ويصل إلى القاهرة، اليوم الإثنين، وفدٌ من المجلس الأعلى للدولة بليبيا، برئاسة النائب الأول ناجي مختار، تلبيةً لدعوةٍ مصرية، من أجل مناقشة مساعي مجلس الدولة مع "النواب" الليبي، لتغيير المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج.
وبحسب مصدرٍ مقرب من المجلس الأعلى الليبي، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن الوفد سيسلم رسالة رسمية موجهةً إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، تتضمن رأيه النهائي بشأن إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، لافتاً إلى أن مجلس الدولة قد يتجه للتراجع عن تأييده مساعي تغيير السلطة التنفيذية في ليبيا.
وكان عقيلة صالح قد حثّ، خلال لقاء له السبت الماضي، لجنتي الحوار عن مجلسي النواب والدولة، على المسارعة في البدء بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد إقرار مجلس النواب تعديل بنود في الاتفاق السياسي تتعلق بالسلطة التنفيذية، وتقضي بتقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي من تسعة إلى رئيسٍ ونائبين.
وكشف مصدر برلماني من طبرق لـ"العربي الجديد"، عن جهودٍ مصرية حثيثة لثني عقيلة صالح عن مساعيه لتغيير المجلس الرئاسي. وقال المصدر إن "القاهرة عبرت عن تشجيعها التقاربَ بين مجلسي الدولة والنواب، لكنها لا تؤيد مساعيهما لتغيير المجلس الرئاسي، وترى ضرورة الإبقاء عليه"، موضحاً أن القاهرة غير راضية عن قرارات مجلس النواب أخيراً، لا سيما المتعلقة بإقرار قانون الاستفتاء، المفضي إلى طرح الدستور على الشعب للاستفتاء عليه.
وأضاف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن "أطرافاً دولية وإقليمية، من بينها روسيا ومصر والأردن وإيطاليا، سعت لخلق حالة من التقارب في وجهات النظر بين السراج وحفتر، وهي ترى في التقارب بين مجلسي الدولة والنواب عرقلة لجهودها، أما مصر القريبة من رئيس مجلس النواب، فاضطلعت بدور الوساطة بين حفتر وصالح، ولذلك وجهت دعوة لمجلس الدولة لتتعرف إلى رأيه عن قرب، لا سيما أن الأخير لم يعلن موقفه من القرارات الأخيرة لمجلس النواب بشأن قانون الاستفتاء وقانونية جلسة التعديل الدستوري الخاصة بإعادة تشكيل الحكومة والمجلس الرئاسي".
وتابع المصدر أن "القاهرة تحديداً تعلم جيداً أن حفتر فقد الكثير من مؤيديه في الشرق الليبي، لكن سيطرته على الأرض هي التي تفرضه رقماً في معادلة التفاهمات والتقارب، إلى جانب السراج الذي يحظى بدعم دولي واسع"، لافتاً إلى أن القاهرة تدرك أن ورقتها الرابحة في ليبيا هي حفتر، بخلاف مجلس النواب المهدد بالخروج من المشهد في أول جلسة للملتقى الوطني الجامع، مطلع العام المقبل.
وحول تفاصيل الجهود المصرية الحالية، رأى المصدر أن "القاهرة يبدو أنها توصلت إلى نتيجة مفادها أن فاعلين في مجلسي النواب والدولة يسعون للبقاء في المشهد، من خلال ترشحهم لعضوية المجلس الرئاسي الجديد، أو من خلال حقائب وزارية في الحكومة الجديدة التي يسعون لتشكيلها، من خلال صلاحياتهم الدستورية المتمثلة في كونهم من سيعطي الثقة للمجلس الرئاسي الجديد وحكومته".
وشدد على أن "القاهرة تسعى لاختراق في جدار الأزمة الجديدة وضمان وجود هذه الشخصيات في المشهد، عبر أي مركز، لا سيما عقيلة صالح رئيس مجلس النواب"، لكنها لن تفرط في حفتر، كما أنها تدرك جيداً أن بقاءه رهن بتوليه منصباً عسكرياً رفيعاً بالشراكة مع السراج المدعوم دولياً، والذي هو الآخر لن تفرط فيه أطراف دولية تدعمه بقوة.
وبحسب المصدر، فإن القاهرة "لا تزال تتمسك بدورها في جهود توحيد المؤسسة العسكرية وقدرتها على إقناع الأطراف المسلحة الخاضعة لسلطة حفتر والسراج في البلاد، بخلاف المسارات السياسية الأخرى، التي لا تشارك فيها إلا بالقدر الذي يخدم هدفها في الحفاظ على حفتر".وساطة الأردن
إلى ذلك، كشف البرلماني الليبي عن لقاء جمع مقربين من حفتر والسراج، يوم أمس، في العاصمة الأردنية عمان، ناقشوا خلاله تفاهمات بشأن ضرورة إجراء الانتخابات على أساس قانون انتخابي وتأجيل الاستفتاء على الدستور، مؤكداً مغادرة حفتر عمان قبل لحظات من وصول السراج، مساء أول من أمس، إلى الأردن، رغم تواتر الأنباء عن إمكانية لقاء كان سيجمع الرجلين في عمان برعاية أردنية.
رغم ذلك، قال المصدر إن "الرجلين لا يبدوان على اختلاف في المرحلة الحالية، فكلاهما متفق على إجراء الانتخابات وفق قانون انتخابي، لكن المعضلة باتت في مسار مجلسي الدولة والنواب لقطع طريق التقارب بين السراج وحفتر".
ولاحقاً، نفى السراج، رسمياً، لقاءه اللواء المتقاعد في العاصمة الأردنية، التي اختتم اليوم زيارة رسمية لها استمرت أياماً عدة، وأجرى خلالها مباحثات مع العاهل الأردني عبد الله الثاني. كما التقى السراج خلال الزيارة التي رافقه فيها وفد ضم عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين، مع رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز.
وقال السراج، في تصريحات لقناة المملكة الرسمية، إن آخر لقاء جمعه بحفتر كان في مؤتمر باليرمو في إيطاليا، مؤكداً أنهما لم يلتقيا في عمان.
وأكد السراج أنه لا بديل من التوافق، ولقاء جميع الأطراف الليبية، مشيراً إلى أن طاولة الحوار هي المكان المناسب لإجراء النقاش وطرح أوجه الخلاف والاتفاق بين الأطراف الليبية.