مشروع قرار تجميد الاستيطان: استعدادات فلسطينية لمواجهة الفيتو

22 ديسمبر 2016
ترجيح لـ"فيتو" أميركي في مواجهة مشروع القرار(أليكس يونغ/Getty)
+ الخط -

يقف الفلسطينيون أمام تحدّي تمرير مشروع قرار ضد الاستيطان الإسرائيلي ولإنهاء الاحتلال في مجلس الأمن الدولي، عند الساعة الثامنة من مساء اليوم الخميس، حسب توقيت غرينتش، وسط توقعات كبيرة بأن حق النقض (الفيتو) الأميركي سيكون بالمرصاد لإجهاض مشروع القرار.

وتستبعد القيادة الفلسطينية أن تسمح الإدارة الأميركية، في أيامها الأخيرة، بتمرير مشروع القرار، الذي تقدّمت به مصر نيابة عن فلسطين والمجموعة العربية، في مجلس الأمن، خصوصاً أن أياما قليلة تفصل عن تسلّم الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، مهامه، ومع ذلك قامت بكل الخطوات اللازمة، بدءا من وضع مشروع القرار ومناقشته عبر اللجنة الرباعية العربية، والقيام بمشاورات في نيويورك، بالإضافة إلى الاستجابة لبعض التعديلات التي طلبت بريطانيا إدخالها على مسودة المشروع قبل نحو شهر.

وفي هذا السياق، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد المجدلاني، لـ"العربي الجديد": "ربما يكون الموقف الأميركي هو الموقف المعتاد بالوقوف إلى جانب إسرائيل، عبر استخدام "الفيتو". وفي حال حصل هذا، من الممكن تقديم مشروع القرار، مرة أخرى، في عهد الإدارة الأميركية المقبلة".



وأكد أنه "حتى يمرّ مشروع القرار في مجلس الأمن نحن بحاجة إلى تسعة أصوات، والمعطيات المتوفرة تشير إلى توفر 13 صوتا"، مشيراً إلى أنّ "القيادة الفلسطينية واللجنة الرباعية العربية تصرّان على متابعة تقديم مشروع قرار ضد الاستيطان، ووضع الإدارة الأميركية الحالية أمام مسؤولياتها حتى آخر يوم من ولايتها. وفي حال واجهت المشروع بـ"الفيتو فإن هذا سيبقى عارا في سجلها".

ولم يستبعد المتحدث، أن يتم تقديم الطلب مرة ثانية، مطلع العام المقبل، "لا سيما أن هناك تغييرات ستطرأ على تركيبة أعضاء مجلس الأمن"، كاشفاً أن "المعطيات المتوفرة لدى الدبلوماسية الفلسطينية تشير إلى أن هناك أغلبية مريحة من قبل أعضاء مجلس الأمن، وهناك أصوات أكثر من المقررة قانونياً لتمرير القرار أمام مجلس الأمن". وأضاف أنّ "التقديرات تشير إلى أن الأطراف الأخرى دائمة العضوية لن يكون لديها أي اعتراض، لكن تبقى المرحلة الأخيرة، وهي ضمان تصويت الولايات المتحدة الأميركية، التي درجت على شلّ عمل مجلس الأمن في كل ما يتعلق بالفلسطينيين، عبر تقديم الغطاء السياسي والدبلوماسي لإسرائيل".

وعما إذا كان الفلسطينيون قد توصلوا إلى تفاهم مع إدارة الرئيس باراك أوباما في الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد فلسطيني، قبل نحو عشرة أيام، فيما يتعلق بتمرير مشروع القرار في مجلس الأمن، أجاب المجدلاني "الوفد الفلسطيني لم يستطع التوصل إلى موقف نهائي أميركي بشأن هذا الأمر".

وكان سفير دولة فلسطين لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، جمال الشوبكي، قد صرّح، حسب الوكالة الرسمية الفلسطينية (وفا)، الاثنين الماضي، بأن "اللجنة الوزارية الرباعية المعنية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي تجتمع في إطار تكليفها من القمة العربية". كما لفت إلى أنها عقدت من قبل سلسلة من الاجتماعات التي طالبت بـ"التوجه إلى مجلس الأمن من أجل استصدار قرار بشجب الاستيطان، وبضرورة وقفه، وأيضا المطالبة بإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني، وصولا إلى حل الدولتين".

وأكدت مصادر رفيعة لـ"العربي الجديد أنّ مشروع القرار ضد الاستيطان قد تم تعطيل تمريره أمام مجلس الأمن على مدار عام 2016 كاملا، لعدة أسباب، أبرزها إعطاء المجال لإنجاح المبادرة الفرنسية، والتي تأجّل المؤتمر الذي دعت إليه إلى مطلع العام المقبل 2017، والطلب الأميركي من الفلسطينيين عدم تقديم المشروع ليتسنى للإدارة الأميركية الضغط على حكومة الاحتلال بشكل مباشر، فضلا عن تدخلات الرباعية الأوروبية. كما تعطل بسبب طلب التأجيل من بعض الأطراف العربية، "ما أدى إلى تدهور الوضع ميدانيا، واستشراء الاستيطان بشكل كبير"، بحسب المصادر ذاتها.   


وكانت اللجنة الرباعية العربية قد اجتمعت، الإثنين الماضي، برئاسة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ومشاركة وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، ووزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، وسفير المغرب لدى مصر ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، أحمد التازي، والأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، ووضعت اللمسات الأخيرة على مشروع القرار الذي ستقدمه مصر بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن.

بدوره، قال نائب مساعد وزير الخارجية للقطاع المتعدد الأطراف، السفير عمار حجازي، لـ"العربي الجديد"، إن "حجم المشاورات التي قمنا بها يكفي لتمرير مشروع القرار في مجلس الأمن، ومستندين في هذا القرار على المواقف الدولية والقانون الدولي، لاسيما أن هناك إجماعا دوليا، حتى من الدول القريبة لإسرائيل، ضد الاستيطان، والكل يستشعر ما تقوم به من تسريع للاستيطان، وتجاوز لكل الحدود، بما فيها الملكية الفردية والبؤر الاستيطانية".

وحول موقف الولايات المتحدة الأميركية، قال حجازي "لا يوجد لدينا أي إشارة في أي اتجاه، لكن متحدثي البيت الأبيض عادة ما يدينون الاستيطان، لذلك من المنطق أن تصوت الولايات المتحدة لتمرير القرار، لكن يبقى الموقف الأميركي رافضا لفتح أي نقاش داخل مجلس الأمن يخص الفلسطينيين، كما يرفض التعاطي معه، بل ويقوّضه".

وحسب المصادر المتطابقة التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المشروع الذي يجري التخطيط لتقديمه اليوم مشابه لجميع المشاريع السابقة حول الاستيطان، مع إضافة بعض البنود، وأهمها "عمليات القتل التي يقوم بها جيش الاحتلال، وبند إرهاب مليشيات المستوطنين المسلحة التي تقوم بالاعتداء على المواطنين وقتلهم وحرقهم، واعتبار ذلك من جرائم الحرب"، فضلا عن مطالبة الدول بـ"عدم تقديم أي مساعدة من شأنها أن تساهم في توسيع الاستيطان، مثل البضائع، وهذا من العناصر الجديدة، وكذلك المطالبة برقابة مجلس الأمن على الاستيطان".