كشفت دراسة جديدة أن تركيزات المركبات الكيميائية الضارة المحتملة في الغبار، والتي جمعت من أنظمة تنقية الهواء في محطة الفضاء الدولية (ISS)، تفوق تلك الموجودة في غبار الأرض في العديد من المنازل الأميركية والأوروبية، وإن كانت درجة خطورتها لا تزيد عن خطورة مثيلتها على الأرض.
في الدراسة التي نشرت يوم 7 أغسطس/ آب الحالي، في دورية "إنفيرونمنتال سَينس أند تكنولوجي لترز" Environmental Science & Technology Letters، حلّل العلماء عينة من الغبار من مرشحات الهواء داخل محطة الفضاء الدولية، ووجدوا مستويات من الملوثات العضوية أعلى من المستوى المتوسط الموجود في منازل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
شملت الملوثات الموجودة في الغبار الفضائي: مركبات كيميائية تسمي الإيثرات الثنائية الفينيل المتعددة البروم، والدوديكان الحلقي السداسي البروم، ومثبطات اللهب المبرومة، وإسترات الفوسفات العضوي، والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، والمواد البيرفلورو ألكيل، وثنائي الفينيل متعدد الكلور.
بالنسبة للباحث ستيوارت هاراد الذي شارك في إعداد الدراسة، وهو أستاذ الكيمياء البيئية في كلية الجغرافيا في جامعة برمنغهام البريطانية، فإن النتائج التي توصل إليها الفريق مهمة، لأنها تحسن فهمنا لمصادر هذه المواد الكيميائية على محطة الفضاء الدولية، وبالتالي سيكون بإمكاننا تحديد المواد المسموح بها على متن بعثات الفضاء المستقبلية إلى كوكب المريخ، على سبيل المثال.
وشرح ستيوارت هاراد، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن النتائج تظهر بشكل عام أنه في حين أن التركيزات في الغبار على محطة الفضاء الدولية أعلى من المتوسط في المنازل الأميركية، إلا أنها تقع في نطاق ما قد نرصده على الأرض. وبالتالي، لا يعتقد هذا الباحث أن هناك مصدر قلق صحي كبيراً على رواد الفضاء أعلى مما نتعرض له على الأرض.
تستخدم مثبطات اللهب المعالجة بالبروم وإسترات الفوسفات العضوي في العديد من البلدان، لتلبية لوائح السلامة من الحرائق في الاستخدامات الصناعية والتجارية، مثل المعدات الكهربائية والإلكترونية، وعزل المباني، وأقمشة الأثاث. وتوجد الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات في الوقود الهيدروكربوني، وتنبعث من عمليات الاحتراق، واستخدمت مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور في مواد مانعة للتسرب للبناء والنوافذ وفي المعدات الكهربائية كسوائل عازلة للكهرباء، في حين تستخدم المواد البيرفلوروألكيلية في مستحضرات إزالة البقع من الأقمشة والملابس.
وعلى الرغم من هذه الاستخدامات الشائعة لهذه المواد، فإن عدداً من البلدان حظرت بعضها أو قيدت استخدامها، لآثارها المحتملة على صحة الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، تصنّف بعض الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات على أنها مواد مسرطنة للبشر، في حين أن بعض مركباتها قيد النظر لتقييدها من قبل الوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية.
يعتقد المؤلفون أن المواد المتاحة تجارياً للاستخدام الشخصي من قبل رواد الفضاء، مثل الكاميرات ومشغلات الصوت، وأجهزة الكمبيوتر اللوحية، والأجهزة الطبية، والملابس، هي مصادر محتملة للعديد من المواد الكيميائية المكتشفة.
قاس العلماء تركيزات مجموعة من المواد الكيميائية المستهدفة في الغبار الذي جمع من محطة الفضاء الدولية. في بيئة الجاذبية الصغرى (المحطة)، تطفو الجزيئات وفقاً لأنماط تدفق نظام التهوية، وتترسب في النهاية على الأسطح ومآخذ الهواء. يتطلب ذلك إعادة تدوير الهواء داخل محطة الفضاء الدولية باستمرار، بمعدل ما بين 8 و10 مرات في الساعة.
وبينما تجري عملية إزالة الملوثات الغازية وثاني أكسيد الكربون، فإن درجة إزالة المواد الكيميائية مثل مثبطات اللهب البرومينية غير معروفة. يمكن أن تؤدي المستويات العالية من الإشعاع إلى تسريع تدهور المواد، بما في ذلك تكسير المواد البلاستيكية إلى مواد بلاستيكية دقيقة ومتناهية الصغر تصبح محمولة في الهواء.
إلى ذلك، يتوقع الباحث ستيوارت هاراد أن تتعرض الدراسة الجديدة للنقد من قبل الباحثين الأقران، نظراً لأنها اعتمدت على فحص عينة واحدة فقط من الغبار، لكنه أكد أن الفريق ينوي تحليل عينات إضافية من الغبار من كل من محطة الفضاء الدولية والمركبات الفضائية الأخرى.
يذكر أن سبعة رواد فضاء يؤدون حالياً مهام على متن محطة الفضاء الدولية من أفراد طاقم البعثة الـ69، وثلاثة منهم روس وثلاثة أميركيون، بالإضافة إلى رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي.