مناطق معارضة حول دمشق.. سلاح التجويع لفرض التهجير (فيديو)

ريان محمد

avata
ريان محمد
26 سبتمبر 2016
112444CF-E92F-48F9-BCC3-CEAE0C4DCA3C
+ الخط -

طوال السنوات الخمس الماضية كانت سياسة حصار المناطق إحدى أهم أدوات النظام السوري للقضاء على الحراك الشعبي بها، تاركا للقيادات المعارضة، السياسية والعسكرية في تلك المناطق، مسؤولية ضمان أمن المدنيين وتأمين احتياجاتهم الأساسية. 

ومع تراجع زخم الدعم للعديد من المناطق، خصوصاً حول دمشق، تغيّر الواقع على الأرض، فبدل المطالبة بتنحي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أصبح التفاوض منحصرا في دخول المساعدات الإنسانية مقابل توقف إطلاق النار، بل وتسليم جزء من السلاح للنظام، في الوقت الذي يعمل النظام على دفع الأهالي إلى الاختيار بين الموت البطيء أو التهجير، مع عدم احترامه لكل الهدن التي تتم.

ويقول الناشط عبد الرحمن الشامي، من قدسيا بريف دمشق، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النظام لعب كثيرا على ثورة السوريين، فمنذ أن دفعها إلى التسلح، وساهم، بشكل من الأشكال، في تعدد جماعات المعارضة المسلحة، وبقائها مناطقية في الأغلب، وهو يراهن على تأليب المدنيين على العسكريين، وتقزيم المطالب الجماهرية من تغير نظام الحكم إلى الحصول على رغيف الخبز والسماح للطلاب بمتابعة تعليمهم، ومعرفة مصير المعتقلين".


ويضيف: "هذا حال قدسيا، التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة دمشق، ويمر منها نهر بردى، وتتوسط منطقتي الهامة ودمر، ويقطنها اليوم نحو 100 ألف شخص، بعدما كان عدد سكانها لا يتجاوز الـ50 ألف شخص عام 2011، وحال جارتها الهامة، التي يقطنها اليوم نحو 50 ألف شخص، في حين كان أكثر من 10 آلاف بقليل".

ويذكر أن "النظام أقام هدنة مع قدسيا في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2015 أخرج على إثرها عشرات من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم إلى إدلب في الشمال السوري، في حين تعهّد من بقي بعدم التعرض للقوات النظامية، مقابل إدخال المواد الغذائية والحد الأدنى من الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء، علما أنه قد سبق هذه الهدنة هدن سابقة كان النظام يخرقها بشكل دائم، في حين مازال يحاول بين الحين والآخر إغلاق المعابر للضغط على الفصائل المتواجدة، إما لإخراج عدد جديد من المسلحين، أو إجراء مصالحات لأعداد من الأشخاص تقتضي تسليمهم قطع سلاح".

ويتابع: "كما جعل الهامة تعتمد على قدسيا بكل شيء، حيث لا مساعدات إنسانية لأهل الهامة، ما يضطر الفصائل إلى إعطائهم من حصة قدسيا، وهو يعمل دائما على سياسة الفصل بين المنطقتين، وتغذية المناطقية وإشعار أهالي قدسيا أن أهل الهامة هم عبء عليهم".

ويلفت إلى أن "النظام يعمل على إنهاك الأهالي بأعباء المعيشة اليومية، من تأمين الخبز إلى ماء الشرب، في حين تتقاضى حواجزه مبالغ مالية كبيرة على المواد التي تسمح بدخولها، ما يرفع الأسعار فوق طاقة ساكنيها، في ظل انتشار الفقر والبطالة بنسب كبيرة، وحتى من يسمح لهم بالخروج من المدينة والعودة لها يتم تقاضي مبالغ مالية منهم، وكل هذا التضييق بهدف دفع الأهالي إلى الهجرة".

من جهته، يقول الناشط الإعلامي عمر الدمشقي، في حي برزة الدمشقي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "برزة، تقع شمال العاصمة دمشق كان يسكنها أكثر من 90 الف نسمة قبل عام 2011، وهي من اولى المناطق التي خرج األها في مظاهرات ضد النظام، سبق أن وقعت هدنة مع النظام بداية عام 2014، إلا أن الأخير كرر خرقها وتعليقها عدة مرات، وفي كل مرة كان لديه ابتزاز جديد للمعارضة والأهالي".

ويضيف الدمشقي أن "برزة متداخلة جغرافيا مع حي القابون الذي يشهد وقف إطلاق نار يتكرر خرقه من القوات النظامية بقذائف الهاون والقنص، إضافة إلى حي تشرين الذي يشهد اشتباكات متقطعة مع القوات النظامية، وكل هذه المناطق تعتمد على معبر برزة في تأمين المواد الغذائية والطبية، إضافة إلى حركة المدنيين من طلاب وموظفين".


ويلفت إلى أن "في برزة تتوفر المواد الغذائية، ومنها يتم مد أهالي القابون، الذين يقدر حاليا عددهم بـ100 ألف نسمة، وأهالي حي تشرين الذي يماثل عددهم أهالي القابون، في حين يبلغ عدد أهالي برزة 150 ألف نسمة".

وتفيد مصادر معارضة بأن النظام عاجز عن فصل الأحياء الثلاثة عن بعضها البعض، ومع طول المدة الزمنية أصبح تأمين المواد الغذائية الدور الأهم في المحافظة على وتيرة العمليات العسكرية، حتى إن الفصائل أصبحت تبذل جهدها في احتواء أي خرق من النظام، بهدف عدم تخريب الهدنة أو أن يغلق النظام المعبر أمام المدنيين".

وترى المصادر ذاتها أن "القوى المعارضة في المناطق المحاصرة، بشكل كلي أو جزئي، أصبح لديها اليوم هموم تختلف عن همومها في عام 2011، عندما خرج سكانها مطالبين بالحرية والكرامة وإسقاط النظام، حيث لم يبق في تلك المناطق سوى قلة من أهلها، في حين أنهكهم الحصار والعوز والعمليات العسكرية، وحتى ملف المعتقلين الذي يعتبر اليوم من أكثر الملفات الإنسانية أهمية، ورغم حضوره بالمطالب العامة لأي هدنة مع النظام، إلا أنه يغيب عند التطبيق، ليتحول إلى ملف مجمد لا يقبل النظام حتى البحث بتطبيقه".

كما تفيد معلومات بأن حتى الغوطة الشرقية تعتمد على برزة كأحد معابر المواد الغذائية، عبر نفق يصل بين المنطقتين.

ويساهم ترهيب النظام، بين الفترة والأخرى، جراء قيامه بالاعتقالات أو القنص أو القصف أو إغلاق المعابر، بدفع الأهالي للبحث عن الأمن خارج مناطقهم، إن كان داخل البلاد أو خارجها.



ذات صلة

الصورة
اختفى ولدا جورية دون ذنب (العربي الجديد)

مجتمع

لا تنحصر التأثيرات السلبية لجريمة الإخفاء القسري في البعد الجسدي للشخص عن عائلته، والحالة التي يُترك فيها أحباؤه، بل يضرب النسيج الاجتماعي أيضاً.
الصورة
كثيراً ما يحصل تدافع خلال تعبئة المياه في دير البلح (مجدي فتحي/ Getty)

مجتمع

لطالما اشتهرت مدينة دير البلح وسط قطاع غزة بالهدوء، وهو ما لا ينطبق عليها اليوم في ظل التهجير الذي شهدته بعدما ضاقت الأمكنة بالغزيين، فباتت الأكثر اكتظاظاً.
الصورة
صندوق اقتراع بأحد مراكز التصويت بدمشق، 15 يوليو 2024 (رويترز)

سياسة

انعكست الظروف المعيشية المتردية والأوضاع الأمنية والسياسية التي تعيشها سورية، على انتخابات مجلس الشعب التابع للنظام السوري، التي جرت أمس الاثنين
الصورة
نازح يستعد للعودة إلى سورية من البقاع اللبنانية، 14 مايو 2024 (فرانس برس)

سياسة

كشفت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في بيان اليوم الثلاثاء أن شاباً سورياً توفي في أحد مشافي دمشق إثر تعرضه للتعذيب على يد أجهزة النظام السوري.