12 نوفمبر 2024
هل مات ألبير كامو مقتولاً؟
في الرابع من يناير/ كانون الثاني 1960، توفي الكاتبُ الكبير ألبير كامو إثر اصطدام السيارة التي كان يقودها مسرعاً ابنُ أخي الناشر الشهير غاليمار بجذع شجرة. بعد مرور عشرين عاماً، دوّن كاتبٌ تشيكي يدعى جان زابرانا (1931 - 1984) في دفتر يومياته إن وفاة كامو، بحسب ما أخبره مصدرٌ موثوق، مدبّرة. أخيراً، عام 2011، نشر الكاتبُ الإيطالي جيوفاني كاتيللي، الذي عاش فترة في تشيكوسلوفاكيا، مقالة في صحيفة كورييري ديللا سيرا، رأى فيها أنّ كامو قد اغتيل لمواقفه السياسية ومكانته العالمية، ليُتبعها بعد عامين بكتابٍ بعنوان "يجب أن يموت كامو"، تُرجم في نهاية 2019 إلى الفرنسية، بعنوان "موت كامو".
كان زابرانا معجباً كبيراً بكامو، وقد ذكره في يومياته في أكثر من موضع. وبما أنه كان من معارضي النظام الشيوعي، فقد بقيت يومياتُه ممنوعةً، ولم تُنشر إلا عام 1992، أي بعد مرور ثماني سنوات على وفاته. يقول إنه في عام 1980 علم من مصدر مطّلع أن المخابرات السوفييتية هي التي كانت وراء مقتل ألبير كامو، بناءً على أوامر شخصيّة من وزير الخارجية آنذاك، ديميتري شيبيلوف، الذي أراد الانتقام من الكاتب الفرنسي على مقالته المنشورة في مارس/ آذار 1957، وفيها يتّهم الوزير بأنه أحد مسؤولي مجازر اجتياح المجر في العام الذي سبق.
ويرى الإيطالي جيوفاني كاتيللي، أن السيارة التي كان كامو متّجهاً بها إلى باريس في الصباح الباكر، برفقة ميشال غاليمار وعائلته، بقيت مركونةً طوال الليلة السابقة أمام الفندق، حيث كانوا يحتفلون بعيد ميلاد ابنة غاليمار، وهو ما وفّر الوقت والإمكانية للعبث بها، بحيث يُثقب أحدُ إطاراتها عند بلوغها سرعة معينة. وهو ما قالته زوجة ميشال إثر الحادث، إذ صرّحت بأنّ ثمّة ما انكسر في السيارة مباشرةً قبل اصطدامها بالشجرة.
أما عن دوافع اغتيال حائز جائزة نوبل للأدب، برأي كاتيللي، فهو يرى أن كامو الذي انتسب إلى الحزب الشيوعي الفرنسي عاماً واحداً (1944) قبل أن يغادره، كان مكروهاً من السلطات السوفييتية، ومن أحزاب شيوعية حينذاك. إذ كان من أكبر منتقديها ومنتقدي السياسة الفرنسية الاستعمارية، كذلك فإنه ساهم في نشر رواية بوريس باسترناك، "دكتور جيفاغو"، في الغرب، وهاجم بشدّة التدخّل السوفييتي لقمع الانتفاضة المجرية بالنار والدم. وفيما لم يشجب التدخّلَ هذا الحزبان الشيوعيان الفرنسي والإيطالي اللذان كانا قويين ومؤثرين في حينه، فقد ابتعد عنهما منتسبون كثيرون، وبدأ الرأيُ العام يبدي حذره حيالهما. هذا ويذهب كاتيللي إلى أبعد من اتهام شيبيلوف والمخابرات السوفييتية (كي جي بي) باغتيال كامو، مؤكّداً أن المخابرات التشيكية والفرنسية كانت، ولا بد، ضالعة هي أيضاً.
لا بدّ أن هذه الفرضية الجديدة قد شغلت عدداً كبيراً من المهتمين بالأدب ومن محبي ألبير كامو، إلا أن الذين دحضوها استندوا إلى الوقائع التاريخية، ومن بينهم المؤرخ والصحافي بيتر زيدِك الذي قال إن حجة انتقام ديمتري شيبيلوف من كامو غير مقنعة، أولاً لأنه لم يكن يمتلك سلطةً تخوّله التخطيط لمثل هذه العملية، وثانياً لأنه لم يعد وزيراً في حينه، وقد أُبعد عن مراكز السلطة بسبب تآمره على خروتشوف ونُقل إلى قرغيزستان. هذا ويركز زيدك على استحالة تخطيط "كي جي بي" لعملية كهذه، لأن كامو اتخذ قرار البقاء والسفر في اليوم التالي مع عائلة غاليمار، في اللحظة الأخيرة بعد أن كان يزمع العودة إلى باريس مع عائلته هو في القطار.
ويضيف زيدك: "في النهاية، هي نظرية مؤامرة شبيهة بتلك الساعية إلى حلّ لغز الوفاة المأسوية والفجائية للمشاهير، من خلال تصوّر تدخلات متآمرين يعملون في الكواليس. فلنقنعْ بأن فكرة موت ألبير كامو سبّبها عطلٌ تقني والسرعةُ الهائلة للسيارة التي كان يركبها مسافراً".
ومع ذلك، ثمة من يرى أن من المقنع ربما أيضاً انتظار الإذن بفتح ملفات "كي جي بي" السرّية، ذات يوم.
ويرى الإيطالي جيوفاني كاتيللي، أن السيارة التي كان كامو متّجهاً بها إلى باريس في الصباح الباكر، برفقة ميشال غاليمار وعائلته، بقيت مركونةً طوال الليلة السابقة أمام الفندق، حيث كانوا يحتفلون بعيد ميلاد ابنة غاليمار، وهو ما وفّر الوقت والإمكانية للعبث بها، بحيث يُثقب أحدُ إطاراتها عند بلوغها سرعة معينة. وهو ما قالته زوجة ميشال إثر الحادث، إذ صرّحت بأنّ ثمّة ما انكسر في السيارة مباشرةً قبل اصطدامها بالشجرة.
أما عن دوافع اغتيال حائز جائزة نوبل للأدب، برأي كاتيللي، فهو يرى أن كامو الذي انتسب إلى الحزب الشيوعي الفرنسي عاماً واحداً (1944) قبل أن يغادره، كان مكروهاً من السلطات السوفييتية، ومن أحزاب شيوعية حينذاك. إذ كان من أكبر منتقديها ومنتقدي السياسة الفرنسية الاستعمارية، كذلك فإنه ساهم في نشر رواية بوريس باسترناك، "دكتور جيفاغو"، في الغرب، وهاجم بشدّة التدخّل السوفييتي لقمع الانتفاضة المجرية بالنار والدم. وفيما لم يشجب التدخّلَ هذا الحزبان الشيوعيان الفرنسي والإيطالي اللذان كانا قويين ومؤثرين في حينه، فقد ابتعد عنهما منتسبون كثيرون، وبدأ الرأيُ العام يبدي حذره حيالهما. هذا ويذهب كاتيللي إلى أبعد من اتهام شيبيلوف والمخابرات السوفييتية (كي جي بي) باغتيال كامو، مؤكّداً أن المخابرات التشيكية والفرنسية كانت، ولا بد، ضالعة هي أيضاً.
لا بدّ أن هذه الفرضية الجديدة قد شغلت عدداً كبيراً من المهتمين بالأدب ومن محبي ألبير كامو، إلا أن الذين دحضوها استندوا إلى الوقائع التاريخية، ومن بينهم المؤرخ والصحافي بيتر زيدِك الذي قال إن حجة انتقام ديمتري شيبيلوف من كامو غير مقنعة، أولاً لأنه لم يكن يمتلك سلطةً تخوّله التخطيط لمثل هذه العملية، وثانياً لأنه لم يعد وزيراً في حينه، وقد أُبعد عن مراكز السلطة بسبب تآمره على خروتشوف ونُقل إلى قرغيزستان. هذا ويركز زيدك على استحالة تخطيط "كي جي بي" لعملية كهذه، لأن كامو اتخذ قرار البقاء والسفر في اليوم التالي مع عائلة غاليمار، في اللحظة الأخيرة بعد أن كان يزمع العودة إلى باريس مع عائلته هو في القطار.
ويضيف زيدك: "في النهاية، هي نظرية مؤامرة شبيهة بتلك الساعية إلى حلّ لغز الوفاة المأسوية والفجائية للمشاهير، من خلال تصوّر تدخلات متآمرين يعملون في الكواليس. فلنقنعْ بأن فكرة موت ألبير كامو سبّبها عطلٌ تقني والسرعةُ الهائلة للسيارة التي كان يركبها مسافراً".
ومع ذلك، ثمة من يرى أن من المقنع ربما أيضاً انتظار الإذن بفتح ملفات "كي جي بي" السرّية، ذات يوم.