مصر: موجة تضخمية مرتقبة تضرب أسواق الوقود

26 أكتوبر 2016
ارتفاع حاد في أسعار السلع (ريتشارد بيكر/Getty)
+ الخط -
تسعى مصر لخفض جديد لمخصصات الدعم من خلال رفع أسعار الوقود، تحسبا لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، إلا أن القرار يبدو صعباً للغاية على الحكومة بسبب مخاوف الرفض الشعبي واستعداد العديد من التيارات السياسية لمظاهرات يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل احتجاجاً على تفاقم الأزمات المعيشية.

وتوقع مسؤولون أن تكون نسب ارتفاع أسعار الوقود المرتقبة ما بين 15 و40%.

وتعاني مصر اقتصادياً بشدة بعد 5 سنوات من اضطرابات سياسية منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011، تفاقمت مع الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز عام 2013، الذي أطاح محمد مرسي أول رئيس منتخب بعد الثورة.

ودفعت الأزمة المالية الخانقة الحكومة المصرية إلى رفع أسعار الكهرباء في يوليو/تموز الماضي، وهو التحريك الثالث من نوعه منذ عام 2014 بنسب تتراوح بين 17% و46%، حسب البيانات الرسمية.

وتنفذ مصر خطة لتحرير أسعار الكهرباء على خمس سنوات، وسجل الدعم المتوقع هذا العام لقطاع الكهرباء 30 مليار جنيه (الدولار = 8.88 جنيهات بالسعر الرسمي) في حين يبلغ إجمالي دعم الوقود في الموازنة الجارية 35 مليار جنيه.

ورفعت مصر أسعار الوقود مرة واحدة فقط خلال السنوات الثلاث الأخيرة ليصل سعر "بنزين 92" الأكثر استهلاكا إلى 2.60 جنيهين منذ عامين ولم تقم بتحريك آخر خلال العامين الماضيين بسبب تراجع أسعار النفط عالميا، ما منح مصر مرونة وقدرة على عدم تحريك الأسعار مجدداً خلال الفترة الماضية.

ولكن الوضع اختلف بعد أن لوح صندوق النقد الدولي بعدم الموافقة على قرض لمصر بقيمة 12مليار دولار قبل إقرار خفض جديد للدعم، وتحقيق مرونة أكبر لسعر العملة المحلية، التي تهاوت قيمتها في السوق السوداء أمام العملات الأجنبية، ولامس سعر الدولار 16 جنيهاً في حين يبلغ سعره الرسمي 8.88 جنيهات.

وتعتزم الحكومة تخفيض دعم الوقود، إلا أن الموعد المحدد لم يحسم بعد. وأكد خبراء اقتصاد أن مخاوف ارتفاع الأسعار تحول دون تنفيذ قرارات خفض مزيد من دعم الوقود، الذي كان يبلغ قبل 3 أعوام 134 مليار جنيه.

وقال الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية، إيهاب الدسوقي، لـ "العربي الجديد"، إن خفض الدعم خاصة على الوقود ينذر بموجة تضخم طاحنة ترفع أعداد الفقراء، حيث سينعكس على كافة الأسعار، خاصة الخضر والفاكهة والمنتجات التي يتم نقلها من مكان لآخر في محافظات مصر، فضلا عن نقل الخامات والسلع الأولية لأماكن التصنيع مما ينتج عنه ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات.

وتوقع الدسوقي ارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسب تصل إلى 20% في حالة إقرار زيادات أسعار الوقود، لافتاً إلى أن القرار أصبح وشيكا وسيصدر في أية لحظة.

وتجاوزت معدلات التضخم في مصر 14%، حسب أحدث تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي، وأرجعت التقارير زيادة التضخم إلى ارتفاع الغذاء وعدد من الخدمات، منها النقل والإسكان.

وتابع الدسوقي أن دعم الطاقة تراجع بسبب تراجع الأسعار العالمية، إلا أن الحكومة المصرية واصلت خفض دعم الكهرباء.

وتوقع أن تسهم القرارات المرتقبة بإلغاء دعم الوقود في خلق أزمة شديدة للطبقات محدودة ومتوسطة الدخل، لأنه لا يتناسب مطلقا مع ظروفهم المعيشية، مشيراً إلى زيادة معدلات الغلاء والتضخم، لأن إلغاء المواد النفطية يواكب تطبيق ضريبة القيمة المضافة البالغة 14% والتي أحدثت ارتفاعا في أسعار السلع، مما يحمل المواطنين أعباء إضافية جديدة.

وفى المقابل، يرى نائب رئيس صندوق النقد الدولي السابق، فخري الفقي، أن خفض الدعم على الوقود أمر لا بد منه.

وأضاف الفقي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الموازنة المصرية تعاني بشدة، ليس بسبب الوضع الراهن اقتصاديا وضغوط مطالب صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي، وأشار إلى أن المواطن في مصر لم يستفد من قيمة الدعم التي كانت تتجاوز 130 مليار جنيه سنويا قبل تراجع أسعار الوقود العالمية.

وتوقع أن يسهم القرار المرتقب في ما يتعلق بالوقود في رفع نسبة التضخم مدعوما بالقرار، إلا أن الوضع الاقتصادي ينذر بأزمة حقيقية لو استمر الإنفاق على الدعم والفوائد والأجور بنفس المستويات، مما سيرهق الموازنة، حسب تعبيره.

المساهمون