزب المؤتمر سابقاً) قد استطاع فعلاً أن يستقطب جزءاً مهماً من قواعد حزب المؤتمر، وهو أمر تجلى في جانبين. تمكّن حزب التيار الديمقراطي من تصعيد ثلاثة نواب في مجلس النواب الحالي، وتمتع قياداتٍ في حزب التيار بجاذبية شعبية لا تُنكر، ما يعني أنها ستنافس حراك تونس الإرادة على القاعدة الانتخابية نفسها، وهو ما سيفضي، في أحسن الأحوال، إلى إضعاف فرصة الطرفين في تحقيق نصر انتخابي ممكن في أي انتخابات مقبلة. وعلى الرغم من حضور شخصياتٍ مهمة في حزب حراك تونس الإرادة، فإنه يظل محكوماً بالحضور الطاغي لشخصية زعيمه ومؤسسه المنصف المرزوقي الذي تم اختياره رئيساً للحزب بالإجماع. وإذا كان من الممكن الاستفادة من الإشعاع الذي يتمتع به المرزوقي، إلا أنه أيضاً سيورّث الحزب جملة الخلافات التي يثيرها بتصريحاته ومواقفه التي يعتبرها بعضهم خلافية، وأحياناً صدامية، فالمرزوقي ليس شخصية توافقية بقدر ما يميل إلى الحسم، خصوصاً في مواقفه من بقايا النظام السابق، ومن الإعلام الذي يدور في فلك هذه المنظومة التي ما زالت فاعلة ومؤثرة في المشهد السياسي التونسي. ويبقى وصول حزب حراك تونس الإرادة إلى الحكم رهيناً بتغيرات المشهد السياسي التونسي في سنة الانتخابات وطبيعة التحالفات التي سيعقدها، وبعدها لكل حادث حديث.