07 نوفمبر 2024
مع حمد قلم
أنا من جيل "مع حمد قلم". ونقطة على السطر.
كثيرون مثلي بالتأكيد، ليس في الكويت وحدها، حيث كانت هذه الكلمات الثلاث أول ما نتعلمه عندما ندخل المدرسة أول مرة، بل أيضاً في دول خليجية مجاورة كانت تزودها الكويت بمناهج دراسية وكتب مدرسية.
أتحدث، إذن، عن جيل ينتمي إلى جملة مفيدة، تعلمناها في منهج مدرسي لتدريس اللغة العربية في الصف الأول الابتدائي، فصارت منهجاً للحياة كلها لدى أغلبنا. جيل تمدد إلى أجيال متعاقبة، في ظل ثبات ذلك المنهج على ما هو عليه سنوات طويلة، قبل أن تطل نظريات التغيير والتطوير في لجان وزارات التربية والتعليم، فتعاقبت المناهج، وتعددت وتنوعت وتلوّنت بتعدد وتنوع وتلون الآمرين بتغييرها، والقائمين على ذلك التغيير.
لا أعرف من وضع منهج "مع حمد قلم"، لكنني أعرف أن كل متخريجه، تقريباً، حتى من لم يكمل دراسته الجامعية، أو ربما الثانوية، منهم، هم ممن أجادوا القراءة والكتابة باللغة العربية تماماً، بل أجادها كثيرون منهم في السنة الأولى من الدراسة وحسب، وقلَّما نجد بينهم من يخطئ بكتابة الهمزة، فيضعها على سطر بدلاً من وضعها على نبرة، أو على واو بدلاً من ألف، أو يحتار أين يضعها فيهملها، لاعتقاده أنه في ذلك سيسلم من أذى الخطأ، كما يفعل حالياً كثيرون من حملة الدكتوراه من متخرّجي المناهج اللاحقة.
ما الذي أتاني بحَمدٍ حاملاً قلمه، اليوم، ليلقي علي تحية الصباح، ويحتل عنوان مقالتي، ويفرض علي أن أكتب قصته التي تتعدّى حدود الجملة المفيدة، لتكون عنواناً لقضيةٍ كاملة، اسمها قضية التعليم في الوطن العربي؟
كنت قد نويت الكتابة عن التعليم وقضاياه، بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد في بلادنا العربية، عندما وجدتني أغرق في ذكرياتي مع حمد وقلمه، وأنا أطالع مقالات وتغريدات ومقابلات تنشر في مثل هذا التوقيت كل عام، عن مناهج التدريس العربية العاجزة عن تخريج أجيال قادرة على مواكبة الحياة، على غير ما تفعل مناهج الدول الغربية، بالإضافة إلى "الموضة" الجديدة منذ أحداث "11 سبتمبر" 2001، وهي إلقاء تهم الإرهاب على المناهج الدراسية التي أصبحت، كما يزعم متبنو هذه الموضة، المسؤولة الأولى عن تخريج "الإرهابيين العرب"، باعتبارهم صنائع هذه المناهج.
وبغض النظر عن حقيقة هذه المزاعم، لاحظت أن العرب، كلهم تقريباً، يشكون من المناهج الدراسية، فليس هناك أحد أحسن من أحد كما يبدو. ولم أجد من يمتدح بلداً عربياً في التربية والتعليم، أو بلداً عربياً يُضرب مثلاً في جودة مناهجه، في كل ما قرأته وتابعته في هذا الأمر، للأسف. ولم أجد في ما قرأت وتابعت، أيضاً، حلولاً منطقية، ولا حتى توصيفاً دقيقاً للمشكلات التي يعاني منها التعليم في الوطن العربي، فالجميع يدور في حلقةٍ واسعةٍ، لكنها مفرغة، اسمها قضية التعليم. لكننا لا نعرف ما القضية بالضبط، ولا أبعادها، على الرغم من أننا نلاحظ فعلاً نتائجها في ظهور جيل جديد، كثيرون من أبنائه لا يعرفون القراءة ولا الكتابة كما ينبغي، فما بالنا بمفردات التعليم الأخرى، والتي تعتبر القراءة والكتابة بوابتها الأولية وحسب؟
تذكّرت حمد، وتذكرت قلمه الذي ظل يحمله مشهَراً في وجوهنا، حتى تعلمنا كيف نمسك به بدقة، وكيف نكتب به الأحرف والكلمات على السطر، فلا نميل ولا نخطئ، فإن أخطأنا في كتابة كلمةٍ مثلاً، واجهنا عارنا النهار كله من الزملاء والمعلمين والأهل، ولا يُمحى إلا بعد أن نكتب الكلمة نفسها مائة مرة!
زمن مضى، وكان لا بد من التغيير والتطوير، وفقاً للتغيير والتطوير الذي ألم بمناحي الحياة من حولنا. فهل تغيّر التعليم وتطور فعلاً؟ الواقع الذي نلاحظه، في أبسط صوره وأكثرها دلالةً، يقول إنه تغير فعلاً، لكنه لم يتطور. فمتى يتطور؟
كثيرون مثلي بالتأكيد، ليس في الكويت وحدها، حيث كانت هذه الكلمات الثلاث أول ما نتعلمه عندما ندخل المدرسة أول مرة، بل أيضاً في دول خليجية مجاورة كانت تزودها الكويت بمناهج دراسية وكتب مدرسية.
أتحدث، إذن، عن جيل ينتمي إلى جملة مفيدة، تعلمناها في منهج مدرسي لتدريس اللغة العربية في الصف الأول الابتدائي، فصارت منهجاً للحياة كلها لدى أغلبنا. جيل تمدد إلى أجيال متعاقبة، في ظل ثبات ذلك المنهج على ما هو عليه سنوات طويلة، قبل أن تطل نظريات التغيير والتطوير في لجان وزارات التربية والتعليم، فتعاقبت المناهج، وتعددت وتنوعت وتلوّنت بتعدد وتنوع وتلون الآمرين بتغييرها، والقائمين على ذلك التغيير.
لا أعرف من وضع منهج "مع حمد قلم"، لكنني أعرف أن كل متخريجه، تقريباً، حتى من لم يكمل دراسته الجامعية، أو ربما الثانوية، منهم، هم ممن أجادوا القراءة والكتابة باللغة العربية تماماً، بل أجادها كثيرون منهم في السنة الأولى من الدراسة وحسب، وقلَّما نجد بينهم من يخطئ بكتابة الهمزة، فيضعها على سطر بدلاً من وضعها على نبرة، أو على واو بدلاً من ألف، أو يحتار أين يضعها فيهملها، لاعتقاده أنه في ذلك سيسلم من أذى الخطأ، كما يفعل حالياً كثيرون من حملة الدكتوراه من متخرّجي المناهج اللاحقة.
ما الذي أتاني بحَمدٍ حاملاً قلمه، اليوم، ليلقي علي تحية الصباح، ويحتل عنوان مقالتي، ويفرض علي أن أكتب قصته التي تتعدّى حدود الجملة المفيدة، لتكون عنواناً لقضيةٍ كاملة، اسمها قضية التعليم في الوطن العربي؟
كنت قد نويت الكتابة عن التعليم وقضاياه، بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد في بلادنا العربية، عندما وجدتني أغرق في ذكرياتي مع حمد وقلمه، وأنا أطالع مقالات وتغريدات ومقابلات تنشر في مثل هذا التوقيت كل عام، عن مناهج التدريس العربية العاجزة عن تخريج أجيال قادرة على مواكبة الحياة، على غير ما تفعل مناهج الدول الغربية، بالإضافة إلى "الموضة" الجديدة منذ أحداث "11 سبتمبر" 2001، وهي إلقاء تهم الإرهاب على المناهج الدراسية التي أصبحت، كما يزعم متبنو هذه الموضة، المسؤولة الأولى عن تخريج "الإرهابيين العرب"، باعتبارهم صنائع هذه المناهج.
وبغض النظر عن حقيقة هذه المزاعم، لاحظت أن العرب، كلهم تقريباً، يشكون من المناهج الدراسية، فليس هناك أحد أحسن من أحد كما يبدو. ولم أجد من يمتدح بلداً عربياً في التربية والتعليم، أو بلداً عربياً يُضرب مثلاً في جودة مناهجه، في كل ما قرأته وتابعته في هذا الأمر، للأسف. ولم أجد في ما قرأت وتابعت، أيضاً، حلولاً منطقية، ولا حتى توصيفاً دقيقاً للمشكلات التي يعاني منها التعليم في الوطن العربي، فالجميع يدور في حلقةٍ واسعةٍ، لكنها مفرغة، اسمها قضية التعليم. لكننا لا نعرف ما القضية بالضبط، ولا أبعادها، على الرغم من أننا نلاحظ فعلاً نتائجها في ظهور جيل جديد، كثيرون من أبنائه لا يعرفون القراءة ولا الكتابة كما ينبغي، فما بالنا بمفردات التعليم الأخرى، والتي تعتبر القراءة والكتابة بوابتها الأولية وحسب؟
تذكّرت حمد، وتذكرت قلمه الذي ظل يحمله مشهَراً في وجوهنا، حتى تعلمنا كيف نمسك به بدقة، وكيف نكتب به الأحرف والكلمات على السطر، فلا نميل ولا نخطئ، فإن أخطأنا في كتابة كلمةٍ مثلاً، واجهنا عارنا النهار كله من الزملاء والمعلمين والأهل، ولا يُمحى إلا بعد أن نكتب الكلمة نفسها مائة مرة!
زمن مضى، وكان لا بد من التغيير والتطوير، وفقاً للتغيير والتطوير الذي ألم بمناحي الحياة من حولنا. فهل تغيّر التعليم وتطور فعلاً؟ الواقع الذي نلاحظه، في أبسط صوره وأكثرها دلالةً، يقول إنه تغير فعلاً، لكنه لم يتطور. فمتى يتطور؟