نصف موظفي غزة يتلقون بعض رواتبهم

30 أكتوبر 2014
أحد موظفي غزة، أمس (عبدالحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

يبدي الموظف المدني في حكومة غزة السابقة، عبد الله أبو الخير، حيرة في كيفية صرف المبلغ الذي حصل عليه عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة الوفاق الفلسطيني كجزء من راتبه المتأخر منذ ما يزيد عن خمسة شهور، بعد أن تراكمت ديونه وزاد وضعه الاقتصادي سوءاً.

ويقول أبو الخير لـ"العربي الجديد" إن فرحته باستلام مبلغ 1200 دولار منقوصة، لأنه لن يتمكن من توفير احتياجاته الكثيرة، ولأنه سيقوم بسد بعض الديون وتوفير بعض الأولويات الهامة، مطالباً بتوفير راتبه شهرياً كباقي موظفي الدولة.

وبدأ 24 ألف موظف حكومي من المدنيين الذين عيّنتهم حركة "حماس" بعد انفصال غزة في 2007، أمس الأربعاء، بتلقي دفعة مالية بقيمة 1200 دولار، تبرعت بها دولة قطر لموظفي الحكومة السابقة، وجرى إدخالها إلى القطاع عبر الأمم المتحدة وحكومة الوفاق الوطني.

وسادت خلافات بين حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني وحكومة حركة "حماس" السابقة والتي كانت تحكم قطاع غزة حول مصير نحو خمسين ألف موظف مدني وعسكري ما زالوا على رأس عملهم، ما أدى الى قيام موظفي غزة بعدد من الفعاليات الاحتجاجية والإضرابات.

ويتلاقى أبو الخير مع الآلاف من الموظفين الذين ساءت أحوالهم الاقتصادية بفعل قطع الرواتب وعدم الاتفاق على آلية حصولهم عليها، إلى أن جاءت الدفعة القطرية بقيمة 30 مليون دولار لتقديم دفعة لموظفي غزة المدنيين دون العسكريين.

ويقول نقيب الموظفين في غزة، محمد صيام لـ"العربي الجديد"، إن صرف دفعة مالية للموظفين المدنيين من قبل حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية خطوة إيجابية يجب أن تشكر الحكومة عليها، غير أنه لفت إلى أنها خطوة غير كافية.

وبيّن صيام أن عدم صرف رواتب الموظفين العسكريين يحرمهم من حقهم، مشيراً إلى ضرورة الاعتراف بشرعية الموظفين، وأنهم مستمرون بالوقوف إلى جانب الموظفين الفلسطينيين حتى يحصلوا جميعاً على رواتبهم وحقوقهم.

وأمام مقرات البريد الحكومي، اختلطت مشاعر الفرح بالقلق، وسط آمال من الموظفين الذين تقاطروا لاستلام الدفعات المالية بإنهاء معاناتهم ومعاناة عائلاتهم المتواصلة منذ تسلم حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني مهامها.

ويقول الموظف سيد البلعاوي لـ"العربي الجديد": أنا موظف شرعي، تم توظيفي بناءً على كفاءتي، وقمت بواجبي على أكمل وجه دون أي تقصير، ومن حقي الحصول على راتبي بدون أي عوائق أو تضييق، ومساواتي بباقي الزملاء، خصوصاً أن بعضهم يحصل على راتب دون دوام.

ويوضح البلعاوي، أن موظفي قطاع غزة ليس لديهم إشكالية مع موظفي الضفة الغربية الذين يتقاضون راتبهم من رام الله دون عوائق، وأن مشكلتهم الأساسية مع الحكومة الفلسطينية المعنية بتوفير الرواتب للموظفين كافة، من أجل تجاوز صفحة الانقسام الفلسطيني، وعدم الرجوع إليها.

أما زميله طه السرساوي، فيُبين أن المبلغ الذي حصل عليه تم تحديد طريقة صرفه منذ اللحظة الأولى التي سمع فيها عنه، ويقول لـ"العربي الجديد": "سأقوم بسداد دين البقالة، ومحل الخضار والفاكهة، وأصدقائي الذين استدنت منهم، كذلك سأقوم بشراء أدوية لأمي، وبعض المستلزمات المهمة للبيت".

ويضيف: "من حقنا أن نمارس حياتنا بشكل طبيعي، تماماً كما نمارس أعمالنا ومهامنا بشكل طبيعي. ويتابع: وقد ظهرت معالم الأسى على وجهه: "في الكثير من الأيام أذهب مشياً على الأقدام الى عملي لعدم امتلاكي ثمن الأجرة".

من ناحيته؛ أعرب الموظف العسكري، سعدي شبير، عن حزنه لعدم تلقيه الدفعة المالية كباقي زملائه المدنيين، وباقي الموظفين الفلسطينيين، على الرغم من أنه على رأس عمله ولم يقصر في تنفيذ المهام الموكلة إليه.

ويضيف شبير لـ"العربي الجديد": "في البداية تم التفريق بين موظفي قطاع غزة وموظفي الضفة الغربية، ومن ثم تم التفريق بين موظفي قطاع غزة المدنيين والعسكريين، ولا أحد يعرف ماذا سيجري غداً"، مستغرباً من عقلية التفرقة التي يتم اتباعها بين الموظفين الفلسطينيين.

ويأمل نحو 50 ألف موظف فلسطيني في قطاع غزة تم تعيينهم منذ عام 2007 بإنهاء معاناتهم المتفاقمة يوماً بعد يوم، في ظل تأكيدات على استمرار الأنشطة والفعاليات الاحتجاجية حتى يتم الاستجابة لمطالبهم، ومساواتهم بباقي موظفي الدولة.

وفي سياق التطورات في المشهد الغزي، قالت وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية إنها ستبدأ، الخميس المقبل، توزيع الأسمنت اللازم لإعادة إعمار المنازل المدمرة جزئياً خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ودعا وزير الأشغال العامة والإسكان، مفيد الحساينة، في بيان صحافي، الفلسطينيين المتضررين جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، إلى التوجه لفروع الوزارة في محافظات قطاع غزة لاستلام الكوبون الخاص بكميات الأسمنت المطلوبة بناء على الأضرار التي لحقت بمنازلهم.


وسمحت إسرائيل في الرابع من الشهر الجاري، بدخول الدفعة الأولى من مواد البناء (نحو 75 شاحنة) ، إلى قطاع غزة، عبر معبر كرم أبو سالم المنفذ التجاري الوحيد، بعد حظر دام سبع سنوات، وفقاً للاتفاق الثلاثي بين إسرائيل والسلطة، والأمم المتحدة، الخاص بتوريد مواد البناء، لإعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

وأدت الأمطار التي هطلت على قطاع غزة قبل نحو أسبوع، إلى تجريف عشرات الكرفانات التي قدمتها دول عربية وأجنبية لسكان قطاع غزة الذين دمرت منازلهم بشكل كامل، بينما ما تزال أكثر من 10 آلاف أسرة تعيش في مدارس وكالة الأمم المتحدة للاجئين (الأونروا).

وكان مؤتمر إعادة إعمار غزة، قد انتهى بتعهدات دولية بتوفير مبلغ 5.4 مليارات دولار، نصفها تقريباً لقطاع غزة، والنصف الآخر لدعم الفلسطينيين خلال السنوات الثلاث المقبلة، غير أن أياً من هذه المساعدات لم يصل بعد.
المساهمون