10 نوفمبر 2024
معركة ترامب مع إيران
صحيح أنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لم يقم إلى الآن بإعادة النظر في الاتفاقية النووية الإيرانية التي تمّ إقرارها في عهد الإدارة الأميركية السابقة، وشكّلت في حينها تحولاً كبيراً وتاريخياً للمقاربة الأميركية تجاه المنطقة العربية، منذ العام 1979. لكن الإدارة الأميركية الجديدة تقوم بما هو أكثر من ذلك، بهدم مقاربة الرئيس السابق باراك أوباما تجاه إيران، وإعادة تعريفها بوصفها خطراً وعدوا للولايات المتحدة الأميركية، وجعل مواجهة نفوذها ضمن أولويات الإدارة الجديدة.
هذا التصوّر الجديد واضح تماماً فيما يتعلق بسورية، فالإدارة الأميركية أعادت تعريف أهدافها لتصبح، بدلاً من محاربة داعش وهزيمتها (كما انتهت الإدارة السابقة) ثلاثة؛ هزيمة داعش، وفي الوقت نفسه تحجيم دور إيران، ومنعها من إقامة مجال حيوي يمتد إلى البحر المتوسط، وثالثاً إنهاء حكم بشار الأسد.
تقتضي مثل هذه الأهداف، كما ذكرنا في المقال السابق ("العربي الجديد" 9/4/2017)، عملياً قلب قواعد اللعبة في سورية، بل في المنطقة، والدخول في مواجهةٍ مفتوحةٍ مع إيران التي دفعت كلفة كبيرة للوصول إلى هذا النفوذ المتنامي في سورية، ودعمت الأسد، وماضية في الطريق إلى إقامة "سورية المفيدة".
لو فرضنا، جدلاً، وهذا مستبعدٌ تماماً، أنّ الإدارة الأميركية نجحت، فعلياً، في تفكيك تحالف الروس مع الإيرانيين خلال الفترة المقبلة، فهل ستكون قادرةً على هزيمة النفوذ الإيراني، وتمكين الأطراف الأخرى في سورية من تضييق الخناق على بشار الأسد، وإخراجه من الحكم، وتحجيم نفوذ إيران في سورية؟
المسألة أكثر تعقيداً من هذا التبسيط. لكن، مع المواقف الأميركية الجديدة، دخل الصراع السوري منعرجاً جديداً، يعتمد أولاً على موقف الروس، وهو مهم وأساسي في دعم النظام السوري، وثانياً على رد فعل الإيرانيين على المواقف الأميركية الجديدة، فيما إذا كانوا سيكتفون بإعادة خلط الأوراق في سورية أم سيوّسعون المتاعب الأميركية لتصل إلى العراق، وتهديد المصالح الأميركية هناك.
أيّاً كان الأمر، فإنّ من المهم إدراكه أنّ الإيرانيين يمتلكون اليوم شبكةً عريضةً وكبيرةً من التحالفات الإقليمية والداخلية في كل من سورية والعراق، ودول عربية أخرى، ليس من السهل تدميرها أو إضعافها، ويقفون على الأرض عسكرياً بقوة، عبر الأذرع العسكرية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، فيلق القدس، والمليشيات الشيعية العراقية، وحزب الله، والمليشيات التي تمّ تشكيلها في سورية، وأصبحت تحت الوصاية العملية الإيرانية.
لن يترك الإيرانيون الأميركيين يهدمون ما أنجزوه من نفوذٍ كبير خلال الأعوام الماضية من الأحداث في سورية، وبعد أن دفعوا كلفةً كبيرةً عسكرياً ومالياً. لذلك، لن تكون المواجهة مع إيران سهلةً، ولا في متناول اليد، من الرئيس الأميركي الجديد.
قد لا تظهر على المدى القصير نتائج وعلامات مباشرة وواضحة للمواجهة الأميركية- الإيرانية في سورية، خصوصا إذا فشل الأميركيون في إبعاد الروس عن طهران، فستركّز إدارة ترامب على بناء نفوذ داخلي وإقليمي في سورية، وتعزيز وجودها العسكري، سواء مباشرة في بعض القواعد العسكرية، وتدشين قواعد جديدة، أو غير المباشرة عبر التحالف مع الأكراد والقوى العشائرية السورية في الجنوب، وربما تحاول الإدارة الأميركية تعزيز ذلك عبر تحالفٍ مصغّر، يضم دولاً عربية وغربية تشارك الأجندة الأميركية.
لكن، على المدى المتوسط، فإنّ الصراع على "تركة داعش" سيظهر جلياً في المشهد السوري، فهنالك معارك الرقّة وريفها وريف حلب، ودير الزور وريفها وبادية الشام، حيث انحاز عدد كبير من عناصر "داعش"، في محاولة لإعادة بناء قوتهم في الصحراء السورية الممتدة.
بكلمة؛ لا تزال هنالك فجوة واسعة بين التحولات الأميركية الجديدة على صعيد الأهداف، وإمكانية تحقيقها وتنفيذها على صعيد الخطط الواقعية، والواقع الأكثر تعقيداً وتشابكاً بين مصالح الأميركان والروس والإيرانيين والأتراك والأكراد والعرب.
هذا التصوّر الجديد واضح تماماً فيما يتعلق بسورية، فالإدارة الأميركية أعادت تعريف أهدافها لتصبح، بدلاً من محاربة داعش وهزيمتها (كما انتهت الإدارة السابقة) ثلاثة؛ هزيمة داعش، وفي الوقت نفسه تحجيم دور إيران، ومنعها من إقامة مجال حيوي يمتد إلى البحر المتوسط، وثالثاً إنهاء حكم بشار الأسد.
تقتضي مثل هذه الأهداف، كما ذكرنا في المقال السابق ("العربي الجديد" 9/4/2017)، عملياً قلب قواعد اللعبة في سورية، بل في المنطقة، والدخول في مواجهةٍ مفتوحةٍ مع إيران التي دفعت كلفة كبيرة للوصول إلى هذا النفوذ المتنامي في سورية، ودعمت الأسد، وماضية في الطريق إلى إقامة "سورية المفيدة".
لو فرضنا، جدلاً، وهذا مستبعدٌ تماماً، أنّ الإدارة الأميركية نجحت، فعلياً، في تفكيك تحالف الروس مع الإيرانيين خلال الفترة المقبلة، فهل ستكون قادرةً على هزيمة النفوذ الإيراني، وتمكين الأطراف الأخرى في سورية من تضييق الخناق على بشار الأسد، وإخراجه من الحكم، وتحجيم نفوذ إيران في سورية؟
المسألة أكثر تعقيداً من هذا التبسيط. لكن، مع المواقف الأميركية الجديدة، دخل الصراع السوري منعرجاً جديداً، يعتمد أولاً على موقف الروس، وهو مهم وأساسي في دعم النظام السوري، وثانياً على رد فعل الإيرانيين على المواقف الأميركية الجديدة، فيما إذا كانوا سيكتفون بإعادة خلط الأوراق في سورية أم سيوّسعون المتاعب الأميركية لتصل إلى العراق، وتهديد المصالح الأميركية هناك.
أيّاً كان الأمر، فإنّ من المهم إدراكه أنّ الإيرانيين يمتلكون اليوم شبكةً عريضةً وكبيرةً من التحالفات الإقليمية والداخلية في كل من سورية والعراق، ودول عربية أخرى، ليس من السهل تدميرها أو إضعافها، ويقفون على الأرض عسكرياً بقوة، عبر الأذرع العسكرية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، فيلق القدس، والمليشيات الشيعية العراقية، وحزب الله، والمليشيات التي تمّ تشكيلها في سورية، وأصبحت تحت الوصاية العملية الإيرانية.
لن يترك الإيرانيون الأميركيين يهدمون ما أنجزوه من نفوذٍ كبير خلال الأعوام الماضية من الأحداث في سورية، وبعد أن دفعوا كلفةً كبيرةً عسكرياً ومالياً. لذلك، لن تكون المواجهة مع إيران سهلةً، ولا في متناول اليد، من الرئيس الأميركي الجديد.
قد لا تظهر على المدى القصير نتائج وعلامات مباشرة وواضحة للمواجهة الأميركية- الإيرانية في سورية، خصوصا إذا فشل الأميركيون في إبعاد الروس عن طهران، فستركّز إدارة ترامب على بناء نفوذ داخلي وإقليمي في سورية، وتعزيز وجودها العسكري، سواء مباشرة في بعض القواعد العسكرية، وتدشين قواعد جديدة، أو غير المباشرة عبر التحالف مع الأكراد والقوى العشائرية السورية في الجنوب، وربما تحاول الإدارة الأميركية تعزيز ذلك عبر تحالفٍ مصغّر، يضم دولاً عربية وغربية تشارك الأجندة الأميركية.
لكن، على المدى المتوسط، فإنّ الصراع على "تركة داعش" سيظهر جلياً في المشهد السوري، فهنالك معارك الرقّة وريفها وريف حلب، ودير الزور وريفها وبادية الشام، حيث انحاز عدد كبير من عناصر "داعش"، في محاولة لإعادة بناء قوتهم في الصحراء السورية الممتدة.
بكلمة؛ لا تزال هنالك فجوة واسعة بين التحولات الأميركية الجديدة على صعيد الأهداف، وإمكانية تحقيقها وتنفيذها على صعيد الخطط الواقعية، والواقع الأكثر تعقيداً وتشابكاً بين مصالح الأميركان والروس والإيرانيين والأتراك والأكراد والعرب.