07 نوفمبر 2024
ميريل ستريب.. عربية
صحيح... لماذا لا نحظى بفنانين وفنانات عرب من طراز ميريل ستريب؟
لا أعني من طرازها الفني طبعاً، فهناك فنانون وفنانات عرب كثيرون من ذوي الإمكانيات الأدائية الهائلة، حتى وإن تجاهلتهم جوائز الأوسكار التي التفتت إلى ميريل ستريب مرات. هناك أسباب كثيرة تجعل من الصعب على الفنانين العرب، وبقية العالم، منافسة فناني هوليوود في سباق جوائز الأوسكار، لكن هذه الأسباب ليس من بينها ما يمنع هؤلاء الفنانين، في كل مكانٍ تقريبا، من أن يستثمروا نجوميتهم وشهرتهم ومحبة الجماهير لهم في الانتصار لقضايا الجماهير الحقيقية، بدلا من الانتصار للأنظمة وللحكومات الديكتاتورية تحديدا، أو على الأقل الظهور بمظهر ثقافي أخلاقي يمكن أن يساهم في تشكيل صورةٍ مثاليةٍ للقدوة الفنية لدى الأجيال الشابة من المعجبين. تماما كما فعلت ميريل ستريب قبل أيام.
في حفل جوائز غولدن غلوب السينمائية، أخيراً، استطاعت ميريل ستريب أن تخطف الأضواء كلها تقريباً لا بفستانها الأنيق، ولا بمشيتها الفاتنة على السجادة الحمراء، ولا حتى بدورها الذي فازت عنه بجائزتها المرموقة، كما يحدث عادةً في الحفلات الحافلة بالنجوم والأضواء والبريق، بل بخطبةٍ انتقاديةٍ ساخرةٍ ألقتها بلغة رفيعةٍ وشديدة البلاغة، عبرت فيها عن ثقافتها العالية أولاً، لا عن موقفها السلبي تجاه رئيس بلادها المنتخب، دونالد ترامب، وحسب، حيث استعانت بقدراتها التمثيلية على أداء أحد أهم أدوارها في الحياة بموازاة أدوارها الكثيرة الكبيرة على شاشة السينما، لتقول رأيها بكل قوة ووضوح.
كانت ميريل ستريب تعلم بالتأكيد، وهي تتهيأ لأن تقول تلك الكلمة القوية، أنها تعيش في بلد ديمقراطي، لا يمكن أن يسحبها فيه، قبل أن تتم كلمتها، "رجال السيد الرئيس"، لتقضي بقية عمرها وراء قضبان السجن، كما يحدث في بلاد عربية وغير عربية كثيرة!.. هذا صحيح، ولكنه لن يخفف من جُرم فنانين عربٍ كثيرين، اختاروا أن ينحازوا لأنظمة ديكتاتورية معينة، مع سبق الإصرار والترصد، فبدلاً من الصمت غير المكلف وغير المربح، والذي يلجأ إليه من لا يستطيع أن يقول رأيه الصريح بحريةٍ كافيةٍ عادة، اختاروا أن يصبحوا أدواتٍ شيطانيةً بيد تلك الديكتاتوريات، وبشكل لم تكن تحلم به تلك الديكتاتوريات. وما زلت أتذكّر قول "الفنانة" السورية، سوزان نجم الدين، أدلت به قبل سنوات، تعليقا على مجرزة أطفال الحولة التي ارتكبها النظام السوري، "إن أهالي الحولة قتلوا أطفالهم ليظهروا بشار بمظهر السفاح" (!). هكذا بكل بساطة اختارت تلك الفنانة ألا تصطف مع الديكتاتور أو تبرّر له وحسب، بل أن تتقدمه وتزايد عليه في جرائمه.
تساءلت، في مقال سابق، عن السبب الذي يجعل الفنان، أي فنان، ينحاز للسلطة في بلاده، ضد الشعب، أي ضد الجماهير التي ساهمت في صنع نجوميته وشهرته، وبالتالي أعطته قوته المعنوية التي استخدمها لاحقاً ضدها، على الرغم من أن هذا الفنان يعلم، أو ينبغي أن يعلم بالضرورة، أن اقترابه من سلطةٍ كهذه سيساهم، في النهاية، باحتراقه وعودته إلى نقطة الصفر غالبا.
وإن أي ميزة يتحصل عليها من هذه السلطة، كفرص عمل كبيرة، أو أموال، أو جوائز وتكريمات، لا تساوي شيئاً إن خسر احترام الجماهير له في النهاية. ولا جواب حتى الآن للأسف.
لا نريد فناناً أو فنانة من طراز ميريل ستريب، ذلك أننا لا نعيش في مناخ فني وثقافي وسياسي كالذي تعيشه، وإن كنا نحلم على الأقل، لكننا نريد، في حدٍّ أدنى، فنانين يؤمنون بالنصيحة التي سمعتها ميريل من صديقتها ذات يوم، فآمنت بها وعملت وفقا لها، وختمت بها خطبتها الجميلة "حولي قلبك المكسور إلى فن".
في حفل جوائز غولدن غلوب السينمائية، أخيراً، استطاعت ميريل ستريب أن تخطف الأضواء كلها تقريباً لا بفستانها الأنيق، ولا بمشيتها الفاتنة على السجادة الحمراء، ولا حتى بدورها الذي فازت عنه بجائزتها المرموقة، كما يحدث عادةً في الحفلات الحافلة بالنجوم والأضواء والبريق، بل بخطبةٍ انتقاديةٍ ساخرةٍ ألقتها بلغة رفيعةٍ وشديدة البلاغة، عبرت فيها عن ثقافتها العالية أولاً، لا عن موقفها السلبي تجاه رئيس بلادها المنتخب، دونالد ترامب، وحسب، حيث استعانت بقدراتها التمثيلية على أداء أحد أهم أدوارها في الحياة بموازاة أدوارها الكثيرة الكبيرة على شاشة السينما، لتقول رأيها بكل قوة ووضوح.
كانت ميريل ستريب تعلم بالتأكيد، وهي تتهيأ لأن تقول تلك الكلمة القوية، أنها تعيش في بلد ديمقراطي، لا يمكن أن يسحبها فيه، قبل أن تتم كلمتها، "رجال السيد الرئيس"، لتقضي بقية عمرها وراء قضبان السجن، كما يحدث في بلاد عربية وغير عربية كثيرة!.. هذا صحيح، ولكنه لن يخفف من جُرم فنانين عربٍ كثيرين، اختاروا أن ينحازوا لأنظمة ديكتاتورية معينة، مع سبق الإصرار والترصد، فبدلاً من الصمت غير المكلف وغير المربح، والذي يلجأ إليه من لا يستطيع أن يقول رأيه الصريح بحريةٍ كافيةٍ عادة، اختاروا أن يصبحوا أدواتٍ شيطانيةً بيد تلك الديكتاتوريات، وبشكل لم تكن تحلم به تلك الديكتاتوريات. وما زلت أتذكّر قول "الفنانة" السورية، سوزان نجم الدين، أدلت به قبل سنوات، تعليقا على مجرزة أطفال الحولة التي ارتكبها النظام السوري، "إن أهالي الحولة قتلوا أطفالهم ليظهروا بشار بمظهر السفاح" (!). هكذا بكل بساطة اختارت تلك الفنانة ألا تصطف مع الديكتاتور أو تبرّر له وحسب، بل أن تتقدمه وتزايد عليه في جرائمه.
تساءلت، في مقال سابق، عن السبب الذي يجعل الفنان، أي فنان، ينحاز للسلطة في بلاده، ضد الشعب، أي ضد الجماهير التي ساهمت في صنع نجوميته وشهرته، وبالتالي أعطته قوته المعنوية التي استخدمها لاحقاً ضدها، على الرغم من أن هذا الفنان يعلم، أو ينبغي أن يعلم بالضرورة، أن اقترابه من سلطةٍ كهذه سيساهم، في النهاية، باحتراقه وعودته إلى نقطة الصفر غالبا.
وإن أي ميزة يتحصل عليها من هذه السلطة، كفرص عمل كبيرة، أو أموال، أو جوائز وتكريمات، لا تساوي شيئاً إن خسر احترام الجماهير له في النهاية. ولا جواب حتى الآن للأسف.
لا نريد فناناً أو فنانة من طراز ميريل ستريب، ذلك أننا لا نعيش في مناخ فني وثقافي وسياسي كالذي تعيشه، وإن كنا نحلم على الأقل، لكننا نريد، في حدٍّ أدنى، فنانين يؤمنون بالنصيحة التي سمعتها ميريل من صديقتها ذات يوم، فآمنت بها وعملت وفقا لها، وختمت بها خطبتها الجميلة "حولي قلبك المكسور إلى فن".