ضياع عربي في مجلس الأمن

25 ديسمبر 2016

قرار مجلس الأمن: الاستيطان الإسرائيلي غير قانوني (23/12/2016/Getty)

+ الخط -
كان من المفترض أن يتقدم العرب والفلسطينيون إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في إبريل/ نيسان الماضي، ولكن التدخل الفرنسي، والوعد بعقد مؤتمر دولي في باريس يخص القضية الفلسطينية حال دون ذلك، وتمّ تحديد شهر سبتمبر/ أيلول من العام الجاري موعداً جديداً للتقدم بالمشروع إلى مجلس الأمن، ولكن هذا الموعد تم تأجيله مرة أخرى، بناءً على طلب من إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، التي وعدت الفلسطينيين خيراً فور انتهاء الانتخابات الأميركية.
ولأجل ذلك، سافر كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، ومدير جهاز المخابرات العامة، ماجد فرج، منتصف الشهر الجاري إلى أميركا، والتقيا مع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أنّ مهمة الوفد كانت محاولة إقناع إدارة أوباما بعدم استخدام "الفيتو" ضد مشروع قرار تنوي السلطة تقديمه لدى مجلس الأمن ضد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة.
وجاءت زيارة الوفد الفلسطيني بدعوة من إدارة أوباما، ما يرجح القول إنّ الوفد الفلسطيني أخذ وعداً من كيري بعدم استخدام حق النقض ضد مشروع قرار إدانة الاستيطان الذي سيقدم إلى مجلس الأمن، وهذا الذي يرجح أنّ اجتماع لجنة إنهاء الاحتلال في جامعة الدول العربية قد اتخذت قرارها بالتوجه إلى مجلس الأمن، بناءً على طلب من الخارجية الفلسطينية، على أن تتقدم مصر بمشروع القرار إلى مجلس الأمن. فما الذي جرى؟ وكيف انقلب الموقف المصري على نفسه؟ ولماذا خاب مسعى العرب؟
يجيب وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي "طالب السفير الفلسطيني، رياض منصور، في حديثه أمام مجلس السفراء العرب الدعم والحفاظ على الموعد، والتصويت على مشروع القرار بالإيجاب، إلا أنّ الجانب المصري أصرّ على أنّ القرار بيد اللجنة الرباعية العربية، التي كان من المفترض أن تجتمع، اليوم الساعة الثامنة مساء، لكنها أجلت الموعد". فلماذا أجلت مصر موعد التصويت على المشروع، ولماذا أصرّت على أنّ القرار في يد اللجنة الرباعية، وأين مصلحة مصر وأين مصالح العرب والفلسطينيين؟
أجابت إذاعة الجيش الإسرائيلي على الأسئلة، حين ذكرت أنّ اتصالاتٍ مكثفة جرت، بعد تأكد تل أبيب أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أبلغ المسؤولين الفلسطينيين، صائب عريقات وماجد فرج، نية واشنطن عدم استخدام حق النقض ضد مشروع القرار المصري المندّد بالاستيطان.
وقد أفادت الأخبار بأنّ الاتصالات قد تمّت بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي الذي لم يتول بعد سلطاته، دونالد ترامب، مباشرة، وأنّ الطلب المصري تأجيل التصويت جاء بناءً على وعد من الأخير بالعمل على حلّ القضية الفلسطينية. وتفيد أخبار بأنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اتصل مباشرة بالسيسي، وأبلغه بوقف التنسيق الأمني بين البلدين في حالة التصويت على مشروع قرار يدين الاستيطان.
مهما كانت الضغوط، ومها كانت المبرّرات، فإنّ النتيجة تأجيل التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يدين الاستيطان، وهو تأجيل يؤكد أنّ العرب لا يمتلكون إرادة مواجهة التمدّد الاستيطاني في الميدان، ولا يقدرون على مواجهته في المحافل الدولية. ولما كان الشيء بالشيء يذكر، فإنّ تأجيل التصويت على مشروع قرار إدانة الاستيطان سنة 2016 يرجع بنا إلى تأجيل التصويت على مشروع قرار غولدستون الذي يدين إسرائيل بالمجازر في قطاع غزة سنة 2009، وهذا ما أكّدته لجنة تحقيق شكلتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتوّصلت إلى أنّ الرئيس محمود عباس هو من أصدر الأمر للسفير الفلسطيني في جنيف، إبراهيم خريشة، بطلب تأجيل التصويت على تقرير غولدستون، من دون مشاورة أحد.
ويؤكد طلب مصر تأجيل التصويت المضمون على قرار يدين الاستيطان سنة 2016، وقبله طلب الرئاسة الفلسطينية تأجيل التصويت المضمون على تقرير غولدستون سنة 2009 يؤكدان على قوة النفوذ الإسرائيلي وسطوته على القرارين، العربي والفلسطيني، وهذا يحث الشعوب العربية، ومنها الفلسطيني، على البحث عن حلول إبداعية للقضية الفلسطينية، لا تجعل من مستقبل الشعب الفلسطيني والشعب العربي رهينة للضغوط الدولية والمصالح الشخصية.
3763454C-747B-4CCA-A235-BC13D7519813
3763454C-747B-4CCA-A235-BC13D7519813
فايز أبو شمالة
كاتب وسياسي فلسطيني يقيم في قطاع غزة، عشر سنوات في السجون الإسرائيلية، دكتوراه في الأدب المقارن بين الشعر العربي والشعر العبري.
فايز أبو شمالة