12 نوفمبر 2024
نساء الفاتيكان يخرجن عن صمتهنّ
بعد يومين، يحلّ اليوم العالمي للمرأة الذي بات يُحتفل به أكثر فأكثر، في مختلف أنحاء العالم. لذا كان لافتاً جداً أن تنشر "لوسيرفاتوري رومانو"، المجلة النسائية الشهرية الصادرة عن صحيفة الفاتيكان اليومية، في عددها الحالي لشهر مارس/ آذار، مقالاً بعنوان "نساء، كنيسة، عالم"، مُخصّصاً لفضح الممارسات الاستغلالية التي تتعرّض لها الراهبات على يد رجال الكنيسة الكاثوليكية. وهو موضوع شكّل سبقاً صحافياً تناقلته وسائل إعلام عديدة، وعلّقت عليه، كونه عالج أحد المحرّمات التي قلّما تمّ التعرّض لها في الكنيسة الكاثوليكية.
تحت أسماء مستعارة، تروي ثلاث راهبات، سيسيل وماري وبول، كيف يمضين نهاراتهن كلها في خدمة الأساقفة والمطارين، وسواهم من رجال الدين، حيث "يستيقظن فجراً لإعداد الفطور، غسل الملابس وكيّها، إنجاز مهام التنظيف العديدة، ولا ينمن إلا بعد تقديم العشاء وترتيب المنزل"، حسبما قالت ماري القادمة من أفريقيا السوداء إلى روما قبل عشرين عاماً. وفي مثل هذه المهام التي تؤديها الراهبات القائمات على خدمة رجال الدين، من ذوي المراتب الكنسية العالية، ليس هناك من دوامٍ للعمل أو راتب مادي ثابت، إذ تكون المكافآت المالية عشوائية ومتواضعة جداً. ناهيك عن أنهن يقدّمن الوجبات، ثم ينسحبن إلى المطبخ للأكل وحيدات، وليس على الموائد حيث يخدمن رجال الكنيسة، فلا يُدعَيْن أبداً إلى الجلوس ومشاركتهم الطعام.
وتتساءل الأخت ماري التي تستغرب أن تكون النساء وحدهن هن المكلّفات بإنجاز كل المهام المنزلية في عالم الكنيسة: "أمن الطبيعي أن يُخدم من كرّس نفسه للربّ من قبل من كرّست نفسها للرب مثله تماماً؟ مثل هذه الأوضاع يؤدي إلى نوعٍ من الثورة الداخلية القوية جداً لدى بعض الراهبات، وإلى تكوين إحساسٍ عميق بالجرح". فبالنسبة إلى راهبات كثيرات قادمات من أفريقيا، من آسيا ومن أميركا اللاتينية، هي الأم المسؤولة في الرهبنة التي ينتمين إليها، من تدفع أحياناً كلفة علاج أحد الوالدين، أو مصاريف تعليم أحد الإخوة، ما يجعلهن "يشعرن بأنهن موثقات الأيدي، ومديونات، فيسكتن عن شروط عملهن".
وإذ تمرض الراهبات، يتم ترحيلهن إلى رهبنتهن، ويصار إلى استبدالهن بأخريات، تقول الأخت بول، مضيفةً إن إحدى الأخوات، وهي حائزة دكتوراه في علوم الدين، تمّ تكليفها بمهام الجلي من دون أي تفسير، في حين مُنحت أخرى وقد تجاوزت الخمسين من عمرها، وظيفة فتح أبواب الرعية. "نحن ورثة تقليدٍ قديمٍ وتاريخٍ طويلٍ عائد للقديس منصور وبولس، وكل الأشخاص الذين أسسوا رهبانيات تعنى بالفقراء. هذا ما خلق لدينا القناعة بأن الراتب، أو المكافأة المالية، ليسا من طبيعة عملنا، وما جعل الآخرين يرون فينا، نحن الراهبات، متطوعاتٍ يمكن استخدامهن كيفما اتفق، وهو ما يؤدي إلى الإفراط في استغلالنا".
في شهر مايو/ أيار 2016، وجّه البابا فرنسيس نصيحة للاتحاد الدولي للراهبات المسؤولات العامات، جاءت كالتالي: "عندما يُطلب إليكن القيام بأمر يشي باستعبادٍ أكثر منه بخدمة، فلتكن لديكنّ شجاعة قول لا". لكنه في المقابل، وفي اللقاء نفسه، حذّر من وجوب "عدم الوقوع في النسوية"، فالبابا الذي عُرف عنه دعمه النساء كي يتبوّأن، في السلك الكنسي وخارجه، وظائف مهمة وأساسية في الفاتيكان، يُعرف أيضاً بحرصه الشديد على عدم تجاوز التقليد الكاثوليكي الروماني المتحفّظ جداً تجاه الدور الواجب إعطاؤه للمرأة داخل الكنيسة، ووقوفه مثلاً ضد ترسيم النساء كهنةً للكنائس.
جدير بالذكر أن مقال صحيفة الفاتيكان الرسمية يستبق نشر كتابٍ يتناول مكانة المرأة في الكنيسة وفي المجتمع، سوف يصدر قريباً في إسبانيا بعنوان "عشرة أمور يقترحها البابا على النساء". ومما كتبه رأسُ الكنيسة تقديماً لهذا الكتاب: "إني قلق لرؤية كيف أن دور الخدمة الذي ينبغي لكل مسيحي أن يؤدّيه، بما في ذلك داخل الكنيسة، ينحرف أحياناً، في حالة النساء، نحو أدوارٍ تتعلق بالأحرى بالاستعباد".
تحت أسماء مستعارة، تروي ثلاث راهبات، سيسيل وماري وبول، كيف يمضين نهاراتهن كلها في خدمة الأساقفة والمطارين، وسواهم من رجال الدين، حيث "يستيقظن فجراً لإعداد الفطور، غسل الملابس وكيّها، إنجاز مهام التنظيف العديدة، ولا ينمن إلا بعد تقديم العشاء وترتيب المنزل"، حسبما قالت ماري القادمة من أفريقيا السوداء إلى روما قبل عشرين عاماً. وفي مثل هذه المهام التي تؤديها الراهبات القائمات على خدمة رجال الدين، من ذوي المراتب الكنسية العالية، ليس هناك من دوامٍ للعمل أو راتب مادي ثابت، إذ تكون المكافآت المالية عشوائية ومتواضعة جداً. ناهيك عن أنهن يقدّمن الوجبات، ثم ينسحبن إلى المطبخ للأكل وحيدات، وليس على الموائد حيث يخدمن رجال الكنيسة، فلا يُدعَيْن أبداً إلى الجلوس ومشاركتهم الطعام.
وتتساءل الأخت ماري التي تستغرب أن تكون النساء وحدهن هن المكلّفات بإنجاز كل المهام المنزلية في عالم الكنيسة: "أمن الطبيعي أن يُخدم من كرّس نفسه للربّ من قبل من كرّست نفسها للرب مثله تماماً؟ مثل هذه الأوضاع يؤدي إلى نوعٍ من الثورة الداخلية القوية جداً لدى بعض الراهبات، وإلى تكوين إحساسٍ عميق بالجرح". فبالنسبة إلى راهبات كثيرات قادمات من أفريقيا، من آسيا ومن أميركا اللاتينية، هي الأم المسؤولة في الرهبنة التي ينتمين إليها، من تدفع أحياناً كلفة علاج أحد الوالدين، أو مصاريف تعليم أحد الإخوة، ما يجعلهن "يشعرن بأنهن موثقات الأيدي، ومديونات، فيسكتن عن شروط عملهن".
وإذ تمرض الراهبات، يتم ترحيلهن إلى رهبنتهن، ويصار إلى استبدالهن بأخريات، تقول الأخت بول، مضيفةً إن إحدى الأخوات، وهي حائزة دكتوراه في علوم الدين، تمّ تكليفها بمهام الجلي من دون أي تفسير، في حين مُنحت أخرى وقد تجاوزت الخمسين من عمرها، وظيفة فتح أبواب الرعية. "نحن ورثة تقليدٍ قديمٍ وتاريخٍ طويلٍ عائد للقديس منصور وبولس، وكل الأشخاص الذين أسسوا رهبانيات تعنى بالفقراء. هذا ما خلق لدينا القناعة بأن الراتب، أو المكافأة المالية، ليسا من طبيعة عملنا، وما جعل الآخرين يرون فينا، نحن الراهبات، متطوعاتٍ يمكن استخدامهن كيفما اتفق، وهو ما يؤدي إلى الإفراط في استغلالنا".
في شهر مايو/ أيار 2016، وجّه البابا فرنسيس نصيحة للاتحاد الدولي للراهبات المسؤولات العامات، جاءت كالتالي: "عندما يُطلب إليكن القيام بأمر يشي باستعبادٍ أكثر منه بخدمة، فلتكن لديكنّ شجاعة قول لا". لكنه في المقابل، وفي اللقاء نفسه، حذّر من وجوب "عدم الوقوع في النسوية"، فالبابا الذي عُرف عنه دعمه النساء كي يتبوّأن، في السلك الكنسي وخارجه، وظائف مهمة وأساسية في الفاتيكان، يُعرف أيضاً بحرصه الشديد على عدم تجاوز التقليد الكاثوليكي الروماني المتحفّظ جداً تجاه الدور الواجب إعطاؤه للمرأة داخل الكنيسة، ووقوفه مثلاً ضد ترسيم النساء كهنةً للكنائس.
جدير بالذكر أن مقال صحيفة الفاتيكان الرسمية يستبق نشر كتابٍ يتناول مكانة المرأة في الكنيسة وفي المجتمع، سوف يصدر قريباً في إسبانيا بعنوان "عشرة أمور يقترحها البابا على النساء". ومما كتبه رأسُ الكنيسة تقديماً لهذا الكتاب: "إني قلق لرؤية كيف أن دور الخدمة الذي ينبغي لكل مسيحي أن يؤدّيه، بما في ذلك داخل الكنيسة، ينحرف أحياناً، في حالة النساء، نحو أدوارٍ تتعلق بالأحرى بالاستعباد".