مصر تسحب نهائياً مشروع إدانة الاستيطان من مجلس الأمن

23 ديسمبر 2016
مصر أبلغت مندوبها بالردّ بالرفض (درو أنجيرر/Getty)
+ الخط -

سحبت مصر، اليوم الجمعة، مشروع قرار إدانة الاستيطان من التداول نهائياً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ يأتي ذلك بعدما كشفت مصادر دبلوماسية مصرية، لـ"العربي الجديد"، أن وزارة الخارجية، أبلغت المندوب المصري، بالردّ على الدول الأربع صاحبة مشروع إدانة الاستيطان، بالرفض. 

وقال دبلوماسيون غربيون، إن كلاً من "نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال أبلغت مصر بأنها إن لم توضح بحلول ساعات، ما إن كانت تعتزم الدعوة لإجراء تصويت على مشروع قرار، يطالب إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني، فإن هذه الدول تحتفظ بحق طرح هذه الدعوة". 

وقالت الدول الأربع في مذكرة لمصر: "في حال قررت مصر أنه لن يمكنها المضي في الدعوة لإجراء تصويت في 23 ديسمبر/كانون الأول، أو إذا لم تقدم رداً قبل انقضاء ذلك الموعد، فإن هذه الوفود تحتفظ بالحق في تقديم المشروع، والتحرك لإجراء تصويت عليه بأسرع ما يمكن".

وللمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أشهر، يضع النظام المصري الحالي برئاسة بعد الفتاح السيسي، نفسه في مأزق داخل مجلس الأمن الدولي، بما ينعكس على جملة علاقاته الإقليمية والدولية، فضلاً عن كشف الانحيازات الحقيقية.

وفي خطوة تؤكد الإصرار على إحباط مشروع القرار، قررت مصر سحب التصويت على مشروع القرار الذي قدمته لإدانة الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، نهائياً، اليوم الجمعة، بعد توزيع مسودة القرار على الدول الأعضاء في مجلس الأمن أمس.

والخطوة الجديدة جاءت بعد ضغوط إسرائيلية وأميركية مباشرة على مصر، تسببت في حرجٍ للنظام الحالي، وسط انتقادات لهذا التراجع، خاصة وأنه يكشف حجم الفشل الذي وصلت إليه الدبلوماسية المصرية.

وكانت الواقعة الأولى التي تسببت في مأزق لنظام السيسي، التصويت على مشروع قرار روسي حول سورية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما أغضب عدة دول عربية وإسلامية، على رأسها المملكة العربية السعودية، والتي توترت علاقاتها بمصر منذ ذلك التاريخ وحتى الآن.

ويرى مراقبون، أن خطوة سحب التصويت على القرار، لها أبعاد سياسية خصوصاً بالنسبة للسيسي، في حين أنها تنطوي على مأزق وخلل دبلوماسي كبير.


ووصلت قوة العلاقة بين النظام المصري الحالي وإسرائيل، لدرجة غير مسبوقة، إذ إن السيسي يعتمد على الكيان الصهيوني في دعمٍ دولي لنظامه، معتمداً على الترويج لما يُسمى "السلام الدافئ"، وتوسيع دائرة التطبيع مع الكيان الصهيوني، لحفظ أمن إسرائيلي. وتبادل السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، عبارات المدح والثناء منذ وصول الأول إلى الحكم قبل ما يزيد عن عامين.

وفي شهر يوليو/تموز الماضي، التقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، رئيس الوزراء الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، لدفع عملية مفاوضات السلام، ليرفض بعدها وصْف الاعتداءات الإسرائيلية بالإرهاب. وضغطت إسرائيل بشكل مباشر على السيسي من أجل تأجيل التصويت على مشروع القرار، على الأقل، وبالمثل ضغطت أميركا بقوة على مصر للهدف ذاته.

وتلقى السيسي اتصالا هاتفيا من نظيره الأميركي المنتخب دونالد ترامب، للتباحث حول مشروع القرار المصري المقدم لمجلس الأمن، لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. واتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأميركية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية.

وفي سياق متصل، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن طلب تأجيل التصويت على قرار إدانة الاستيطان، يقف خلفه أهداف سياسية وليست دبلوماسية متعلقة باستخدام حق "الفيتو" ضد المشروع.

وأضاف عز لـ"العربي الجديد"، أن السيسي أراد استغلال مشروع القرار لحصْد مكاسب من إسرائيل وأميركا، خاصة وأنه يعلم جيدا أن الولايات المتحدة تحديدا ستستخدم حق الفيتو لعرقلة أي مشروع يدين الكيان الصهيوني.

وتابع أن السيسي أراد استغلال الموقف سياسيا، بحيث يكون محط اهتمام أميركي بشكل خاص، وهو ما تحقق بالفعل باتصال من ترامب للسيسي.

وتساءل: "أليس من المفترض أن يكون هناك تنسيق قبل توزيع مسودة المشروع على الدول الأعضاء في مجلس الأمن؟ ولكن يبدو أنه لم يكن هناك تنسيق مطلقا بما يرجّح سيناريو الاستغلال السياسي". وشدد على أن شعبية السيسي داخليا وإقليميا ودوليا تنهار بشكل كبير، لأن الملف الفلسطيني والتطبيع مع الكيان الصهيوني، خط أحمر بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية، بما يقزم دور مصر على كل المستويات.

دلالات