تشير السيناريوهات التي وضعها باحثون في جامعات أميركية، إلى أن استمرار ارتفاع درجة حرارة الأرض وفق ظاهرة الاحتباس الحراري متأثرة بنسب التلوث المرتفعة، سينعكس على حياة ملايين البشر. دولة مثل هولندا يمكن أن تختفي تماماً تحت الماء في حال ذوبان ثلوج القطبين، خاصة القطب الجنوبي، ما يعني تهديد حياة نحو 17 مليون شخص.
وحسب دراسات الأمم المتحدة، فإن ذوبان ثلوج القطب الشمالي أقل تأثيرا على حياة البشر من تأثير ذوبان ثلوج القطب الجنوبي، ووفق الدراسات نفسها، فإن احتمالية ذوبان الجبال الجليدية، تعني أن مستويات المياه في البحار والمحيطات سترتفع نحو 66 متراً عن مستواها الحالي.
وأشار تقرير نشره موقع البنك الدولي بعنوان "ماذا يحدث في حال ذوبان ثلوج القطبين؟"، إلى أن مدنا عديدة، ستكون مهددة، إما بالغرق، أو الاختفاء تماما عن الخارطة. ومن أبرز المدن التي ستتأثر سلباً مدينتا نيويورك وبوستن الأميركيتان، حيث ستغمر المياه المدينتين ليصبح من المستحيل العيش فيهما، فيما ستختفي ولاية فلوريدا تماماً، ويغرق الساحل الأميركي تحت المياه.
وفي أوروبا، سيكون الوضع أكثر مأساوية، فمدينة الضباب لندن، ستغرق، كما ستختفي مدينة البندقية من خريطة إيطاليا. أما الدول المنخفضة، مثل هولندا، فستكون أولى الدول التي ستختفي بمجرد ارتفاع منسوب المياه، والوضع مماثل بالنسبة بالنسبة للدنمارك وبلجيكا.
وفي قارة آسيا، فإن مصيراً مشابهاً سيكون من نصيب دول ومدن عدة، بحسب التقرير، فمثلا بنغلادش ستغرق كلها، وستواجه مدن كبيرة في كل من شرق الصين والهند واليابان المصير ذاته.
وسيكون الوضع مأساويا عربيا كذلك، إذ إن ذوبان الثلوج وارتفاع مستويات المياه، سيزيدان منسوب المياه في نهري دجلة والفرات ونهر النيل، ما يهدد بغداد والبصرة والقاهرة، كما أن مدناً ستبتلعها المياه مثل الإسكندرية، وجدة، ودبي.
وتوقع معهد Worldwatch الأميركي أن ارتفاع مستوى سطح البحر سيهدد 33 مدينة حول العالم. ووفق المعهد، فإن "متراً واحداً فقط من الماء يمكن أن يؤدي إلى غرق جزر المالديف ومدن ساحلية مثل الإسكندرية.
ووضع المعهد قائمة بالمدن المهددة بالغرق، وهي: بوينس آيرس في الأرجنتين، وريو دي جانيرو في البرازيل، وشنغهاي وتيانغين في الصين، ومومباي وكولكاتا في الهند، وجاكرتا في إندونيسيا، وطوكيو وأوساكا في اليابان، ولاغوس في نيجيريا، وكراتشي في باكستان، وبانكوك في تايلاند، ونيويورك ولوس أنجليس في الولايات المتحدة.
ومن الأمور اللافتة، أن أكثر من 150 مليون شخص، معظمهم في آسيا، يعيشون على ارتفاع متر واحد فوق مستوى سطح البحر، فماذا يحصل في حال ارتفاع مستوى مياه البحار إلى مترين أو 10 أمتار، أو وصولها إلى 66 متراً، بحسب الرقم المتوقع في حال الذوبان الكامل لجليد القطبين.
وأشارت وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير خلال المائة عام الأخيرة، أدى إلى ارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات بمعدل 15 إلى 20 سنتيمتراً، بعد تسارع وتيرة ذوبان الجليد القطبي.
وفي عام 1995، نشر الفريق الحكومي الدولي المَعني بالتغيُّر المُناخي (Climate Change) تقريراً ضم توقّعاتٍ مختلفة عن التغيُّر في مستويات البحار حتى عام 2100، وقَدّر الفريق حدوث ارتفاع يصل إلى 50 سنتيمتراً، أما الحدود الدنيا فَبلغَت 15 سنتيمترا، في حين وصل الحد الأعلى إلى 95 سنتيمترا، وينتج هذا الارتفاع بشكلٍ أساسي عن التمدد الحراري (thermal expansion) للمحيطات.
ووفق خبراء، فإن الاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري، مع ارتفاع استخدام الطاقة في جميع أنحاء العالم، سيؤدي إلى زيادة درجات الحرارة العالمية من 4 إلى 6 درجات مئوية بحلول عام 2100، ما يعني ارتفاع مستوى سطح البحر بنحو 88 سنتم، وفقا لأكثر السيناريوهات تشاؤما.
وترتب درجات الحرارة العالية عواقب كارثية، بينها الجفاف الشديد والفيضانات الكبرى وموجات الحرارة المدمرة والعواصف الشديدة.
وبحسب إحصاءات موقع statista، فإن الصين تعد أكبر دولة تنتج ثاني أوكسيد الكربون المسبب لارتفاع مستويات الثلوث، حيث تنتج سنوياً 28.21 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي لثاني أوكسيد الكربون، وهي نسبة عالية جداً مقارنة مع ما تنتجه باقي الدول الصناعية، وتليها الولايات المتحدة بنحو 15.99 في المائة، ثم الهند بنحو 6.24 في المائة، وروسيا بنحو 4.53 في المائة، ثم اليابان بنحو 3.67 في المائة، وألمانيا بنحو 2.23 في المائة، فكوريا الجنوبية بنحو 1.75 في المائة، فإيران وكندا بنحو 1.71 في المائة.
ومع بدء الثورة الصناعية عام 1756، كانت معدلات ثاني أوكسيد الكربون لا تتعدى 11 ألف متر مكعب، وفي الأعوام بين 1900 إلى 1946، كانت المعدلات ترتفع تدريجياً بوتيرة بطيئة، لكنها زادت خلال المائة العام الماضية أكثر من 10 أضعاف ما كانت عليه في القرن الماضي، ثم بدأت ترتفع بشكل حاد بعد عام 1946. في عام 1986 وصلت إلى 20 مليون متر مكعب، وفي 1996 وصلت إلى 23 مليون متر مكعب، وفي 2006 وصلت إلى 30 مليون متر مكعب، وفي عام 2016 بلغت 36 مليون متر مكعب.