الحبس يلاحق معسكر "25 ــ 30": هجمة مرتدة على مؤيدي الثورة والانقلاب

25 يناير 2019
صباحي هو أحد أبرز منظّري الانقلاب (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
لم يشفع للعديد من التيارات المشاركة في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وقوفها إلى جوار سلطة الانقلاب عام 2013، وتأييدها للمجازر التي سالت فيها دماء المصريين في الشوارع برصاص الأمن، إذ لم تفلح سياسة "المعارضة الناعمة" التي اتبعتها هذه التيارات مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، كونه زجّ برموز ما يُعرف بـ"معسكر 25 – 30" في السجون، ولاحق الكثير منهم.

وعلى الرغم من مشاركة هذا المعسكر في فعاليات الثورة المصرية قبل 8 سنوات، إلا أنّه فشل مراراً في الترويج لفكرة أنّ أحداث 30 يونيو/ حزيران 2013 هي موجة ثورية، أو امتداد للثورة الأم في ميدان التحرير، بعد أن ظهر للمصريين جميعاً تخلّي هذه التيارات عن رفقاء الميدان، من أجل بضعة مقاعد في المجالس الحكومية أو البرلمان، فيما ظهر تعامل السيسي الخشن معهم في أوّل بادرة منهم لانتقاد سياساته الداخلية أو الخارجية.


وطاولت اعتقالات سلطة الانقلاب رموز "معسكر 25 – 30" في وقت مبكر، بعد أن ألقت قوات الأمن القبض على العشرات من الناشطين غير المنتمين للتيارات الإسلامية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، إثر تنظيم وقفة احتجاجية ضدّ لجنة إعداد الدستور أمام مجلس الشورى، رفضاً لإقرار مادة تسمح بمحاكمة المدنيين عسكرياً، في أول تطبيق لقانون "تنظيم حق التظاهر"، الذي كان أصدره الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور.

ووصل التصعيد ضدّ هذا المعسكر إلى ذروته بالتزامن مع إعلان رفضه اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية بين عامي 2016 و2017، وهو ما ردّ عليه نظام السيسي بحملة اعتقالات شرسة بين صفوف التيارات "المدنية"، رافقتها هجمة إعلامية تتهم "معسكر 25 – 30" بالتحالف مع جماعة "الإخوان المسلمين" من أجل "إسقاط الدولة" و"تهديد الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد".


وبالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية "الصورية" مطلع العام الماضي، باشر نظام السيسي حملة كبيرة لملاحقة معارضيه من مختلف التيارات السياسية. وقد بدأت هذه الحملة بملاحقة وسجن المرشحين المحتملين للرئاسة، على غرار رئيس أركان الجيش السابق، الفريق سامي عنان، ومعاونه المستشار هشام جنينة، ثمّ انتقلت الحملة إلى دعاة مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ولعلّ أبرزهم رئيس حزب "مصر القوية"، عبد المنعم أبو الفتوح، ونائبه محمد القصاص.
وشملت الاعتقالات في وقت لاحق منسّق لجنة الشباب السابق في الحملة الانتخابية للسيسي، حازم عبد العظيم، والقيادي السابق في "ائتلاف شباب الثورة"، شادي الغزالي حرب، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، معصوم مرزوق، وغيرهم من السياسيين البارزين في المعسكر الداعم لعزل الرئيس محمد مرسي، وذلك على خلفية انتقاد هؤلاء ممارسات قوات الأمن إزاء المعارضين، والأوضاع المعيشية السيئة، وعدم جدوى المشاريع "القومية" التي ينفذها السيسي.

وأخيراً، أحال النائب العام، المستشار نبيل صادق، بلاغاً يتهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، بـ"نشر أخبار كاذبة، والتحريض ضد الدولة المصرية، والإساءة إليها، من خلال إطلاق تصريحات إعلامية تستهدف تكدير الأمن والسلم الاجتماعيين، وتهديد الأمن القومي، والمصالح العليا للبلاد"، إلى نيابة أمن الدولة العليا للفحص، وهو ما يمهّد لاستدعائه للإدلاء بأقواله، وإمكانية حجزه احتياطياً على ذمة التحقيق.


وصباحي هو أحد أبرز منظّري الانقلاب، وكان قد رفض الاستجابة لمطالب القوى السياسية بالانسحاب من انتخابات الرئاسة في عام 2014، وعدم لعب دور "الكومبارس"، على اعتبار أن هذه الانتخابات "مسرحية هزلية". غير أنه انتقل إلى يسار السلطة مع مرور الوقت، وأعلن ضمن مجموعة من الشخصيات العامة والمعارضة رفضهم مساعي النظام لتعديل الدستور، بغرض تمديد ولاية السيسي التي تنتهي عام 2022.

في موازاة ذلك، يواجه العديد من أعضاء تكتل "25 – 30" في البرلمان شبح إسقاط عضويتهم، وفي مقدمتهم النائب هيثم الحريري، المحال إلى لجنة القيم بسبب شكوى مقدمة ضده من قبل عدد من النواب يتهمونه فيها بالتعدي عليهم بألفاظ نابية في جلسة تمرير اتفاقية الجزيرتين، علاوة على تقدّم المحامي سمير صبري، ببلاغ إلى النائب العام يتهمه فيه بـ"تعمد الظهور على قنوات المعارضة في الخارج، في محاولة لضرب استقرار الدولة المصرية، ومهاجمة سياساتها الاقتصادية".

إلى ذلك، وفي إطار مواصلة استهداف هذا التكتل، انتشر أخيراً مقطع فيديو إباحي على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر عضو التكتل البرلماني، المخرج خالد يوسف، برفقة الفنانتين الشابتين منى فاروق وشيماء الحاج، وهو التسريب الذي سبقته مجموعة من الصور ليوسف مع الإعلامية ياسمين الخطيب، وذلك بتدبير من الأجهزة الأمنية، رداً على بيان المخرج المصري الذي عبّر فيه عن رفضه تعديل الدستور.

ودعا تكتل "25 – 30"، والذي يمثّل الأقلية داخل مجلس النواب، جموع الشعب للتصدي للتعديلات الدستورية المرتقبة، في إطار الحفاظ على إرادة المصريين التي تجلّت في إقرار دستور 2014، وأهمها التداول السلمي للسلطة، باعتباره الأداة الوحيدة للاستقرار السياسي. كما استنكر التكتّل ما يجري تداوله بشأن تعديل مواد نظام الحكم، ومدة الرئاسة، وعدد فتراتها، وغيرها من المكتسبات والضمانات الدستورية التي نالها الشعب المصري بعد ثورته.

المساهمون