10 نوفمبر 2024
هل تغيّر الموقف الأردني تجاه سورية؟
أثارت البيانات الصادرة أخيرا عن فصيلي الشهيد أحمد عبده وأسود الشرقية (من المعارضة السورية المسلحة في البادية السورية) نقاشاً جوهرياً في أوساط سياسية عربية، وأردنية أيضاً، عمّا إذا كان الموقف الأردني تغيّر بصورة نوعية تجاه الأزمة السورية؟
ذكر الفصيلان بوضوح أنّ هنالك طلباً رسمياً من غرفة الموك (إدارة العمليات العسكرية من التحالف الموجودة في الأردن، وتضم أميركا وبريطانيا وفرنسا والأردن ودولا عربية) منهما بعدم قتال الجيش السوري شرقي السويداء، والدخول مؤقتاً إلى الأراضي الأردنية، كي لا تحدث المواجهة، ما يعني السماح للجيش النظامي السوري بالسيطرة على مناطق حدودية مع الأردن، وهو ما حدث في مناطق أخرى.
قبل ذلك، في منتصف شهر أغسطس/ أب الماضي، كان جيش أحرار العشائر، المقرّب من الأردن، ينسحب من مواجهات مع النظام، شرق السويداء، ليترك المجال له، ليسيطر على مناطق أخرى، ما أثار لغطاً شديداً، ودفع المعارضة السورية إلى القلق الشديد من وجود تغيرات جوهرية في الموقف الأردني.
تزامن هذا وذاك مع تصريحات للناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، في الشهر الماضي، أيضاً، قال فيها إنّ الأمور قيد التحسّن مع دمشق، مع وجود رسائل غزل من مسؤولين سوريين، مثل بثينة شعبان، تجاه الأردن، وتسريبات (آخرها لصحيفة كيهان الإيرانية) بوجود "طبخة" ما باتجاه إعادة ضخ المياه في العلاقات الدبلوماسية بين الأردن ودمشق.
ما هو تفسير أصحاب القرار في عمّان هذه التطورات وجوابهم على تلك التحليلات والقراءات؟
لا توجد رواية رسمية أردنية إلى الآن توضح ما يحدث وتشرحه، وإن كان الحديث وراء الأبواب المغلقة يؤكّد أنّ تصريحات وزير الإعلام جرى تحميلها ما لا تحتمل، بوصفها نقطة تحول في الموقف الأردني.
بخصوص ما يحدث في البادية السورية، فإنّ التفسير الأردني، غير الرسمي لها، مرتبط بموازين القوى على أرض الواقع، وبمسائل فنية أيضاً، فوفقاً لما يطرحه المسؤولون، فإنّ كلا من قوات أحمد عبده وأسود الشرقية لن يتمكّنا من الصمود أمام القوة القتالية الكبيرة التي جاء بها النظام وأنصاره إلى البادية، مستثمراً عدم شمول تلك المنطقة باتفاقيات "مناطق منخفضة التوتر" (تفاهم عليها الأميركان والروس، خصوصا اتفاق عمّان حول محافظة درعا، وتعني تلك الاتفاقيات عملياً هدنة عسكرية)، فالفصيلان مجتمعان (عبده والشرقية) لا يصل عددهما إلى 1500، وهو رقم متواضع، لا يمكن أن يصمد أمام جيش النظام الذي حوّل جزءاً كبيراً من قوته العسكرية في الجنوب نحو تلك المنطقة؟
يفسّر الأردن موقفه إذاً بالخشية على تلك القوات من الإبادة العسكرية الكاملة، مع عدم قدرة الأردن على التدخل المباشر العسكري أولاً، ويحاول ثانياً عبر المفاوضات مع الروس توسيع المناطق منخفضة التوتر، لتشمل الحدود الأردنية بأسرها، وقد ساعد الفصيلين عبر نقل عائلاتهما من مخيم الحدلات في تلك المنطقة إلى مخيم الركبان.
هذا عسكرياً، أمّا سياسياً، فلا ينفي المسؤولون الأردنيون، بصورة غير رسمية أيضاً، أنّ المعادلة تغيرت كلياً في سورية، وأنّ المعارضة المسلحة المتبقية في الرّقة وإدلب عموماً هي منظمات معادية للأردن، وغير مقبولة دولياً، وأنّ النظام السوري انتصر عسكرياً، بصورة نسبية، وأنّ الأميركان لا ينوون التدخل عسكرياً بصورة مغايرة، وأنّ الأتراك أصبحوا حلفاء للروس، وأن الدور الأكبر اليوم والحليف المحتمل الأبرز هم الروس المفترض أن يتم التعاون معهم، طالما أنّ مسار أستانة (الهدن العسكرية نجح) بينما مسار جنيف المدعوم أميركياً (الحل السياسي) متعثّر.
لا يستطيع صانع القرار في عمان أن ينكر هذه التغيرات والتحولات أو يتجاوزها، خصوصا أنّ الأردن، منذ البداية، لم يشترط رحيل الأسد، بل وكان مصراً على أنّ النظام (مؤسسات ودولة) لا بد أن يكون شريكاً في الحل السياسي، وأنّ الأردن راهن، منذ البداية، على دور روسي إيجابي ممكن في الحالة السورية، ونجح في إنجاز أول هدنة عسكرية في درعا.
مع ذلك، يرى المسؤولون أنّ الحديث عن تطبيع العلاقات مع النظام ما يزال مبكراً، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2011 مسألة غير ممكنة قريباً، وما تزال الأمور معقدةً، كما هي حال الموقف الأردني المعقد، والمرتبط بحسابات دبلوماسية وعسكرية متشابكة.
ذكر الفصيلان بوضوح أنّ هنالك طلباً رسمياً من غرفة الموك (إدارة العمليات العسكرية من التحالف الموجودة في الأردن، وتضم أميركا وبريطانيا وفرنسا والأردن ودولا عربية) منهما بعدم قتال الجيش السوري شرقي السويداء، والدخول مؤقتاً إلى الأراضي الأردنية، كي لا تحدث المواجهة، ما يعني السماح للجيش النظامي السوري بالسيطرة على مناطق حدودية مع الأردن، وهو ما حدث في مناطق أخرى.
قبل ذلك، في منتصف شهر أغسطس/ أب الماضي، كان جيش أحرار العشائر، المقرّب من الأردن، ينسحب من مواجهات مع النظام، شرق السويداء، ليترك المجال له، ليسيطر على مناطق أخرى، ما أثار لغطاً شديداً، ودفع المعارضة السورية إلى القلق الشديد من وجود تغيرات جوهرية في الموقف الأردني.
تزامن هذا وذاك مع تصريحات للناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، في الشهر الماضي، أيضاً، قال فيها إنّ الأمور قيد التحسّن مع دمشق، مع وجود رسائل غزل من مسؤولين سوريين، مثل بثينة شعبان، تجاه الأردن، وتسريبات (آخرها لصحيفة كيهان الإيرانية) بوجود "طبخة" ما باتجاه إعادة ضخ المياه في العلاقات الدبلوماسية بين الأردن ودمشق.
ما هو تفسير أصحاب القرار في عمّان هذه التطورات وجوابهم على تلك التحليلات والقراءات؟
لا توجد رواية رسمية أردنية إلى الآن توضح ما يحدث وتشرحه، وإن كان الحديث وراء الأبواب المغلقة يؤكّد أنّ تصريحات وزير الإعلام جرى تحميلها ما لا تحتمل، بوصفها نقطة تحول في الموقف الأردني.
بخصوص ما يحدث في البادية السورية، فإنّ التفسير الأردني، غير الرسمي لها، مرتبط بموازين القوى على أرض الواقع، وبمسائل فنية أيضاً، فوفقاً لما يطرحه المسؤولون، فإنّ كلا من قوات أحمد عبده وأسود الشرقية لن يتمكّنا من الصمود أمام القوة القتالية الكبيرة التي جاء بها النظام وأنصاره إلى البادية، مستثمراً عدم شمول تلك المنطقة باتفاقيات "مناطق منخفضة التوتر" (تفاهم عليها الأميركان والروس، خصوصا اتفاق عمّان حول محافظة درعا، وتعني تلك الاتفاقيات عملياً هدنة عسكرية)، فالفصيلان مجتمعان (عبده والشرقية) لا يصل عددهما إلى 1500، وهو رقم متواضع، لا يمكن أن يصمد أمام جيش النظام الذي حوّل جزءاً كبيراً من قوته العسكرية في الجنوب نحو تلك المنطقة؟
يفسّر الأردن موقفه إذاً بالخشية على تلك القوات من الإبادة العسكرية الكاملة، مع عدم قدرة الأردن على التدخل المباشر العسكري أولاً، ويحاول ثانياً عبر المفاوضات مع الروس توسيع المناطق منخفضة التوتر، لتشمل الحدود الأردنية بأسرها، وقد ساعد الفصيلين عبر نقل عائلاتهما من مخيم الحدلات في تلك المنطقة إلى مخيم الركبان.
هذا عسكرياً، أمّا سياسياً، فلا ينفي المسؤولون الأردنيون، بصورة غير رسمية أيضاً، أنّ المعادلة تغيرت كلياً في سورية، وأنّ المعارضة المسلحة المتبقية في الرّقة وإدلب عموماً هي منظمات معادية للأردن، وغير مقبولة دولياً، وأنّ النظام السوري انتصر عسكرياً، بصورة نسبية، وأنّ الأميركان لا ينوون التدخل عسكرياً بصورة مغايرة، وأنّ الأتراك أصبحوا حلفاء للروس، وأن الدور الأكبر اليوم والحليف المحتمل الأبرز هم الروس المفترض أن يتم التعاون معهم، طالما أنّ مسار أستانة (الهدن العسكرية نجح) بينما مسار جنيف المدعوم أميركياً (الحل السياسي) متعثّر.
لا يستطيع صانع القرار في عمان أن ينكر هذه التغيرات والتحولات أو يتجاوزها، خصوصا أنّ الأردن، منذ البداية، لم يشترط رحيل الأسد، بل وكان مصراً على أنّ النظام (مؤسسات ودولة) لا بد أن يكون شريكاً في الحل السياسي، وأنّ الأردن راهن، منذ البداية، على دور روسي إيجابي ممكن في الحالة السورية، ونجح في إنجاز أول هدنة عسكرية في درعا.
مع ذلك، يرى المسؤولون أنّ الحديث عن تطبيع العلاقات مع النظام ما يزال مبكراً، وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2011 مسألة غير ممكنة قريباً، وما تزال الأمور معقدةً، كما هي حال الموقف الأردني المعقد، والمرتبط بحسابات دبلوماسية وعسكرية متشابكة.