اضطر عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى الانكفاء داخل الأحياء التي لا تزال تحت سيطرتهم في الساحل الأيسر (الجانب الشرقي) للموصل، فيما أكدت مصادر محلية أن التنظيم بدأ بنقل عدد من قياداته ومسلحيه إلى الساحل الأيمن. وبعد مرور نحو 40 يوماً من القتال في الموصل، تمكنت القوات العراقية، من تحرير 20 حياً في المحورين الشرقي والجنوب الشرقي للمدينة، بحسب المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، الذي أكد، في كلمة متلفزة وجهها من محور الخازر الشرقي، أن التقدم في الموصل يسير وفقاً لتوقيت زمني دقيق. كذلك، أكد العقيد في الفرقة التاسعة بالجيش العراقي، فاضل المحمداوي، أن القوات المهاجمة أطبقت الحصار على مدينة الموصل من جميع الجهات، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "تنظيم داعش أصبح اليوم أمام خيارين كلاهما مر: إما القتال أو القتال". وأشار إلى توغل القوات العراقية في أحياء الجامعة والأمن والقاهرة والمصارف، بهدف تحريرها من سيطرة "داعش"، موضحاً أن القوات المشتركة تخطط للوصول إلى ضفاف نهر دجلة تمهيداً للعبور باتجاه الساحل الأيمن الذي يقع في الجانب الغربي للموصل.
وفي سياق متصل، أعلن مصدر أمني محلي أن عناصر تنظيم "داعش" يعيشون حالة من الفوضى والارتباك، بعدما دمرت القوة الجوية العراقية وطيران التحالف الدولي الجسور الخمسة التي تربط جانبي الموصل. وبيّن، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التنظيم قرر إنشاء مقرات قيادة بديلة في الساحل الأيمن، تتولى إدارة المعارك، في حال انقطع الاتصال بالساحل الأيسر. وأضاف أن "داعش استخدم الزوارق لنقل عدد من قياداته ومقاتليه إلى الساحل الأيمن، لإدارة مقراته البديلة"، مشيراً إلى تمكن عدد من عناصر التنظيم من الهروب إلى الجهة الغربية مع أسرهم أثناء الليل بواسطة القوارب. ولفت إلى تناقص عدد مقاتلي تنظيم "داعش" في الجانب الشرقي، نتيجة لكثافة عمليات القصف التي تستهدف معاقلهم، فضلاً عن تضييق الخناق على الموصل، وهو الأمر الذي حال دون وصول الإمدادات لعناصر التنظيم.
وأشار المصدر الأمني إلى قيام "داعش" بحملة اعتقالات وإعدامات في الأحياء الشرقية للموصل، مشيراً إلى إعدام 10 أشخاص اعتقلهم مع آخرين في حي المهندسين. ولفت إلى أن عناصر التنظيم قالوا، عبر مكبرات الصوت، إنهم نفذوا "حكم الله" في أشخاص ثبت تخابرهم وتعاونهم مع القوات العراقية، بحسب قولهم. وعلى الرغم من الأصوات السياسية والشعبية الرافضة لتدخل مليشيات "الحشد الشعبي" في عملية تحرير المحور الغربي للموصل، المتمثل ببلدة تلعفر، تصر المليشيات على تنفيذ عمليات عسكرية في محيط البلدة. وأعلنت أن فصائلها تتقدم في تل عبطة الاستراتيجي، جنوب تلعفر. وفي هذا الصدد، ذكر موقع "الحشد" أن "التقدم تم من محاور عدّة، لتحرير المنطقة من سيطرة داعش"، مبيناً أن تقدم "الحشد الشعبي" يتم وفقاً للخطط المرسومة لتحرير المحور الغربي للموصل.
وترافق تقدم القوات العراقية في الموصل، دعوات متزايدة للحفاظ على أرواح المدنيين المحاصرين في الموصل، وتوفير ممرات آمنة لخروجهم، وإسعافهم من خلال تأمين الخدمات الصحية الضرورية لهم. وقال محافظ الموصل السابق، أثيل النجيفي، إن أعمال الإغاثة في المدينة تواجه معضلات عدة، أبرزها ما يتعلق بالجانب الصحي. ولفت، في بيان، إلى عدم وجود مراكز صحية قريبة من الموصل، على الرغم من مرور مدة على تحرير بعض الأحياء. وطالب وزارة الصحة العراقية بتجاوز ضعف الحكومة المحلية، وإعادة تأهيل المستشفيات الواقعة جنوبي المدينة.
ودعت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، في وقت سابق، القوات العراقية، إلى الحفاظ على أرواح المدنيين في الموصل، وعدم السماح باعتقال الأشخاص إلا للجهات المخولة بذلك. وطالبت اللجنة بتوفير ممرات آمنة ومراكز خاصة لإيواء المدنيين الفارين من المناطق التي تشهد معارك بين القوات العراقية ومقاتلي "داعش"، مشددة على ضرورة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحفاظ على أرواح المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.